قطر تغازل الأسد
المحامية سندريللا مرهج
لم يكن بريئاً ما سرّبه الكاتب البريطاني روبرت فيسك في صحيفة “الاندبندنت” منذ شهرين، حول حديث للرئيس السوري بشار الأسد مع مجموعة إعلاميين في قصره الرئاسي؛ جاء فيه إعلان الأسد أن العلاقات السورية القطرية تُستأنف ولكن بتواضع.
الهدف مُزدوج. المصالح السورية والقطرية تقتضي تهيئة الرأي العام للمصالحة، هذا من جهة؛ أمّا توجيه رسالة سياسية إلى المملكة العربية السعودية وحليفتها الولايات المتحدة الأميركية، فتوقيته ضروري لكلّ من سوريا وقطر من جهة أخرى.
واضحٌ أنَّ الموقف الايراني من الحصار على قطر بدّل في بوصلتها وكذلك فعلَ الميدان السوري. العداء مع الرئيس السوري بشار الأسد لم يعد مسألة خيار أو قرار.
المصالح مع الجمهورية الاسلامية الإيرانية توجب التقارب مع المحور الإيراني-السوري-حزب الله.
الإعلام القطري بَرُدَ تجاه الملفّ السوري.
اتفاق تعاون قطري-سوري رياضي وُقِّع علناً بين الاتحادين القطري والسوري لكرة القدم في شهر أيّار المنصرم كاسراً علناً بعض الجليد .
لروسيا دور بتقريب الدولتين. على الصعيد الدبلوماسي، عُقِدت في موسكو لقاءات عدّة،على مستوى سفراء،حيث صدر أكثر من تصريح دبلوماسي غير معارض للحوار السوري القطري.
تشير المعلومات إلى أنّ قمة الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب قضت بالإتفاق على حلول للوضع في سوريا، تمرّ عبر الحسم العسكري بكلّ جوانبه المفضي الى استعادة الدولة السورية كامل أراضيها. وقف تمويل وتسليح الفصائل الإرهابية أوَّل السبل التي ذكرها الرئيس الروسي.على قطر أن ترفع غطاءها الكامل عن مجموعات عدّة أولها جبهة النصرة. هل ذُكر ذلك صراحة؟ربّما نعم بحسب بعض المعطيات. يعلم رئيسا الدولتين العظميين أنّ هذا ما يُعمل عليهمع قطر عبر خطّ حزب الله اللبناني.
لا شكّ أنّ لقطر مصالح اقتصادية مع ايران تدفعها حتى للمصالحة مع حماس الفلسطينية. ولكن، مصالحها الاقتصادية مع سوريا ثابتة أيضاً. بعضها سابق للحرب السوريّة نتيجة اتفاقيات ثنائية بين البلدين أهمها سياحية ومصرفية؛والبعض الآخر مستقبلي ينصبّ بالمشاركة في إعادةالإعمار. ولكن، الهدف ليس فقط سوريا.في المشهد الآخر، صراع المصالح الاقتصادية مع قطر يمتدّ الى ما بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا .
“جهاز قطر للإستثمار” استحوذ في العام ٢٠١٧ على المرتبة الرابعة بين أكبر المستثمرين في المباني الإدارية بالولايات المتحدة الأميركية. إنّ الجهاز المذكور وضع خططا استثمارية هناك بلغت ٣٥ مليار دولار بحلولالعام ٢٠٢٠.
أمّا مع روسيا. اشترت قطر بالشراكة مع شركة “غلينكور” حصة في شركة”روسنفت” الحكومية لإنتاج النفط بلغت قيمتها ١١ مليار دولار . حصة قطر في الشركة المذكورة ٩،٧٥٪.
المشاريع الاستثمارية لقطر في روسيا تتنامى منها ما قد يبلغ مليارات الدولارات بقطاع البناء .ذُكر في تموز من العام ٢٠١٦ ان اتفاقا روسيا-قطريا عُقِدَ. يقضي بشراء قطر نحو ٢٥٪ من مطار سان بطرسبرغ.
ما سبق يفسّر خلفية بعض الأدوار المتناقضة التي تلعبها قطر على الساحة الإقليمية، ويزيل الالتباس حول صحة مغازلتها للأسد.قطر تعلمُ جيداً مكانتها المالية بين اللاعبين الدوليينوالإقليميين. ربما لا تخطئ بالحسابات المالية ولكنها لا شكّ تخطئ بالحسابات السياسية.حتماً، ارتكبت قطر أخطاء كبيرة جدا في سوريا؛من غير الواضح كيف ومتى ستُمحى آثارها من حسابات الجانب السوري .
النشرة