ما سبب مساعي محمد بن سلمان للاتصال مع الرئيس الأسد ؟
الأساس في توقيت العرض للرئيس الأسد، هو التزامن مع صفقة القرن حيث كان من المفترّض إعلانها في أيار/ مايو الماضي بالتزامن مع حفل السفارة الأميركية في القدس المحتلة. ولا شك في أن العرض السعودي هو جزءٌ من كلٍّ، وهو عرض ضمن خطة أميركية إسرائيلية مدروسة حين أدركت واشنطن أنها لم تربح الحرب في سوريا، وأدركت إسرائيل أكثر أنها خسرت الحرب وخسرت أعوانَها وأدواتِها من الجماعات التكفيرية في سوريا عموماً وجنوب سوريا خصوصاً.
أدركت إسرائيل أن إنتهاء تلك المرحلة من دون اتفاق على خروج “القوى العضوية” في محور أو جبهة المقاومة من سوريا، سيشكل عليها خطراً استراتيجياً وقلقاً مستمراً لا يتوقف. وتزامنُ ذاك مع استهدافٍ إسرائيلي لمواقع المقاومة العراقية على الحدود السورية العراقية، كما يؤكّد النائب نواف الموسوي أن إسرائيل هي بالفعل التي اعتدت على قوات المقاومة، وأن المقاومة سترد لا محالة.
تزامن عرض محمد بن سلمان في الوقت نفسه مع حملة فلسطينية شبه شاملة، ضدّ صفقة القرن وضدّ فتح السفارة الأميركية في القدس. وقد أفشلت الحملة مشروع الصفقة بالفعل، سواء بفعل مظاهرات العودة الكبرى والهامة والبطولية في غزّة، أو بسبب الرفض الفلسطيني الرسمي من قبل السلطة للصفقة، فضلاً عن الحراك الفلسطيني الهام في القدس وحيفا من قبل فلسطينيي الداخل المحتل منذ العام 1948.
بهذا المعنى، إن عرض محمد بن سلمان كان جزءاً من رؤية أميركية إسرائيلية شاملة وواسعة، وهي بلا شك إقرار ضمني ينتظر الإعلان الرسمي بأن المحور الأميركي ــ الإسرائيلي ــ السعودي خسر الحرب في سوريا. فكل ما جرى في سوريا تحت شعارات الثورة والإصلاح والتغيير لم تكن سوى شعارات زائفة تضليلية. والدليل أن محمد بن سلمان لم يكتف في عرضة بمغريات إعادة إعمار سوريا من دون أن تنفق دمشق قرشاً واحداً، لا بل تضّمن العرض بقاء الرئيس الاسد في السلطة مدى الحياة، مع تناسي كل شعارات الإصلاح وملحقاتها.
لاشك أن الرئيس الأسد يدرك أن العرض يتجاوز محمد بن سلمان والسعودية. وأنه عرض أميركي في عمقه. فهو عرض من حيث الظاهر والشكل يحسم الحرب نهائياً، لكن ثمنه باهظ في التخلّي عن أخلص حلفاء سوريا ممن وقفوا إلى جانبها منذ اللحظة الأولى وبلا تردد أو تلعثم أو تراجع أو خذلان. ولم يقفوا إلى جانب سوريا فقط بالكلام والموقف، بل وقفوا معها ومع شعبها عملياً وبكل إمكانات محور وقوى المقاومة، بالسلاح والقتال والدعم المتنوع اقتصادياً ومالياً. وثمن التخلّي عن أخلص الحلفاء هو التخلي عن ثوابت سوريا وخياراتها الاستراتيجية.
العرض الأميركي ــ الإسرائيلي ــ السعودي وواجهته محمد بن سلمان، يشكّل رسالة جديدة لجميع القوى والتيارات والمنظمات والحركات الإسلامية ناهيك عن الجماعات التكفيرية، بأنها معرّضة في أيّ لحظة للتخلي عنها وبيعها. فعلى هذا الصعيد تكشف مساعي محمد بن سلمان أن حديث السعودية عن التغيير والحريات والإصلاح في سوريا، هو تضليل المضلّلين بإدعاءات الجهاد أو مزاعم الثورة والحريات.
المصدر : الميادين نت