الانتصارات السورية .. كَسرت أهدافُ الغربِ الاستراتيجية
أمجد إسماعيل الآغا
مما لا شك فيه أن معالم النصر الاستراتيجي في سوريا بدأت تظهر بوادره سياسيا و ميدانيا ، و ما من شك ايضا أن العمليات العسكرية التي تدور رحاها في سوريا منذ 2011 أوشكت على النهاية ، فـ على الرغم من حشد ألاف الارهابيين من شتى بلاد العالم و الزج بهم في الجغرافية السورية ، و في ظل تفاهمات و مخططات امريكية اسرائيلية خليجية تركية ، تَلقت التنظيمات الإرهابية و داعميها هزائم و انكسارات متتالية ، فكانت الدولة السورية و جيشها سدا في وجه الخطط الأمريكية ، ليتم بالانتصار السوري إعادة التوازن للشرق الأوسط ، و بات من الواضح أن التطورات الميدانية في سوريا تشي باقتراب الحرب من نهايتها ، في ظل تطورات مفصلية هامة حدثت في الشهور الأخيرة ، تؤكد أن الانتصار الاستراتيجي في سوريا بات قاب قوسين أو أدنى .
” لماذا استُهدفت سوريا ؟ .. الموقع و الدور الإقليمي ”
الحرب على سوريا حملت العديد من الاهداف الاستراتيجية و السياسية و الاقتصادية ، حتى بات الميدان السوري ساحة صراع جيوسياسي إذا ما نظرنا الى الأطراف التي كانت ضالعة في الحرب على سوريا ، فجملة الأهداف الغربية المراد تحقيقها في هذه الحرب تميزت بتعدد الأهداف التي تستمد أهميتها من أهمية الشرق الأوسط ، خاصة أن سوريا تُمثل البعد الإقليمي المؤثر في العديد من قضايا المنطقة .
و من أهم الأهداف السياسية و الاقتصادية للحرب على سوريا .
السياسية :
– كسر التحالف الاستراتيجي بين سوريا و محور المقاومة بما يضمن أمن اسرائيل و يدعم بقائها كقوة إقليمية قادرة على التحكم في المنطقة .
– تقسيم سوريا على أسس قومية و عرقية و طائفية بما يساعد على ظهور دويلات متناحرة و متفرقة و في ذات الوقت تكون موالية للغرب .
– تغير الوضع الجغرافي في المنطقة انطلاقا من سوريا الأمر الذي سيسمح لواشنطن بالبقاء في موقع القوة الكونية الأولى و ذلك تنفيذا لنظرية ” بريزنسكي ” التي توصي بالتحكم في منطقة آسيا الصغرى .
الاقتصادية :
– التطبيع الاقتصادي الكامل بين العرب و اسرائيل بعد كسر محور المقاومة و هذا من شأنه أن يساعد على إيجاد حل للقضية الفلسطينية بما يخدم اسرائيل و يبقي على هضبة الجولان و مزارع شبعا تحت السلطة الاسرائيلية
– التحكم في المخزون النفطي الهائل المكتشف على سواحل سوريا و لبنان و فلسطين عبر الأنبوب القطري
– تحرير أوروبا الغربية من الهيمنة الروسية في ما يتعلق بالطاقة و نقل الغاز القطري عبر الاراضي السورية و التركية
– مشروع الطاقة ” الامريكي السعودي القطري ” لاقى بدوره معارضة الدولة السورية فكان لابد من اسقاط الدولة السورية و تقسيمها لخلق كيان في شمال سوريا بما يسمح بتمرير الأنبوب القطري .
” الدولة السورية و حلفاؤها .. تحالف صدم الغرب ”
مع دخول المنطقة العربية في معمعة ما سمي بالربيع العربي ، لم يدرك احد ماهية الربيع الذي تريده امريكا و ادواتها في المنطقة ، و لم ينتبه الكثيرون لأبعاد هذه المؤامرة على سوريا ومحور المقاومة ، فالغالبية منتشون بالربيع وبالتغيير الذي كانت تقوم أمريكا بتسويقه في المنطقة ، ليتوضح لاحقا أن سوريا بذاتها هي الهدف ، و كانت المفاجأة أن سوريا صمدت في وجه العاصفة .
و على اعتبار أن سوريا هي العمود الفقري لمحور المقاومة ، بالتالي كل أركان هذا المحور كان مستهدفا ، من ايران إلى العراق وصولا إلى حزب الله ، فكان التنسيق فيما بينهم على أعلى المستويات ، الأمر الذي وجه ضربة قاسية للمحور الغربي و خططه في المنطقة ، و بدأت التطورات الميدانية لصالح محور المقاومة ، هذه التطورات عززت موقف الدولة السورية وحلفائها، وشكلت مؤشراً قوياً على أن زمام المبادرة في الميدان والسياسة بات بيد سوريا وحلفائها، وأن الجماعات المسلحة باتوا في حالة تراجع مستمرة.
” نتائج الانتصار السوري على الغرب و مخططاته ”
إن المتابع لتطورات الحرب على سوريا بات يدرك تماما أن الغرب لم يتمكن من تحقيق أهدافه المعلنة و غير المعلنة ، بل أكثر من ذلك ، فقد كان لصمود الدولة السورية و جيشها دورا في كسر خطط الغرب التقسيمية في المنطقة ، و عليه يمكننا القول أن واشنطن و الغرب لا يمكنهم فرض هيمنتهم على العالم ، و لا بد لهم من التعامل مع قوى إقليمية لرسم سياسات المنطقة ، خاصة أن روسيا فرضت نفسها و عبر الحرب على سوريا كقوة دولية أظهرت براعة في إدارة مسارات الحرب السياسية و الميدانية ، يضاف إلى ذلك تعاظم كقوة محور المقاومة و اكتسابه خبرات قتالية عملياتية ، ما سيشكل قوة ردع لأي حماقة اسرائيلية مقبلة ، كما يمكننا القول بأن تركيا الحالمة بعودة الخلافة العثمانية قد أصبح أمنها القومي مهددا جراء السياسات الحمقاء للنظام التركي في سوريا ، و بات اليوم هذا النظام في انتظار عودة إرهابييه الذين أرسلهم إلى سوريا .
” في النتيجة ”
اعتقد الكثيرون من متابعي الشأن السوري ، تقسيم سوريا نتيجة المساحات الكبيرة التي كانت خاضعة للفصائل الإرهابية و التي كانت تقوم بتنفيذ أجندة الداعمين ، و بطبيعة الحال أعداء سوريا كانوا يسعون إلى تقسيمها ، لكن عبر استراتيجية محكمة اعتمدتها الدولة السورية ، يضاف إلى ذلك تماسك معظم العناصر التي تضمن وحدة البلاد ، ومنها بنية صلبة للجيش السوري، إدارة عاملة طوال سنوات الأزمة ، جسم دبلوماسي نشط ومتماسك ، تحالفات خارجية مؤثرة جداً ، وتملك مختلف وسائل تعطيل الحلول المفروضة من الخارج ، من الفيتو إلى الميدان، و سيطرة على قلب البلاد ومناطقها ذات الأهمية المرتفعة ، و الأهم أن الرئيس الأسد صاحب العقل القيادي القادر على الصبر لتلقي النتائج الأفضل ، واستثمار توتر أعدائه في انتزاع مكاسب نوعية منهم ، كل هذه المعطيات كانت سببا في كسر إرادة الغرب و خططه في سوريا خاصة و الشرق الأوسط عامة .