دمشق الأغلى و السويداء الأرخص.. إرتفاع الإيجارات يعصف بمأوى السوريين
قد تعني بداية كل شهر جديد متنفساً للمواطن السوري، فهو اليوم الموعود الذي يتلقى فيه راتباً تعب للحصول عليه شهراً كاملاً، لكن ومع غلاء المعيشة وغلاء إيجار الشقق والمنازل يصبح مطلع كل شهر كابوسا للمواطن الذي قد يعطي فيه أكثر من نصف راتبه لمالك المنزل الذي يستأجره.
الحكومة: نتيح النهب القانوني!
قال عضو المكتب التنفيذي في محافظة دمشق فيصل سرور في تصريح سابق، إنه ليس للحكومة أي صلاحية بالتدخل بحقوق الممتلكات الخاصة وفقاً لما تنص عليه المادة «50» من الدستور التي تتضمن «الملكية الخاصة مصانة»، وبالتالي لا يحق لأي شخص أو هيئة التدخل في تسعيرة إيجارات المنازل ذات الملكية الخاصة، مشيراً إلى إمكانية التدخل بالعقود المختصة بالإيجارات، حيث حددت المحافظة الحد الأدنى لقيمة العقد بأن لا يقل عن 500 ل.س في الشهر الواحد، نتيجة تحديد المتعاقدين للتسعيرة بقيمة 100 ليرة للتهرب من الرسوم المترتبة عليهم، مع العلم أن القيمة المذكورة في هذه العقود منافية للواقع، إلا أن العقد بالتراضي بين الطرفين وبالتالي لا يمكن تغييره.
وأخضع انسحاب الدولة من التدخل في عقود الإيجار علاقات الإيجار لمبدأ العرض والطلب، الذي يتحكم به تجار العقارات والمكاتب العقارية، ووصلت قيمة بدلات الإيجار إلى أسعار خيالية يصعب على أي مواطن مهما كان دخله أن يتحملها.
ويبدو من تصريح سرور أن الجهات الحكومية متمسكة بتطبيق القانون والعدالة حرفياً، ولكن بعض العقارات التي يتم طرحها للإيجار في بعض المناطق، مثل: جرمانا والتل وركن الدين وغيرها، تعد غير صالحة للسكن حسب القانون الذي اشترط أن يكون العقار المؤجر صالحاً للسكن، فهل ستأخذ تلك الجهات ما يعجبها من القانون وتترك ما لا يروق لها؟!
استغلال وشروط تعجيزية!
عدا عن الأرقام الخيالية التي وصلت لها الإيجارات في بعض المناطق، يفرض بعض المؤجرين شروطاً على المستأجر لزيادة الأرباح، كشرط دفع تأمين يساوي أجرة شهر، إضافة لأجرة المكاتب العقارية التي تساوي قيمة الإيجار الشهري، وهذا كله يتحمله المستأجر لوحده، أي أن المستأجر يضطر لدفع أجرة شهرين لتوقيع العقد فقط عدا عن بدل الإيجار، ويشترط بعض المؤجرين أن يدفع المستأجر مقدماً لمدة 6 أشهر أو لمدة سنة كاملة في بعض الأحيان.
كما أن فوضى استغلال أزمة النزوح هذه، وفوضى وجنون ارتفاع الأسعار، جعلت مالكي العقارات والأموال يستفيدون من معاناة المهجرين والفقراء، ليزيد ثراء الأولين وفقر الأخيرين، ما يزيد الهوة الاجتماعية والطبقيّة، ويجعل القدرة على الاستمرار في الحياة تزداد صعوبة لدى الفقراء، البالغة نسبتهم نحو 80 %.
كما أن أصحاب العقارات لا يفرقون بين عامل أو مواطن بسيط يتقاضى راتباً محدوداً، وآخر من الطبقة المخملية قادر على دفع الإيجار لارتفاع راتبه.
بالرغم من ارتفاع الأسعار: إقبال كبير على الاستئجار
إن ارتفاع أسعار إيجارات المنازل لم يؤثر في إقبال السوريين على الاستئجار، وبالرغم من عودة معظم الجغرافيا السورية لسيطرة الدولة وعودة المهجرين لمناطقهم، إلا أن نسبة كبيرة من تلك المنازل لا زالت غير صالحة للسكن، وبالتالي لا زال المواطن السوري مضطراً للاستئجار والبقاء تحت رحمة المؤجرين.
وأفادت وسائل إعلام محلية بارتفاع الإيجارات خلال سنوات الحرب بمعدل 10 أضعاف في المناطق المنظمة، ووصل الارتفاع إلى 17 ضعفاً في العشوائيات، وذلك بسبب قلة العرض، حيث أن المعيار الأساسي لهذا الموضوع هو مفهوم العرض والطلب.
السماسرة: لماذا يستغرب المواطن ارتفاع الأسعار؟!
يستغرب مؤيد (سمسار عقاري) في حديثه لـ “بزنس 2 بزنس سورية” اعتراض المستأجرين الدائم على ارتفاع الأسعار، فهذا الارتفاع قد طال كل نواحي الحياة في البلاد فهل من المعقول أن يقف عند الإيجارات؟!
واعتبر مؤيد أنه خلافاً لما يشاع فإن قيمة الإيجار التي يطالب بها بعض المؤجرين تعتبر معقولة خاصة وأن أغلب تلك الشقق مرتفعة الإيجار تكون مؤثّثة تماماً وفيها كل الرفاهيات.
دمشق
تتراوح إيجارات الشقق في العاصمة دمشق ما بين 50 إلى 300 ألف وسطياً، وبحسب جولة “بزنس 2 بزنس سورية” على أبرز أحياء العاصمة لرصد أسعار الإيجارات، تبين أن مناطق المالكي وأبو رمانة وكفرسوسة والمزة نالت النصيب الأكبر في الأسعار، حيث لا يقل إيجار الشقة في تلك الأحياء عن 300 ألف ليرة.
أما أحياء المهاجرين وركن الدين والشاغور والبرامكة فقد بلغ وسطي الإيجارات حوالي 150 ألف ليرة شهرياً، وانخفض الرقم لنحو 50 إلى 75 ألف ليرة في الأحياء الشعبية، ليصل إلى 30 – 50 ألف ليرة في العشوائيات والمخالفات.
ريف دمشق
لم تكن أحياء ريف دمشق أكثر رحمة على جيب المواطن من أحياء العاصمة، ولا تقل إيجارات الشقق عن 100 ألف ليرة في أحياء قدسيا وجديدة عرطوز وصحنايا، في حين تنخفض لنحو 50 – 70 ألف ليرة شهرياً في جرمانا والكسوة ومعربا، لتصل إلى 30 ألف ليرة في أحياء يلدا وببيلا وبيت سحم بالرغم من افتقار تلك الأحياء للخدمات الأساسية كالماء والكهرباء التي لا تصل لأكثر من 6 ساعات يومياً بحسب ما أكدت مصادر محلية لـ “بزنس 2 بزنس” من سكان تلك المناطق.
وبينت مصادر أهلية لـ “بزنس 2 بزنس سورية” أن بعض المؤجرين في مناطق كجديدة عرطوز يقومون برفع الإيجار إلى الضعف إذا كان المستأجر من دير الزور، ظناً منهم أن جميع سكان دير الزور لديهم “شوالات مصاري” حسب تعبير البعض.
اللاذقية وطرطوس
تراوحت إيجارات الشقق في أحياء اللاذقية الراقية ما بين 100 إلى 150 ألف ليرة شهريا كحي الأمريكان، وذلك بحسب مصادر “بزنس 2 بزنس” في المحافظة، وينخفض السعر إلى نحو 100 ألف ليرة في حي الزراعة، في حين يصل إلى 20 ألف ليرة في الأحياء الشعبية كالرمل الفلسطيني، ولنحو 15 ألف ليرة في القرى.
أما في طرطوس فتبدأ الإيجارات من 75 ألف ليرة للأحياء الراقية كحي القصور والحمرات وشارع الثورة، وتنخفض لـ 30 – 70 ألف ليرة في الأحياء المتوسطة، وتقارب 20 ألف في الأحياء الشعبية كالصفصافة وتلة الخضر.
حلب
بينت مصادر “بزنس 2 بزنس” أن إيجارات الشقق غير المفروشة في أحياء حلب الراقية تقارب 100 ألف ليرة شهرياً كحي الموكامبو والفرقان، أما الأحياء المتوسطة كحي الميدان وشارع النيل فتراوحت الإيجارات فيها ما ببين 50 – 80 ألف ليرة، وفي الأحياء الشعبية كالسليمانية وبستان الباشا والحميدية بلغت قيمة الإيجارات نحو 40 ألف ليرة شهرياً، ولم تتجاوز الإيجارات 25 ألف ليرة شهرياً في أرياف حلب المتضررة كحي السفيرة.
حمص
أكدت مصادر “بزنس 2 بزنس” في حمص أن الإيجارات في المحافظة تعتبر منخفضة نسبياً عن باقي المحافظات لا سيما عن الأسعار في دمشق، ولا تزيد الإيجارات عن 100 ألف ليرة شهرياً في الأحياء الراقية كالحمرا وشارع الملعب، وتنخفض لنحو 50 ألف في الأحياء المتوسطة كالحضارة والبرازيل وكرم الشامي، في حين لا تزيد الإيجارات للشقق غير المفروشة عن 30 ألف في الأحياء الشعبية كحي الزهراء والعباسية، ولا تتجاوز إيجارات البيوت 15 ألف ليرة في القرى.
السويداء
بينت مصادر محلية لـ “بزنس 2 بزنس” أن إيجارات المناطق الشعبية في السويداء تبدأ من 25 ألف ليرة كمنطقة طريق الرحا، في حين تتراوح الإيجارات ما بين 30 إلى 40 ألف ليرة شهرياً كحي المشفى وحي الملعب البلدي، وترتفع إيجارات الشقق المفروشة لأكثر من 100 ألف ليرة في الأحياء الراقية كطريق القنوات، أما في القرى فلا تزيد الإيجارات عن 20 ألف ليرة شهرياً.
وتختلف الأرقام بحسب موقع الشقة وإن كانت مفروشة أم لا وعوامل أخرى غيرها، لكن يبقى السؤال إلى متى ستغض الحكومة النظر عن تجار الأزمة والمستغلين للظروف الإنسانية كالنزوح والفقر والتشرد وغيرها، ليضيق الخناق على المواطن السوري أكثر فأكثر ويفقد القدرة على إيجاد مأوى دون أن يدفع أكثر من نصف راتبه لقاء ذلك؟!
المصدر: فاطمة عمراي – b2b-sy