أين ستكون وجهة الجيش السوري بعد تحرير الجنوب؟
علي حسن
أثمرت المفاوضات مع المسلحين في القنيطرة التوصل إلى اتفاق تسوية يطابق ما جرى في أرياف درعا ويتيح للجيش السوري دخول المنطقة مع إنهاء ترحيل المسلحين الرافضين للتسوية وتسليم أسلحتهم الثقيلة والمتوسطة. فأين ستكون وجهة الجيش السوري بعد تحرير الجنوب؟
الخبير الاستراتيجي العميد تركي الحسن تحدث لموقع “العهد” الإخباري بشكل موسّع حول مجريات الجنوب السوري وما بعده، وقال إنّ “هذه المرحلة التي تعيشها سوريا هي مرحلة اجتثاث الإرهاب، وخصوصاً في محافظتي القنيطرة ودرعا، وهذا المشهد يُذكّر بما حدث في جنوب لبنان عام 2000 حين استطاعات المقاومة الإسلامية تحرير الجنوب اللبناني بالكامل، فسقوط الإرهاب في جنوب سوريا اليوم كما سقوط جيش لحد في جنوب لبنان، هو سقوط لعدو واحد و أدواته واحدة”، وأضاف إنّ “الجيش السوري استطاع تحقيق إنجازات كبيرة بشكل سريع جداً، و التحضير الكبير من قبله لهذه العملية خلق ظروف المصالحة والتسوية حيث انتفضت بلدات أرياف درعا والقنيطرة على الإرهاب ولم يحتاج الجيش السوري لعمليات واسعة رغم جاهزيته الكبيرة لها ولمداها الطويل حتى وإن وصلت لحد الاصطدام مع العدو الصهيوني، و بنفس الوقت كان هناك حراك سياسي وتحول في المناخ الدولي كما حدث مع بدء عمليات استعادة الغوطة الشرقية حين عجزت أمريكا عن توفير الحماية السياسية للجماعات الإرهابية بالإضافة إلى فشلها عسكرياً في تأمين الدعم لهم مقابل صلابة الموقف السوري والروسي”.
لم يعد العدو الصهيوني قادراً على رسم الخطوط الحمر
وأشار تركي الحسن إلى أنّ “كل ما جرى في سوريا من أعمال إرهابية يصب في خدمة العدو الصهيوني؛ وأهداف العدوان الصهيوني و الغربي سقطت قبل القضاء على الإرهاب في سوريا، وقبل ثلاثة أسابيع خرج وزير حرب العدو الصهيوني أفيغدور ليبرمان وقال أنه إذا دخل الجيش السوري منطقة العزل فسنستهدفه وسنضرب قواته، أين هو من هذا الكلام اليوم، والآن سنرى نتنياهو يطالب بعودة مفاعيل اتفاق فصل القوات عام 1974 ولكن الدولة السورية أصبحت شيئاً آخر عما قبل ولم يعد العدو الصهيوني قادراً على رسم الخطوط الحمر”.
المناخ الدولي تبدل، وبعد إنجاز الجيش السوري لمهمته في الجنوب السوري المتمثلة بتطهيره من الجماعات الإرهابية ستذهب الدولة السورية باتجاه التموضع على حدود خط فض الاشتباك ورفع العلم السوري في سماء المنطقة، بحسب حديث ضيفنا الذي أكد أنّ ” تهديدات العدو الصهيوني كما تهديدات أمريكا حين كان الجيش السوري يجهز لمعركة الجنوب، بمعنى أنّ التصريحات الأمريكية الخارجة من البنتاغون وسائر الإدراة الأمريكية كانت في البداية تهديداً ثم تحولت لإنذار ثم تنبيه وانتهت بالتخلي الكلي عن المسلحين، و أول من بدأ بهذا التغيير الدولي هو الأردن الذي انتقل من دور الدولة المشاركة في استهداف سوريا من غرفة الموك إلى دولة تساهم في الحل أي كان. الأردن وسيط في مفاوضات الجانبين السوري والروسي مع فصائل درعا، وتغير الموقف الأردني هذا يعني انتهاء مفعول غرفة الموك لأنها على أراضيها”.
إخراج المسلحين من القنيطرة اليوم هو آخر تدفق مسلح نحو الشمال
إخراج المسلحين من القنيطرة اليوم هو آخر تدفق مسلح نحو الشمال، فلم يعد هناك مناطق أخرى يمكن أن يخرج منها المسلحون نحو ادلب، وركائز السياسة السورية بالمجمل في استعادة المناطق ثلاث، أولها العمل العسكري وهو سبب الدفع نحو إنجاز التسويات، وثانيها التسويات والمصالحات الكاملة وقد ساهمت بتحرير جغرافية سورية كاملة، والعمل الثالث هو السياسي الدبلوماسي في جنيف وأستانة و غيرهما، وهناك عامل رابع قد ظهر مجدداً في الجنوب هو الانتفاضات الشعبية ضد المسلحين فالمدن والبلدات تنتفض على الإرهابيين و تطردهم وتطلب من الجيش السوري الدخول حسب حديث الحسن الذي أكد لـ”العهد” الإخباري أنّ “أهل ادلب الشرفاء ينتظرون هذه الساعة وأهالي مناطق الشرق أيضاً وبالتالي احتمال حدوث معارك كبيرة في ادلب هو احتمال ضعيف بالرغم من الأعداد الكبيرة من المسلحين التي رحلت إليها”.
وتابع “الجيش السوري سيحضر لهذه العملية جيداً كما فعل في الجنوب، وربما يتكرر مشهد الجنوب في ادلب، فعندما ينتهي الجيش من القنيطرة سيتجه باتجاه الشمال والشرق، القيادة العسكرية ستقرر أيهما الأولى، مع الإشارة إلى أن تعامل الدولة السورية مع الشرق سيكون مختلفاً عن تعاملها مع الشمال وتغير المناخ الدولي وانتقال موقف أمريكا هبوطاً من التهديد إلى التخلي في الجنوب سيتكرر في الشمال، بمعنى أن تخلي أمريكا عن المسلحين لا يكون تخلياً عن جانب واحد منهم أو مجموعة واحدة بل هو تخلٍّ كلي وكامل عنهم في سوريا، وهذا ما حدث في الجنوب المنطقة الأهم بالنسبة لأمريكا لقربها من الكيان الإسرائيلي وبالتالي ستتخلى عنهم في الشمال أيضاَ و وجود العامل التركي لن يشكل حلاً لهم”.
وأشار إلى أنّ “هذا التخلي الأمريكي لا يعني أن واشنطن ضعيفة بل هي قوية لكنها غير قادرة على فعل شيء فترامب مثقل بالمشاكل الداخلية والخارجية وموقفه عاجز عن المواجهة في سوريا والانسحاب الأمريكي من سوريا سيكون من بوادر تغير المناخ الدولي الذي سيطوي صفحة الإرهاب فمحور المقاومة مصمم على استعادة كل الجغرافيا السورية مهما كانت التضحيات”.
العهد