بين هواتف أبل وجوجل ومايكروسوفت الذكية.. من الأكثر ذكاءً؟!
جمال النشار
في أوائل العقد الثاني بعد الألفية الثانية بدأت شركات الإلكترونيات تتبارى في صنع أفضل منتج إلكتروني متطور، بداية من الهواتف الذكية واللوحية، وحتى الحواسيب الشخصية، وكان واحدًا من أكثر العناصر التي تسابقت الشركات الرائدة في هذا المجال لإضافتها هي برامج الذكاء الاصطناعي الناطقة، أو ما يطلق عليه اليوم «مساعد الذكاء الاصطناعي الشخصي».
ولعل الكثير منا يذكر أولى المحاولات الجادة في هذا المجال من قبل «أبل» في هواتف آيفون والذي اشتهر باسم «سيري» والذي أطلقته في أبريل (نيسان) عام 2011، بعدها صارت المنافسة أكثر قوة لصنع المساعد الافتراضي الذكي الأمثل؛ الآن ونحن على وشك الانتهاء من العقد الثاني للألفينات، قررت العديد من المنصات الإعلامية المتخصصة في مجال التكنولوجيا أن تقارن بين برامج الذكاء الاصطناعي الحالية للإجابة عن سؤال صار من الضروري أن يطرح؛ ألا وهو من الأفضل أداءً حتى الآن بين المساعدين الأكثر انتشارًا بين المستخدمين وهم «سيري» مساعد أبل، و«مساعد جوجل»، و«كورتانا» مساعد مايكروسوفت، وغيرهم.
التمييز الصوتي.. المفتاح الأول
في تجارب الأداء لخاصية التمييز الصوتي أو ما يعرف بالأوامر الصوتية Voice recognition أجرى فريق عمل موقع «بيزنس نيوز دايلي» تجارب على «سيري» مساعد آبل والذي ميّز العديد من الأسئلة بنجاح في غرفة مغلقة خالية من الضوضاء، فيما عدا بعض الأسئلة التي احتوت على كلمات ذات معانٍ مزدوجة لم يفهمها برنامج سيري مثل: ماذا سيكون التاريخ بعد أربعة أسابيع؟، حيث يكون نطق كلمتي four وfor واحد في اللغة الإنجليزية، بمعنيين مختلفين «أربعة» و«لأجل»؛ وعرض «سيري» التاريخ بعد أسبوع واحد فقط مما يعني أن برنامج «سيري» لم يفهم السؤال البسيط برغم وضوح كلمة «أسابيع» في السؤال.
وفي الأوامر العادية مثل «العب بعض الموسيقى» أو «اقرأ مقالًا إخباريًّا» استجاب كل من «مساعد جوجل» و«سيري» للأوامر عن قرب ودون ضوضاء في غرفة مغلقة، أما عن بُعد فلم يستجب منهما سوى «مساعد جوجل» بعدما اضطر الشخص المُجرب إلى الصياح بصوت عالٍ، وفي تجارب الأوامر الصوتية لبرنامج «أليكسا» الخاص بأمازون، البرنامج كان أداؤه في محيط خالٍ من الضوضاء مُتخبّط ولم يفهم العديد من الأوامر الهامة مثل «أوجد لي تذاكر طيران» وعرض بدلًا منها تذاكر دور عرض السينما.
وجاءت أسوأ نتائج الاستجابة للأوامر الصوتية في مختلف الظروف المحيطة لبرنامج «كورتانا» الخاص بمنتجات مايكروسوفت والذي يمكن تثبيته أيضًا على منتجات أخرى مثل أيفون وهواتف أندرويد، ولم يفهم العديد من الأوامر الصوتية البسيطة مثل «ضع تذكيرًا» و«ألغِ تلك المهمة» «أحتاج إلى مساعدة في إيجاد مطعم»
الأفضلية: تساوت برامج «سيري» و«مساعد جوجل» في الاستجابة للأوامر الصوتية مع أفضلية قليلة للأخير، بينما كانت النتيجة ضعيفة إلى محدودة لبرامج «كورتانا» و«أليكسا».
الأسئلة العامة والبحثية.. اثنان على القمة
في تجربة اختبار الأداء أجراها موقع «بيزنس إنسايدر» على «سيري» و«مساعد جوجل» و«أليكسا» مساعد أمازون، من خلال سؤال كل برنامج عدة أسئلة ومقارنة الردود الآتية من كل برنامج، كان أهم تلك الأسئلة تلك المحددة بمعلومة بعينها مثل: «كم تتكلف سيارة تسلا من الطراز الثالث»؟ فجاءت الإجابات كالتالي:
«سيري»: هذا ما وجدته على الإنترنت لسؤال كم تتكلف سيارة تسلا من الطراز الثالث، وعرضت نتائج محرك البحث.
«أليكسا»: قمة نتائج البحث عن تسلا من الطراز الثالث هي أطقم فرش الأرضيات لتسلا من الطراز الثالث، ثم عرض البرنامج خصمًا خاصًّا على شراء الجهاز المستقل الخاص بأليكسا وعرضًا لشرائه.
«مساعد جوجل»: نطق «سعر سيارة تسلا من الطراز الثالث يبدأ من 35 ألف دولار».
الواضح أن أفضل نتيجة نهائية للإجابة على سؤال مباشر عن ثمن منتج ما جاءت منطوقة مباشرة من «مساعد جوجل»، بينما انعكست النتائج لصالح سيري عندما سُئل: «كم ميدالية حصل عليها الفريق الأوليمبي الأمريكي في الدورة الأخيرة»، فجاءت إجابة سيري مباشرة بنتائج الأوليمبياد الشتوية لعام 2018 بينما عرضت أليكسا نتائج عن ترتيب الدول في الأوليمبياد، وموعد الدورة القادمة، وفي الأخير أجاب «مساعد جوجل»: عذرًا، لم أفهم ما تعنيه.
الأفضلية: لا تزال المنافسة بين «سيري» و«مساعد جوجل» متساوية دون أفضلية واضحة، ولا يزال برنامج «أليكسا» في مرتبة متأخرة بعدهم، وخرج من المنافسة في تلك المهمة برنامج «كورتانا» مساعد مايكروسوفت إذ لم يجيب أية إجابة مباشرة أو مفيدة عن الأسئلة البحثية.
التنظيم ومهام التذكير.. «بيكسبي» نجم جديد يحاول المنافسة
بما أن تلك المهام هي الأكثر استخدامًا من قِبل المستخدمين لبرامج المساعد الشخصي الذكي للهواتف، أجرى موقع جريدة Popular science تجارب أداء للقيام بمهام التنظيم والتذكير على الهاتف الذكي باستخدام عدة أنظمة وبرامج ذكية كانت من أهمها أمر الولوج إلى التقويم ووضع مهمة في أيام بعينها أو حجز مواعيد عمل محددة خلال الأسبوع أو الشهر أو أي فترة بعينها، وتساوت برامج «سيري» و«مساعد جوجل» و«أليكسا» في الامتثال للأوامر وحجز المواعيد بعينها بسهولة، بينما جاءت نتائج مختلفة للتذكير بشراء الحليب مثلًا، حيث طلب مساعد جوجل الموعد والمكان، وحفظ كل من «سيري» و«أليكسا» و«بيسكبي» مساعد سامسونج الجديد المُذكرة دون طلب أي تفاصيل.
بينما جاءت النتائج غير مرضية لبرنامج «أليكسا» الخاص بأمازون عند تثبيته على هواتف آبل، حيث يرفض نظام التشغيل ولوج برنامج خارجي إلى تقويم الهاتف، وجاء في مقدمة الامتثال لأوامر التقويم بكفاءة مساوية للبرامج الأخرى؛ «بيكسبي» مساعد الذكاء الاصطناعي الخاص بمنتجات سامسونج، وعندما طُلب من البرامج أن تعرض «قائمة المواعيد للأسبوع القادم» أو «إلغاء جميع مهام التقويم للأسبوع الحالي» جاءت أفضل نتيجة مُباشرة وفعالة بواسطة برنامجي «سيري» لأيفون و«بيكسبي» مساعد سامسونج، بينما عرض مساعد جوجل مهام التقويم فقط.
استنتاج أخير.. الكُل لا يزال يحبو
ربما يخطر في أذهان البعض منا اليوم أن برامج الذكاء الاصطناعي أو المُساعد الافتراضي الذكي اليوم أقرب لبرامج الذكاء الاصطناعي في أفلام وروايات الخيال العلمي، حيث تستطيع البرامج أن تتحكم في منشآت كاملة، أو تسيير حياة شخص بشكل كامل، ولكن الأمر في الحقيقة لا يزال بعيدًا عن تلك التصورات بشكل كبير، بينما يمكن للكثير من المتحمسين أو الشغوفين بعالم التكنولوجيا اليوم أن يقارن بين أنواع برامج الذكاء الاصطناعي للوصول إلى الأفضل أو الأذكى؛ لكن بدون شك لا تشير الأفضلية من بينهم إلى الأفضلية المُطلقة حتى الآن.
فبحسب المقارنات التي أجرتها العديد من منصات التكنولوجيا، تتساوى تقريبًا كُل برامج الذكاء الاصطناعي الشخصية في أنها لا تزال تحبو في عالم يتطور بشكل سريع، حتى وإن اختلف بعض تلك البرامج في دقة معلوماته أو إجاباته المباشرة، فبينما يتفوق «مساعد جوجل» في أغلب المهام وخاصة الإجابات المباشرة، يلاحقه «سيري» في دقة التنظيم الشخصي، ويظهر برنامج آخر على الساحة للمنافسة مثل «بيكسبي»، ولكن الذي أكدته أغلب النتائج هو أن تلك الأنظمة لا تزال في طور التعلم والتطور.
وكالات