الهجوم الثلاثيّ.. قائد سلاح الجو الإسرائيلي يقر: الجبهة الشمالية تغيرت إستراتيجيا
زهير أندراوس
ظهور قائد سلاح الجوّ الإسرائيليّ، الميجر جنرال تسفيكا حايموفيتش، من خلال حديثٍ خاصٍّ مع صحيفة (معاريف) العبريّة، لم يأتِ من فراغ ولا يدور في خواء، فالرجل هو المسؤول عن الغارات الإسرائيليّة في العُمق السوريّ، وهو المسؤول الرفيع عن تحضير سلاح الجوّ، الذي تعتمد عليه بالأساس دولة الاحتلال، في كلّ مُواجهةٍ عسكريّةٍ منذ إقامتها، وتعمل بدون كللٍ أوْ مللٍ على ضمان التفوّق النوعيّ والكميّ لهذا السلاح، الذي يُعتبر رأس الحربة، على الرغم من أنّ الحروب الأخيرة التي خاضها الكيان في كلٍّ من لبنان وغزّة أكّدت بما لا يدعو مجالاً للشكّ بأنّ سلاح الجوّ أعجز وأوهن عن حسم المعركة، وفق العقيدة القتاليّة لجيش الاحتلال، الأمر الذي دفع الأخير إلى تطوير ودعم سلاح البريّة لكي يُشارِك في الجولة القادمة من الحرب، علمًا أنّ قادة تل أبيب ما زالوا يُعانون من الصدمة النفسيّة التي تلّقاها هذا السلاح في جنوب لبنان وفي معركة حيّ الشُجاعيّة في قطاع غزّة في العدوان البربريّ الذي شنّه الاحتلال على قطاع غزّة في صيف العام 2014.
في المُقابلة المذكورة وضع القائد العسكريّ الإسرائيليّ الرفيع، الذي تنتهي ولايته قريبًا، الإصبع على الجرح النازِف في الكيان، حيثُ أشار إلى عاملين جديدين في الساحة، لم تشهدهما الدولة العبريّة سابقًا: التواجد الإيرانيّ على الأراضي السوريّة، والذي يُشكّل تهديدًا إستراتيجيًا على الدولة العبريّة، والثاني، وربمّا الذي لا يقّل أهميةً عن الأوّل هو حزب الله، وهل سينسحب إلى لبنان، أمْ سيبقى في سوريّة، علمًا أنّ كبار قادة المؤسسة الأمنيّة في تل أبيب يعترفون وبالصوت العالي بأنّ خوض حزب الله الحرب في سوريّة أكسبته الخبرات القتاليّة الكبيرة، وتراكمها جعلته عدوًا أشرس من ذي قبل، على حدّ تعبيرهم.
علاوةً على ما ذُّر آنفًا، ففي المقابلة أمس، أكّد حايموفيتش، على أنّه عندما يتحدّث الأمين العّام للحزب، حسن نصر الله عن ضرب حيفا والخضيرة، فلا يبقى أمام إسرائيل إلّا الاستعداد وتحسين القدرات على الردّ مع تعديلات في بناء القوة وتشغيلها، لتحسين القدرة على المواجهة في حال الترجمة العملية للتهديدات.
وفي معرض ردّه على سؤال شدّدّ على أنّ التهديدات على الأمن الإسرائيليّ تغيّرت عمّا كانت عليه في الماضي، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ حزب الله لم يكن في سوريّة وهو اليوم هناك، مع سؤالٍ كبيرٍ حول اليوم الذي يلي الحرب السورية: هل يبقى أمْ يعود إلى لبنان؟ أنا لا أعرف كيف أتنبأ حول هذه المسألة.
ولجهة التواجد الإيرانيّ، الذي بات يقُذَ مضاجع الإسرائيليين، قادةٍ وشعبًا، لفت حايموفيتش إلى أنّ الوجود الإيرانيّ في سوريّة لم يكن في الماضي، وهم الآن يتمركزون فيها، مُضيفًا أنّ السؤال حول هذا الوجود أيضًا يتعلّق بما إذا كانوا سيختفون من هذا لبلد العربيّ أمْ لا!
وشدّدّ قائد سلاح الجوّ المُنتهية ولايته في سياق حديثه على أنّ إسرائيل تعمل على تحقيق ذلك عبر الجهود السياسيّة والعسكريّة والإستراتيجيّة، مُوضحًا أنّه يرى صعوبةً كبيرةً في رؤية الإيرانيين يتنازلون عن وجودهم في سوريّة وتركها، لكنّن استدرك قائلاً في رسالةٍ حادّةٍ كالموس إنّ هذا هو الهدف الإسرائيليّ رقم واحد في الجبهة الشماليّة، أيْ إبعاد الإيرانيين ومنع نقل قوّاتهم إلى الجزء المُحرّر من الجولان، أيْ إلى الـ”حدود” مع كيان الاحتلال.
وعندما سُئل عن تهديد حزب الله وتمدّدّه في الساحتين السوريّة واللبنانيّة، شدّدّ الميجر جنرال حايموفيتش على أنّ الجبهة الشماليّة باتت مختلفةً بشكلٍ تامٍّ، مُقارنةً عمّا كانت عليه في الماضي، لافتًا إلى أنّها أصبحت تشمل ربط سوريّة ولبنان بجبهةٍ واحدةٍ من دون حدود، مؤكّدًا على أنّ حزب الله نفسه موجود في سوريّة وفي لبنان، ومن الصعب معرفة مركز ثقله الرئيسيّ في الساحتين.
حايموفيتش، ربمّا بهدف طمأنة الإسرائيليين، عاد إلى تكرار الأسطوانة الصهيونيّة المشروخة، حيثُ أكّد على أنّ جيش الاحتلال يعمل كلّ ما بوسعه لكي يمنع التمركز الإيرانيّ في سوريّة، وكذلك منع حزب الله من التزود بسلاحٍ إستراتيجيٍّ من شأنه أنْ يتّم استخدامه ضدّ دولة الاحتلال، مُشدّدًا على أنّ هذه الإستراتيجيّة لم تتغيّر في السنوات الأخيرة، مع أنّها أمسَتْ أكثر تعقيدًا، وتحمل في طيّاتها الكثير من التحدّيات الجديدة، على حدّ تعبيره.
وربمّا ردّه على سؤالٍ حول الجاهزية والاستعداد الإسرائيليين يقول كلّ شيءٍ: الميجر جنرال حايموفيتش قال للصحيفة العبريّة إنّه في ظلّ وجود المُركّبات الثلاثة: سوريّة، إيران وحزب الله، فإنّ الجيش الإسرائيليّ لا يُمكنه بأيّ حالٍ من الأحوال ألّا يكون مُستعِدًا لكلّ طارئٍ والردّ على أيّ عدوانٍ، وهذا الجواب، على الأغلب، يُفسّر السبب الذي دفع الجيش الإسرائيليّ في الشهر الأخير لإجراء أربع مُناوراتٍ لمُحاكاة حربٍ على الجبهة الشماليّة، التي تُشير الدلائل إلى أنّها ستكون “حرب الشمال الأولى” لمُشاركة سوريّة، إيران وحزب الله فيها ضدّ إسرائيل.
راي اليوم