حسين مرتضى:ادلب .. تسارع في السياسة على وقع التجهيزات الميدانية
حسين مرتضى
عبر الاشتباك السياسي او التحضير للاشتباك الميداني دخلت ادلب وريفها ضمن مرحلة جديدة من الهزيمة الاستراتيجية لجبهة “النصرة” التابعة لتنظيم القاعدة، ولحلفائها من أميركيين وبعض الدول في الاقليم،
انجازات حققتها الدولة السورية على المستوى السياسي والعسكري، ارتفعت فوق كل التهديد والوعيد، وفوق الهدير التركي المتدحرج نحو الرضوخ لارادة الحق، في مساحة الميدان العسكري الذي يضيق على جميع من يواجه الجيش السوري وحلفائه إلى حد الاختناق.
الاشتباك الاقليمي والدولي في الشمال السوري، حصد الجيش السوري وحلفاؤه أولى نقاطه، بفتح معبر ابو الضهور وبدء خروج الاهالي منه باتجاه مناطق الدولة السورية، ضمن سلسلة ابواب فتحها الجيش لتقدمه نحو ادلب وريفها، وسيسهل عليه وعلى حلفائه السيطرة على كامل ريف ادلب و ريف حلب الجنوبي وريف اللاذقية الشمالي الشرقي، كما سيبعد الخطر التكفيري بشكل كبير عن حماه، كل ذلك ياتي في ظل ارتفاع جاهزية الجيش في مسرح العمليات، بالتوازي مع مشهد مضطرب في اوساط المجموعات المسلحة وعلاقتها مع حليفها التركي، الذي ينشط دبلوماسياً على خط موسكو وطهران، بعد القرار النهائي للدولة السورية لتحرير ادلب وريفها والمناطق المجاورة لها.
في الايام الماضية تركز الحراك السياسي المرافق لتحضيرات الجيش لمعركة ادلب، على عدة محاور، كان ابرزها محاولات مستميتة من الجانب التركي لكسب وقت اضافي، انفضت كل الجلسات مع الجانب الروسي، او حتى الاتصالات مع اطراف اخرى، ولم تنتج اي آلية لفصل جبهة النصرة والمجموعات المرتبطة معها عن المسلحين المرتبطين بتركيا، وبناء على ذلك لن يكون هناك اي تحديد لحجم العمل العسكري الذي سيكون في الارياف الثلاثة، بالرغم من المعلومات التي تسربت عن حرص التركي بشكل دائم على طمأنة المجموعات المرتبطة به، انه لن يكون هناك عمل عسكري في ادلب، وحاولت زيادة مساحة الطمأنينة عبر ارسالها تعزيزات لنقاط المراقبة في المنطقة، الا ان ذلك افشله اهم حلفائها وهم جبهة النصرة، التي بدأت بالفعل ومن خلال المعلومات مراعاة الرغبة التركية بالاندماج ضمن تشكيلات عسكرية ومدنية جديدة تجنبها المعركة، وبالفعل حاولت جبهة النصرة اعادة هيكلية بنيتها الخاصة بالمؤسسات المدنية، في الوقت الذي تحاول فيه عدم تمرير مشروع المصالحة في ادلب، عبر الاعتقالات التي طالت نشطاء في ريف حلب الغربي وريف حماة وريف ادلب.
كل ذلك وتلك التطورات، لا تعني الجيش السوري بكل الاحوال، فالحرب على سورية رسخت قاعدة مهمة في علم السياسة، وهي ان التطورات السياسية هي احد مخرجات العمل العسكري، وليس العكس، وبالذات في معركة ادلب، ونظراً للمشهد المتداخل والمعقد هناك، يعلم الجميع ان الاطر السياسية ستنصاع لانجازات الجيش السوري، وستتكيف معها، وهذا الامكر تحديداً دفع جميع داعمي المجموعات المسلحة، الى القناعة بأن الجيش السوري سيستعيد ادلب، وان التفاهمات السياسية ستنطلق من قرار الجيش بالمعركة، وهذا ما لمسناه من تبدلات الموقف التركي ( والتي لانثق بها) ضمن استعدادها للمشاركة بمعركة ادلب، وتصفية جبهة النصرة.
وبكل الاحوال المعركة في إدلب هي مشهد مكرر من سيناريو نفذ في مناطق عديدة، وعلى اللبيب من السياسيين الاقليميين ان يتعظ من تجاربه السابقة ان كان في حلب او الغوطة او حتى الجنوب السوري، بالطبع مع مراعاة اختلاف الظروف والاجندات التي تحرك المجموعات المسلحة وطبيعة انتمائها لتنظيم القاعدة، وتوقعاتي الخاصة تقول انه لن يتأخر الوقت حتى نشهد انتصارات مشابهة لما انجز في مناطق مختلفة من سورية، انطلاقا من اصرار القيادة السورية على تحرير ادلب، وهذا الامر سيفرض على الجميع.
هذه المعطيات وغيرها تترافق ايضا مع انقسامات حادة في المعسكر الاخر، جبهة النصرة تعيش في اسوء مراحلها، فقيادات الصف الاول التي مازالت متمسكة بقرار مواجهة الجيش السوري، هرب معظم قادتها بحجة اداء فريضة الحج عبر تركيا نحو السعودية، في الوقت الذي ترك فيه افراد المجموعات المسلحة ضمن خديعة كبيرة، نفذتها النصرة سابقا في الغوطة حيث خرجت بقرار المواجهة ومن ثم انسحبت بالباصات الخضراء نحو ادلب، وفي درعا كذلك، هذا وما يجهله المسلحون ان هذه المجموعات تعمل باجندة خاصة باجهزة مخابرات اقليمية ودولية، وان انطلاق قطار المصالحة الوطنية في ادلب، سيساهم بشكل كبير في عودة الامان للمحافظة بالتوازي مع العمل العسكري الذي سينفذه الجيش هناك، وان تابعنا الحديث عن الانقسام في صفوف التكفيريين، بالطبع هذا الحال ينطبق على مجموعات الحزب التركستاني، وحراس الدين وسواها من المجموعات التكفيرية المرتبطة بالقاعدة وهذا ما يفسر عمليات التصفية والاغتيال في صفوف المسلحين.
ويبقى الاهم من ذلك كله ان رسالة الدولة السورية واضحة منذ بداية الحشودات في العاشر من شهر اب، انه لا مكان لارهاب في اي بقعة جغرافية في سورية، وان القرار محسوم والرهانات والتمنيات في دول الجوار او الدول الداعمة للارهاب لن تجدي نفعاً ومن يعول على تركيا والسعودية والولايات المتحدة الامريكية كمن يعول على الشيطان الذي يتركه وحيدا في يوم الحساب.
العالم