هؤلاء نجوا بالفعل.. وإليك كيف تنجو مثلهم عند السقوط من ارتفاع 10 آلاف قدم من دون مظلة؟
ربما يمثل السقوط من طائرة نهاية الأمر بالنسبة لأغلب الناس، لكن لو كنتَ جيمس بوند لن يشغلك هذا كثيراً. بعد دفعه خارج طائرة في فيلم Moonraker عام 1979، بدأ بوند معركةً في الهواء مع شخصيةٍ شريرة تقفز بمظلة، وأخذ مظلته. وبينما يسقط عدوه نحو الأرض، يحارب بوند رجلاً شريراً آخر، ويفتح مظلته ويهبط سالماً على الأرض. بهذه السهولة! أتذكر رؤية هذا المشهد وانبهاري به في طفولتي. لكنِّي لم أستطع منع نفسي من التساؤل عمَّا حدث للشخص الآخر؟ الرجل الشرير الذي خسر مظلته مات، أليس كذلك؟ وقبل قرابة الأسبوعين قفز Luke Aikins من ارتفاع 25 ألف قدم من دون مظلة «براشوت» في مشهد صورته طائرة من أعلى والناس الذين تجمعوا بالأسفل لمشاهدة الحدث الذي كسر الرقم القياسي العالمي في القفز دون مظلة، ليسقط بأمان في شبكة خاصة.
ربما يمثل السقوط من طائرة نهاية الأمر بالنسبة لأغلب الناس، لكن لو كنتَ جيمس بوند لن يشغلك هذا كثيراً. بعد دفعه خارج طائرة في فيلم Moonraker عام 1979، بدأ بوند معركةً في الهواء مع شخصيةٍ شريرة تقفز بمظلة، وأخذ مظلته. وبينما يسقط عدوه نحو الأرض، يحارب بوند رجلاً شريراً آخر، ويفتح مظلته ويهبط سالماً على الأرض. بهذه السهولة! أتذكر رؤية هذا المشهد وانبهاري به في طفولتي. لكنِّي لم أستطع منع نفسي من التساؤل عمَّا حدث للشخص الآخر؟ الرجل الشرير الذي خسر مظلته مات، أليس كذلك؟ وقبل قرابة الأسبوعين قفز Luke Aikins من ارتفاع 25 ألف قدم من دون مظلة «براشوت» في مشهد صورته طائرة من أعلى والناس الذين تجمعوا بالأسفل لمشاهدة الحدث الذي كسر الرقم القياسي العالمي في القفز دون مظلة، ليسقط بأمان في شبكة خاصة.
لكن كما يتضح في هذا التقرير، ربما لا. فهناك قلة قليلة من المحظوظين نجوا من سقطاتٍ مشابهة في الحياة الواقعية، حسب موقع National Public Radio الأميركي.
عشرات الناجين من القفز دون مظلات
جمع الكاتب جيم هاميلتون العشرات من هذه القصص. على سبيل المثال، قصة آلان ماغي الذي نجا من سقطةٍ على بعد 20 ألف قدم من طائرته خلال الحرب العالمية الثانية، وهبط على السقف الزجاجي لمحطة السكة الحديد الفرنسية. ومضيفة الطيران الصربية فيسنا فولوفيتش التي تحمل الرقم القياسي في موسوعة غينيس العالمية لنجاتها من السقطة الأعلى ارتفاعاً، وهي أكثر من 30 ألف قدم، بعد انفجار طائرتها في سبعينيات القرن الماضي، رغم أنَّ بعض المشككين يعتقدون أن الارتفاع الحقيقي لسقطة فيسنا كان تقريباً 2600 قدم.
لكن كيف يمكنك النجاة من حدثٍ استثنائي كهذا؟
يقول ريت ألين، أستاذ الفيزياء المساعد في جامعة جنوب شرق ولاية لويزيانا، إنَّ الأدلة التجريبية على المسألة غير كافية؛ لأنَّه من غير الأخلاقي أن نلقي الناس من الطائرة لأجل العلم. ويضيف ألين: «لحسن الحظ، ليست لدينا بيانات كافية للخروج بنمطٍ مُحدَّد». ومع ذلك، لدى ألين وآخرين بعض الأفكار عن العوامل التي يمكن أن تُحدِّد إذا ما كنت ستنجو من السقوط من ارتفاع آلاف الأقدام في الهواء. فوفقاً لألين، هناك أمورٌ قليلة يمكنك فعلها.
كن صغيراً
هذا هو أحد المواقف التي يهم فيها الحجم فعلاً. ويفسِّر ألين: «سيسقط الناس الأصغر بسرعةٍ أقل، لذا يمنحهم هذا فرصةً أفضل في النجاة». لو أسقطت حشرةً من فوق الطاولة، وعلى الأغلب شهدتَ هذه الظاهرة. ورغم أن سقطة طولها 3 أقدام مخيفة جداً بالنسبة لشيء صغير كالنملة، لكنَّ النملة ستنجو. كيف يحدث هذا إذن؟ الإجابة متعلقة بالعاملين الرئيسيين المؤثرين في سقوط الشخص، وهما الجاذبية ومقاومة الهواء. ربما تتذكر تعلُّمك في فصل الفيزياء أن الجاذبية تُسرِّع سقوط كل الأجسام بنفس المعدل بغض النظر عن كتلتها. إذن كيف يمكن أن يسقط الشخص الأثقل بسرعةٍ أكبر؟ رغم أنَّ الجسمين اللذين لهما كتلة مختلفة سيسقطان بنفس السرعة في الفراغ، إلا أن الأمر ليس بهذه البساطة بالنسبة لممارسي القفز الحر؛ لأنَّ الأشخاص الذين يسقطون من السماء ليسوا في الفراغ، فهم محاطون بالهواء. وبينما تسحب الجاذبية كتلة الشخص للأسفل أثناء السقوط، فإنَّ مقاومة الهواء تدفع كتلته للأعلى. وحين تساوي هاتان القوتان بعضهما، يصل الجسم إلى سرعته النهائية، وهي السرعة الثابتة التي يسقط بها. ويقول ألين: «في الوضع العادي لممارسي القفز الحر، تكون هذه السرعة 120 ميلاً في الساعة تقريباً». تعتمد قوة الجاذبية على كتلة الشخص. تكون الجاذبية أكبر في حالة الشخص الأثقل، ولهذا يحتاج قوةً أكبر من مقاومة الهواء لوقف تسارع سقوطه. وبالتالي فإن الأشخاص الأثقل يصلون إلى سرعة نهائية أكبر حسب ألين، وهكذا يصدمون الأرض بسرعةٍ أكبر. والأشخاص الأكبر أيضاً مساحة سطح أجسادهم أكبر، ما يزيد مقاومة الهواء، لكنَّ ألين يقول إن هذا غير كافٍ للتعويض عن قوة سقوطهم الأكبر الناتجة عن كتلتهم الأكبر. وكتب الفيزيائي الشهير جون بوردون ساندرسون هولدن عام 1928 يفسِّر الفكرة بشكلٍ ألطف: «يمكنك إلقاء فأر في حفرة ارتفاعها آلاف الياردات، وعند وصوله للقاع، سيحصل على صدمةٍ بسيطة ويسير بعيداً وهو حي. لكن لو ألقيتَ جرذاً سيموت، ولو ألقيت رجلاً ستنكسر عظامه، ولو ألقيت حصاناً سيتهشم جسده».
اصطدم بشيء ناعم
يقول ألين إنَّ ما تصطدم به يصنع فرقاً كبيراً. ويضيف أنَّ القدرة على النجاة تتأثر بقوة التسارع التي تشعر بها حين تغير السرعة فجأة. والأسطح المرنة تخفف أثر السقوط لأنَّها تزيد المسافة التي يمكن لجسدك التوقف خلالها، ما يقلل من قوة التسارع تلك. ويقول ألين إنَّ أي شيء يزيد المسافة التي يمكن للجسم خلالها التوقف سيساعد في تخفيف أثر السقوط. ويضيف: «كمثال على ذلك الشجرة؛ لأنَّك ستصطدم بفروعها أثناء السقوط. لو كانت شجرة جيدة يمكنها حقاً أن تزيد وقت توقفك وتقلل سرعتك». ويضيف أنَّ المياه يمكن أن تكون أيضاً مكاناً جيداً للسقوط، طالما أنَّك لا تسقط وجسدك مستوٍ على سطح الماء. ويكمل: «يمكن أن تفيدك المياه، لكنَّك تحتاج أن تكون كالقلم الرصاص، وتغوص إلى أكبر عمق ممكن، ما يزيد وقت توقفك ويقلل سرعتك». لكنَّ هاملتون يقول إنَّ السقوط في الماء له مساوئه. إذ يشرح: «قد تظن أنَّ المياه تساعد، لكن المياه ربما تتسبب في فقدانك الوعي. وبهذا حتى لو نجوت، ربما تغرق». ويضيف أن أسطح أخرى كالثلج، وخطوط الطاقة، وأسطح المباني سقط عليها أشخاص في الماضي ونجوا، وربما تكون خياراً أفضل من الماء. عام 2004 على سبيل المثال، أفادت صحيفة في مدينة جوهانسبرغ بجنوب إفريقيا أنَّ لاعبة قفز حر فشلت في فتح مظلتها. ولحسن الحظ سقطت على خطوط الطاقة، وعانت فقط من كسرٍ في الحوض ولم تُصعَق.
«لا تسقط على رأسك»
يختلف الخبراء حول الطريقة السليمة للسقوط، لكنَّ هناك بالطبع طريقة يُجمع الكل على خطأها. ألين على سبيل المثال يعتقد أنَّ السقوط على ظهرك ووجهك لأعلى يعطيك أفضل فرصة في النجاة. ويستند في نظريته إلى بحثٍ أجرته وكالة ناسا في ستينيات القرن العشرين لفحص تأثير قوة التسارع القصوى على طياري الاختبار. ويقول ألين: «قالت ناسا: حسناً نحن نحب السرعة، لذا لنُسرِّع بعض الأشخاص حتى تحدث أموراً سيئة، وهذا ما فعلوه». أشارت نتائج ناسا إلى أن الأشخاص يكونون أكثر قدرة على تحمل قوة التسارع التي تتحرك من واجهة الجسد إلى ظهره، مثل النوع الذي يدفع سائقي سيارات السباق إلى مقاعدهم حين يضغطون على دواسة البنزين. تصف ناسا هذا النوع من التسارع بـ»الضغط على مقلتي العينين للداخل»، لأنَّ الناس الذين اختبروه شعروا بأن أعينهم تُدفع إلى مؤخرة رؤوسهم. ويقول ألين إنَّ قوة التسارع التي تأتي من اتجاهاتٍ أخرى، كتلك التي تدفعك إلى أسفل مقعدك، تكون مميتةً أكثر. وبالتالي يرى ألين أن السقوط على ظهرك ووجهك لأعلى يمنحك أفضل فرصة للنجاة، لأنَّه يحاكي وضعية «ضغط المقلتين للداخل». ومع ذلك، فحص تقرير لمعهد أبحاث سلامة الطرق السريعة 110 دراسة على ضحايا السقوط القصير نسبياً، واستنتج أن الهبوط على القدم هو أفضل حل. والفكرة هنا هي أنَّك تضحي بقدميك مقابل سلامة جذعك. ويقول التقرير: «يملك الجسم مسافة ليبطئ خلالها أكبر حين تصطدم القدمان أولاً. وتمتص العظام الطويلة كميةً كبيرة من طاقة الاصطدام قبل أن تنكسر». ورغم أنَّ هناك اختلافاً حول الطريقة المثلى للهبوط، فهناك اتفاق على نقطة واحدة. إذ ينصح الطبيب جيفري بيندر، أستاذ الجراحة في مركز علوم الصحة في جامعة أوكلاهوما: «لا تهبط على رأسك». عالج بيندر عدداً ضخماً من ضحايا السقوط من ارتفاعاتٍ مختلفة، من بينهم لاعب القفز الحر من تكساس الذي تعطلت مظلته. ويفسر لِم لا يكون الأشخاص الذين يسقطون من مسافةٍ طويلة في صحةٍ جيدة. إذ يقول: «الأمر يقتصر على شيءٍ من اثنين، إما إصابة خطيرة في الرأس، أو نزيفٍ حاد». تأكد أن رأسك ليست أول شيء يصطدم بالأرض، إذ يمكنك حينها على الأقل تقليل فرصة الإصابة بواحدٍ من الأمرين السابقين.
لا تسقط أصلاً
عادةً يُقال: «الوقاية خيرٌ من العلاج». وهذا صحيح في ما يتعلق بالسقوط من الطائرات. إذ يقول هاميلتون إنَّه رغم نجاة بعض الناس فإنَّ فرصتك في النجاة ليست كبيرة، لذا يفضل تجنب الموقف بالكامل. وفي النهاية، الطريقة المثلى للنجاة من السقوط من طائرة جوية ربما تكون هي ارتداء مظلة، عليك فقط ألا تسمح لجيمس بوند بأخذها منك.