خبيرٌ فرنسي: بوتين لن يتنازل عن تحالفه مع سورية
علا ديوب
كشف الكاتب السياسي “الفرنسيّ” المتخصّص بشؤون الشرق الأوسط وأوروبا، الدكتور “أنطوان شاربنتيي”، في حديثٍ خاصٍّ لوكالة أنباء آسيا”، عن فشل سياسة ترامب المُتمثّلة بمحاولته إخضاع روسيا من خلال العقوبات الاقتصاديّة التي فُرضت عليها من الجانب الأمريكيّ مؤخّراً، وأضاف: نعم يريد ترامب التقرّب من بوتين؛ لأنّه رئيسٌ قويّ…
والكاتب “شاربنتيني” فرنسي من أصل لبناني، حائز على ليسانس في العلوم السياسية في 2006 من جامعة ليون، و ماجيستر في التاريخ المعاصر سنة 2012 من جامعة بيزنسون، بالإضافة إلى ماجيستر في تاريخ الأديان في 2018 من جامعة ستراسبورغ .
-بدايةً وفي الحديث مع الباحث السياسيّ عن مجالات التوتّر بين روسيا والولايات المتّحدة، كان أحدها هو العداء بين الولايات المتّحدة والاتّحاد السوفييتيّ سابقاً، وتدهورت العلاقات بين البلدين أكثر بعد ضمّ روسيا لشبه جزيرة القرم من أوكرانيا عام 2014، فأقرّت واشنطن عقوباتٍ اقتصاديّة على موسكو، ماذا يُمكن لواشنطن أنْ تفعل أكثر، وما تداعيات هذه العقوبات على موسكو؟
بحسب رأي المحلّل السياسيّ: إنَّ الولايات المتّحدة الأمريكيّة لن تنجح بإخضاع روسيا من خلال فرض العقوبات وضرب اقتصادها، وروسيا عاملت أمريكا بالمثل، وخسرت هذه الأخيرة أسواقاً تجاريّةً عدّة في روسيا، وفي الوقت الحاليّ، ومن بعد قمّة هلسنكي أصبحت الولايات المتّحدة الأمريكيّة مريضةً بعض الشيء بوجه روسيا، ناهيك عن الانتصارات العسكريّة والدبلوماسيّة لروسيا على محاور عدّة وفي أكثر من ميدانٍ عالميّ.
-وعن التودّد الذي يُظهره ترامب لبوتين، أثنى ترامب في العديد من المناسبات على نظيره الروسيّ، ووصفه “بالقائد الفذ” عام 2016، وبأنه “أقوى من باراك أوباما، ووصفه العام الماضي بأنّه “رجلٌ شديد المراس”، هل يُحاول ترامب التقرّب من بوتين بـ”المديح” وما غرضه من ذلك؟
يقول الدكتور “أنطوان”: “نعم يريد ترامب التقرّب من بوتين؛ لأنّه رئيسٌ قويٌّ، ولأنَّ روسيا لها مكانتها في العالم، ورأينا كيف تعاطى ترامب مع الرئيس بوتين بكلّ سلاسة؛ بل بنوعٍ من الخضوع عند انعقاد قمّة هلسنكي”.
– أما في الحديث عن ردود الفعل العنيفة بعد قمّة “هلسنكي” وتصريحات ترامب، قال مدير المخابرات المركزيّة السابق جون برينان: “إنّه يجب عزل ترامب من منصبه”، وأضاف “إنّ أداء دونالد ترامب في المؤتمر الصحفيّ في هلسنكي يرتفع ويتجاوز حدّ الجريمة الكبرى والإثم، ولم يكن هذا أقلّ من الخيانة، ولم يكن ترامب معتوهاً فحسب في تصريحاته؛ بل كان بأكمله في جيب بوتين، هل فعلاً أصبح ترامب في جيب بوتين؟ ولماذا أثار أداء ترامب في المؤتمر الصحفيّ بعد قمّة هلسنكي موجة انتقادات في الولايات المتحدة؟
يقول المحلل السياسي في هذا السياق: “لا أعتقد أنّ ترامب أصبح في جيب بوتين. لكن ترامب عبّر عن خضوع…”
– وعن التدخّل الروسيّ بالانتخابات الأمريكيّة، عندما سُئل ترامب عمّا إذا كان يثق في أجهزة المخابرات الأمريكيّة، التي أوضحت أنّ روسيا تدخّلت في انتخابات عام 2016 لمساعدته في هزيمة المرشّحة الديمقراطيّة هيلاري كلنتون، قال: إنّه ليس مقتنعاً!.. وبعد ساعاتٍ من قمّة هلسنكي، قال على تويتر “لديّ ثقةٌ كبيرةٌ في رجال مخابراتي”، هل كان ترامب حقّاً معتوهاً في تصريحاته كما وصفه مديرُ المخابرات المركزيّة السابق جون برينان؟
يُجيب الدكتور “أنطوان”: يجب التنويه إلى أنّ الحاكم في الولايات المتّحدة الأمريكيّة ليس رئيس الجمهورية، فهو ليس إلّا الواجهة، وفي أمريكا يغيّرون وجه الرئيس عند الانتخابات وليس السياسة العامّة شاء الرئيس الأمريكي أم لا، فهو خاضعٌ لإدارته ومخابراتها، وقسم من المشكلة مع ترامب هو محاولة تمايزه مع الحاكمين الفعليّين في أمريكا، والمشكلة الأكبر أنّه لا يتقن التمايز ولا السياسة.
– وفي السّؤال عن سبب رفض ترامب أنْ يوجّه أيّ انتقادٍ للسياسة الروسيّة، وأرجع سبب تدهور العلاقات بين البلدين “لسنواتٍ عديدة من الحمق والغباء الأمريكيّ!!”.
يقول الباحث: “إنّها المرّة الوحيدة الذي ينطق بها ترامب بالحقيقة…”
– وفي الحديثٌ عن قمّةٍ جديدةٍ بين بوتين وترامب لاستكمال التباحث في المواضيع التي تمّت مناقشتها في هلسنكي، هل ستستكمل هذه المباحثات على الرغم من ردود الأفعال السلبيّة حول القمّة الأخيرة في الأوساط الأمريكيّة خاصّةً أنّ ترامب هو من وجّه الدعوة إلى نظيره الروسيّ لإجراء لقاءٍ آخر؟
يجيب الباحث: لا أعتقد أنّ هذه القمّة ستكون في المستقبل القريب. يجب انتظار الانتخابات النصفيّة لنرى ما سيكون مصير السياسة الأمريكيّة، وخصوصاً مصير ترامب.
-وحول سؤاله عن قمّة هلسنكي وتأثيرها على شعبيّة الرئيس الأمريكيّ، وخاصّةً أنّ بعض النوّاب الأمريكيّين وصفوا أداء ترامب بالضعيف، وهل ستكون سبباً في خسارته خلال الانتخابات الرئاسيّة المقبلة في حال قرّر الترشّح لولايةٍ جديدة؟
يقول الدكتور “شاربنتييه”: ممكن… لكن يجب التنويه إلى أنّ ترامب يعمل بشكلٍ جدّيٍّ على تنشيط الاقتصاد الداخليّ، وهذا ما يهمّ -بالمبدأ- الشعب الأمريكيّ وكلّ المواضيع الأُخرى قد تكون ثانويّةً إنْ نجح ترامب في هذا الموضوع فيمكن أنْ تكون خسارته ممكنةً في الانتخابات المقبلة ولكن بصعوبة.
-أخيراً، حول التواجد الإيرانيّ في سورية والعراق، ما هو الاتّفاق الذي يمكن أن يكون قد تمّ بين الطرفين خلال القمّة، وحاول كلّ من بوتين وترامب عدم الإفصاح عنه خلال المؤتمر الصحفيّ عقب القمّة؟ وهل من الممكن أن يكون قد تنازل بوتين عن دعمه لسورية وعلاقاته مع إيران مقابل رفع العقوبات عن بلاده، والاعتراف بروسيّة شبه جزيرة القرم؟
يُصرّح الخبير حول هذا الملف: موضوع القرم مختلفٌ عن موضوع علاقة روسيا بإيران ودورها بسورية ولو هناك تقارب، ولا أعتقد أنّ بوتين سيتنازل عن تحالفه مع سورية وعلاقته مع إيران، من أجل رفع العقوبات على بلاده، وخصوصاً أنّ هذه العقوبات لا تؤثّر سلباً على الاقتصاد الروسيّ بشكلٍ عام، أمّا بالنسبة للاتّفاق بين ترامب وبوتين في موضوع التواجد الإيرانيّ في سوريّة والعراق، فتجدر الإشارة إلى أنّ هذا التواجد هو بطلبٍ من الحكومات السوريّة والعراقيّة وليس تدخّلاً بشؤون الدول والشعوب على غرار الولايات المتّحدة الأمريكيّة وحلفائها في الشرق الأوسط. اعتقد لمعرفة ما اتُّفق عليه في هذا الموضوع يجب مراقبة الميدان وقراءة ما بين السطور، لكن إذا كان هناك اتّفاقٌ فليس ترامب من فرض إرادته.
أسيا