الفاعلون الاقليميون في سوريا، هل تُجدي أنصاف الحلول؟
ربى يوسف شاهين
ما تبقَّى من التنظيمات الإرهابية المُسلّحة والتابعة لأنقرة والتي يُعتَبر وجودها هاماً وضامِناً لتركيا في الشمال السوري، حيث نقاط المُراقبة ، فيبدو أن اقتراح تركيا بدَمْجِ هذه التنظيمات بعد سحب أسلحتها الثقيلة لتكون رديفة للجيش العربي السوري كما حصل في الجنوب السوري، وخصوصاً أنها لمست من روسيا أن سيطرة الجيش السوري على إدلب حتميّة، فنقاط المراقبة التي زرعتها تركيا بحجّة تطبيق اتفاق خَفْضِ التصعيد لن تُجدي نفعاً وخصوصاً بعد لهجة الرئيس بوتين بخصوص إدلب
صراعات ومصالح مُتقاطعة لحلِ الأزمةِ السورية، ودائماً مع التأكيد على أن وحدة السيادة السورية هي الأولى، وهذا ما لا يحظى برضى الطرف الغازي “تركيا وواشنطن”، وهو طبيعي في منظورهما، إلا أن ما يجري على الأرض السورية سيُجبر الأطراف الغازية على قبول الأمر.
ملفّات شائِكة ومُعقدّة تم بحثها في طهران بين الدول الضامِنة “أستانا”، حيث بحث رؤساء كل من إيران وروسيا وتركيا “ملف الشمال السوري” والذي تضمَّن ثلاث قضايا:
أولاً – قضية التنظيمات الإرهابية والمُتمثّلة بـ جبهة النصرة والحزب الإسلامي التركستاني وحرّاس الدين وغيرهم، وهذا ما تم حسمه بإقرار دولي عبر المبعوث الأممي الخاص لسوريا ستيفان دي ميستورا عن وجود 10 آلاف إرهابي في إدلب وإقرار تركيا بإدراج “جبهة النصرة” على قائمة الإرهاب كنوعٍ من تحسين الموقف على الرغم من محاولته لحصول مرتزقته “النصرة” على هدنة.
ثانياً – ما تبقَّى من التنظيمات الإرهابية المُسلّحة والتابعة لأنقرة والتي يُعتَبر وجودها هاماً وضامِناً لتركيا في الشمال السوري، حيث نقاط المُراقبة ، فيبدو أن اقتراح تركيا بدَمْجِ هذه التنظيمات بعد سحب أسلحتها الثقيلة لتكون رديفة للجيش العربي السوري كما حصل في الجنوب السوري، وخصوصاً أنها لمست من روسيا أن سيطرة الجيش السوري على إدلب حتميّة، فنقاط المراقبة التي زرعتها تركيا بحجّة تطبيق اتفاق خَفْضِ التصعيد لن تُجدي نفعاً وخصوصاً بعد لهجة الرئيس بوتين بخصوص إدلب.
ثالثاً – والأهمّ والذي يتعلّق باحتلال تركيا المباشر لأراضٍ سورية في كلٍ من عفرين وجرابلس ومنبج، ولهجة الرئيس بوتين أخذت حدّتها في اللقاء والتأكيد على أن الوحدة والسيادة الكاملة لسوريا هي الأعلى والتنصّل من ملف الشمال لحجّة ملف الشمال الشرقي للبلاد غير مسموح.
على ما يبدو ومن القضايا السابقة وخصوصاً لجهة تخوّف تركيا المزعوم من وحدات حماية الشعب الكردية، والتي تشكّل العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية والمدعومة أميركياً، ستبرِّر وجود تنظيماتها المسلّحة اللا شرعية وتعمل على ربط الوجود بما تُسمّيه تهديداً لأمنها القومي، فما سُرِّب من تقارير إعلامية عن خطّة أميركية لنَشْرِ منظومة الدرع الصاروخية على الحدود الشمالية بين سوريا وتركيا هو ردّ أميركي على شراء تركيا لمنظومة الدفاع الجوّي الروسي إس 400.
وباستعراض ما سبق، نلاحظ أن الربط بين ملف الشمال والشمال الشرقي السوري ما بين الفاعلين الإقليميين وسوريا، يتمثّل في تحقيق المصالح الدولية لكل المشتركين، فالمصلحة السورية تقتضي القضاء على أيّ وجودٍ مسلحٍ تحت أيةِ تسميةٍ كانت، وأن السيادة السورية بإنهاء الوجود غير الشرعي لأية قوى دولية على الأرض السورية سواء أكانت أميركية أو تركية، ولوجود الحليف الإيراني مصالح في إنهاء الوجود الأميركي الكردي ما يُسهّل الحركة على خط طهران دمشق بيروت، وتستقرّ العلاقة بتركيا وتعزّز بموسكو في ظلّ التهديدات الأميركية المشتركة بين روسيا وإيران وتركيا.
وفيما يخصّ الحليف الأقوى “روسيا”، فمصالحها في حلّ الأزمة السورية لترسيخ وجودها وتعزيزه في منطقة الشرق الأوسط مع الوصول إلى ردم الفجوة الحاصِلة بينها وبين مُنافِستها أميركا .
في النتيجة أنصاف الحلول لن تُجدي، هذا ما أكّدته دمشق دائماً، ولعلّ الأيام القادمة ستُظهر مدى الجدّية في التعاطي مع الأزمة في الشمال لكونها الورقة الأخيرة والمُتبقيّة، والتي لن تتخلّى عنها الدولة السورية تحت أية مساومة أو ظرفٍ اقليمي أو دولي، فالرئيس الأسد كان واضحاً حين قال: “السيادة السورية الكاملة لكلِ شبرٍ من سوريا”.
الميادين