ماذا بعد «الخوذ البيضاء»؟
| عمار عبد الغني
عندما تتدخل كبرى دول الغرب لإخلاء عناصر ما تسمى منظمة «الخوذ البيضاء» بالتعاون مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، فهذا يضيف دليلاً جديداً على حجم الاستهداف الذي تعرضت له سورية، وأن ظهور هذه «المنظمة» في عام 2013 كان ضمن المخطط المرسوم بعناية فائقة للتدخل العسكري الخارجي المباشر كمقدمة لإسقاط سورية وتفتيتها وإلحاقها بما يطلق عليه معسكر «الاعتدال».
وعندما يناقش الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع حلفائه في «الناتو» كيفية إخلاء هؤلاء فهذا يعني أنهم لم يأتوا بأية خطوة على الأراضي السورية إلا بإيعاز من واشنطن وأن استخدام الأسلحة الكيميائية في عدة مناطق بدءاً من الغوطة الشرقية مروراً بخان شيخون وحلب والتي صورت بكاميرات «الخوذ البيضاء» وعلى أساسها عقدت عشرات الجلسات في مجلس الأمن، وبناء عليها تم العدوان الثلاثي الأميركي البريطاني الفرنسي، في منتصف نيسان الماضي كان بالمجمل لمساعدة الوكلاء في الحرب والمتمثل بالتنظيمات الإرهابية، وبالتالي فإن إرهابهم لا يقل عن إجرام الإرهابيين بل إن ذلك يحملهم مسؤولية أكبر، فهم من يدعون أنهم حماة الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمدافعون عن حق الإنسان في الحياة، بينما تؤكد جرائمهم وخاصة بحق أطفال سورية الذين تحولوا على يد «الخوذ البيضاء» إلى مادة استهلاكية يجربون عليهم الأسلحة الكيميائية وفي ذات الوقت يستخدمونهم ذريعة لقتل المدنيين واستهداف الجيش العربي السوري، فعن أي عدالة وحقوق يتحدثون وهم من تسببوا بقتل وتشريد مئات الآلاف من السوريين؟!
بعد كل ما تكشف من حقائق، يمكن القول: إن الغرب تعامل مع السوريين بشريعة الغاب بالتواطؤ مع كبرى المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة التي من المفترض أنها تدافع عن الشعوب المظلومة، على حين أن تعاملها مع سورية كان بصورة مقلوبة تماماً، فهي اعتمدت على تقارير إرهابيي «الخوذ البيضاء» لتشديد العقوبات على سورية ولولا «الفيتو الروسي» الذي استخدم لثماني مرات وصمود سورية شعباً وجيشاً وقيادة، لكانت اليوم كأفغانستان وليبيا من خلال «الناتو» وبتشريع من مجلس الأمن، وهذا هو بالضبط عالم اليوم وهذا هو مصير كل الدول التي تناهض السياسات الأميركية وتقاوم العدو الإسرائيلي، وبالتالي فإن مجمل ما حصل في سورية وما قامت به دبلوماسيتها من حراك في المحافل الدولية وإستراتيجية الجيش في مواجهة كل فصول المؤامرة، كان بالفعل عين الصواب طالما أن الجميع وقف ضدها ولم يكن أمامها من خيار سوى المواجهة والصمود وهذا ما أفضى إلى تحقيق الانتصار المبين على الإرهاب وداعميه ومموليه، والأهم توضيح المشهد للرأي العام العالمي عن كيفية إدارة أميركا وحلفائها للصراعات حول العالم وهذا ما بدأنا نتلمسه على أرض الواقع الآن.
انكشاف حقيقة «الخوذ البيضاء» لم يكن الأول من نوعه ولن يكون الأخير وما خفي أعظم ونتساءل ماذا بعد الخوذ البيضاء؟ فالجرائم التي ارتكبت بحق الشعب السوري كثيرة وجاءت كلها ضمن المخطط المرسوم لترهيب هذا الشعب ليتخلى عن أرضه ويسلم بحكم الأمر الواقع، لكن النتيجة كانت على عكس ما يشتهون فالشعب صمد، والجيش استبسل في المواجهة، والقيادة السياسية تعاملت بحكمة مع كل مرحلة من مراحل الاستهداف ولابد أن الأيام والأشهر القادمة حبلى بالمفاجآت، وبالتالي فإن ما تكشف حتى اليوم من حقائق يؤكد ضرورة تشكيل تحالفات جديدة تفضي إلى عالم متعدد الأقطاب يعيد التوازن للقرار العالمي ويعيد النظر في المنظمات الدولية التي باتت بهذا الشكل الذي عليه الآن عبئاً على الإنسانية.
الوطن