هل يعلن ترامب البقاء في سوريا لخنق تركيا؟
إعلان دونالد ترامب البقاء في سوريا “لضمان انسحاب القوات الايرانية وحلفائها” هو على الأرجح تهديد غير خفي موجه إلى الرئيس رجب طيب إردوغان الذي أنذره ترامب بخنقه إذا لم يغيّر سلوكه ويصبح حليفاً جيداً لأميركا على حد تعبيره.
ترامب لا يملك أوراق ضغط على إيران في سوريا، ولا سيما أن “قوات سوريا الديمقراطية” التي يعتمد عليها ترامب على الأرض السورية، تتجه إلى التوافق مع الدولة السورية في الحل السياسي. وهي غير مؤهلة للعمليات العسكرية ضد الجيش السوري وحلفائه في سوريا. لكنها مستعدة للمشاركة في عمليات عسكرية مع الجيش السوري وحلفائه ضد الوجود التركي والمجموعات المسلحة المدعومة من تركيا في الشمال السوري.
ما تظنه واشنطن عامل ضغط ميداني على إيران، ينحصر في المشاركة بالعدوان السعودي على اليمن وقتل المدنيين والأطفال. فالمجزرة الأخيرة على حافلة الأطفال في ضحيان، كشفت أن السعودية قصفتها بصاروخ موجه بأشعة الليزر من صنع شركة لوكهيد مارتن الأميركية بتصريح من ترامب الذي ألغى قرار سلفه بحظر تسليم الأسلحة والذخائر. وبحسب شبكة سي أن إن الأميركية فإن المجازر التي ارتكبتها السعودية في الأسواق هي بالصواريخ نفسها.
على صعيد التوجه الأميركية “لإنشاء مجموعة عمل حول إيران”، اتضح أن إعلان وزير الخارجية مايك بومبيو يخلو من مضمون الصدقية بسبب عدم امتلاك واشنطن أوراقاً جدية يمكن استخدامها “لإبرام اتفاق سريع مع إيران” بحسب قوله. فما أسماه مدير التخطيط في وزارة الخارجية بريان هوك” التنسيق مع الحلفاء الدوليين” يقتصر على السعودية والامارات ولا يتعداه إلى الزعم بوجود 24 دولة معرّضة “لعقوبات ثانوية إذا لم تمتثل للعقوبات على إيران”. فالدول المعنية وفي مقدمها الصين وألمانيا وفرنسا وبريطانيا، تعرض التعاون مع إيران خلافاً لتهديد ترامب.
لعل سياسة الرئيس رجب طيب إردوغان في سوريا، توفّر أرضية خصبة لمزيد من التدخل الأميركي على الأراضي السورية واستهداف تركيا بالخناق الميداني إضافة للعقوبات الاقتصادية التي لم تأخذ مجراها بعد. ولم تصل إلى ضرب الاقتصاد التركي بسلاح الدولار الثقيل في منع تداوله مع تركيا في الأسواق الدولية.
أنقرة لم تفِ بالتزامها أمام روسيا وإيران للتخلّص من جبهة النصرة والمجموعات الإرهابية المتشددة بهدف التوصل إلى تسوية محافظة إدلب. فالاجتماع الذي دعت إليه موسكو بعد انتهاء فترة زمنية طلبتها أنقرة، ألغته موسكو بسبب عدم إيفاء إردوغان بتعهداته.
في هذا السياق جرى التعويض عن الاجتماع الرباعي الذي كان مقرراً في السابع من الشهر المقبل مع ألمانيا وفرنسا، باجتماع ثلاثي في طهران بين روسيا وتركيا وإيران، أملاً بالتوصل إلى تفاهم مع تركيا بشأن معركة إدلب. وفي هذا السياق ربما يصل وزير الدفاع التركي خلوصي أكار بشكل مفاجئ إلى موسكو للقاء وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، ومن دون أن ترشح تطورات في الموقف التركي بل ربما تحاول تركيا طلب مهلة إضافية ليست أخيرة.
من هذا الشرخ بين تركيا من جهة وإيران وموسكو والدولة السورية من جهة أخرى، يسعى ترامب إلى تشديد الخناق على الرئيس التركي في دعمه الأخير لقوات سوريا الديمقراطية وتحقيق المزيد من ابتزاز السعودية والامارات في اصابة عصفورين بحجر واحد.
الأموال التي جمعتها واشنطن بذريعة الاعمار في المناطق المحررة من “داعش” في الرقة، يحيلها ترامب إلى ما سماه الجهود الحربية التي تقوم بها واشنطن في سوريا، وفق حديث ديفيد ساترفيلد والمبعوث الرئاسي إلى سوريا بريت ماكغورك في مؤتمر صحافي خاص. ففي هذه الجهود ابتزّ ترامب السعودية بمئة مليون دولار والامارات بخمسين مليون دولار بدعوى بسط الاستقرار. وهو أمر يتجه به ترامب نحو الحل السياسي في سوريا بحسب قوله وتجميد العمل على الاعمار إلى ما بعد اتفاق جنيف كما بحث مع ستافان دي ميستورا، الذي تتجاوب معه أيضاً كل من ألمانيا وفرنسا.
لكن ترامب يقوم بتوسيع مطار الطبقة الذي تتواجد فيه قوات سوريا الديمقراطية، ولعله يفكر في تعزيز هذه القوات على الحدود مع تركيا ولا سيما في قاعدة تل أبيض وعين العرب وفي قاعدة تل بيدر شمالي محافظتي الحسكة والقامشلي. ولا يبدو أن هذه القوات يمكنها مشاركة ترامب في أي عملية ميدانية ضد سوريا وحلفائها، بل يمكنها مشاركة الجيش السوري وحلفائه في معركة تحرير إدلب ضد مجموعات تركيا وقواعد الجيش التركي. فالخناق على تركيا يسعى ترامب إلى تشديده في سوريا لكن إردوغان يسلّم ترامب الخناق ننفسه.
المصدر : الميادين نت