المثلية في لبنان لم تعد جريمة بعد اليوم
عاد الجدل في لبنان حول ما يعرف بـ”مجتمع الميم” أو المثليين جنسيا، لا سيما بعد الحكم الذي أصدرته قبل أيام قليلة محكمة الاستئناف الجزائية في جبل لبنان، وينص على براءة تسعة أشخاص من المثليين والمتحولين جنسيا، وإبطال التعقبات بحقهم لناحية المادة 534 كون الأفعال المدعى بها تشكل ممارسة لحقوقهم الأساسية دون تجاوز.
وقد لقي القرار ترحيب الجمعيات والناشطين في مجال حقوق المثليين في لبنان، في وقت أثار فيه القرار تساؤلات قانونية لا سيما وأن المادة 534 من قانون العقوبات اللبناني تنص على أن العلاقات الجنسية “المنافية للطبيعة” غير مشروعة، وتفرض على ممارسيها عقوبة بالسجن قد تصل إلى عام.
وحول هذه القضية يقول الخبير القانوني ورئيس مؤسسة “Justicia” الدكتور بول مرقص لـ”سبوتنيك”: “إن المثلية ليست بحد ذاتها في القانون جرماً، لأن المادة 534 من قانون العقوبات تجرم على الجماع بخلاف الطبيعة ولا تنص بوضوح على المثلية لكن ذلك لا يعني أن المثلية مشرعة، فالأمر متروك الى القضاء الذي يعود إليه النظر عما إذا كانت هذه الحالة تشكل جرما وفقا لمعايير متطورة تبعا لتطور النظام العام الأخلاقي في المجتمع، حيث أن القضاء اليوم يتجه الى اعتبار أن هذا الفعل إذا حصل بشكل متستر وغير علني ودون وجود حالة جماع مع قاصر بحيث أن الأمر لم يظهر الى العلن على نحو يمس بالأخلاق العامة فإنه يعتبر من باب الخصوصية الشخصية التي أصبحت القوانين الدولية اليوم تتعاطى معها بتساهل، ومنها ما صدر أخيرا عن مجلس حقوق الإنسان من أنه يجب أن لا يحصل تمييز وفق ميول الشخص الجنسية، لكن ما شرحته عن القضاء اللبناني، خصوصا مع صدور قرار عن محكمة الاستئناف أي أنها محكمة عليا وهذا القرار سيسترشد به دون شك القضاة في المحاكم أو القضاة الابتدائيين، لا يعني تفلتا في المجتمع اللبناني من حيث الإباحة العلنية للمثلية الجنسية وترك هذا الأمر يحصل على نحو علني”.
وحول إمكانية وصول هذا التساهل في الأحكام القضائية إلى حد القبول بزواج المثليين في لبنان، يقول مرقص: “الأمر لا يصل إلى حدود الاعتراف بالمثلية الجنسية أو تشريع الزواج بين المثليين في لبنان، لكنه تطور قضائي اجتهادي وليس على النص، لأن النصوص ما زالت غير معدلة منذ العام 1943 أي منذ وضع قانون العقوبات اللبناني، فهذه النصوص ومن ضمنها نص المادة 534 التي تحظر الجماع خلافا للطبيعة وتجرمه بالحبس لغاية سنة ما زالت قائمة في التشريع اللبناني، لكن التساهل هو من جانب القضاء اللبناني حيث ذهب بعض القضاة الابتدائيين هذا المذهب التساهلي وكرس ذلك قرار محكمة الاستئناف الصادر منذ أيام قليلة، لكن الأمر لا يعدو كونه تفسيرا اجتهاديا متوسعا ولا يصل الى حدود تعديل النص، وليس في الأفق مطلقا أي منحى رسمي لتشريع زواج المثليين جنسيا”.