عن التغيير الحكومي المنتظر
المتابع لسيرورة العمل الحكومي من حقبة الدردرة مروراً بالجميل وصولا لليوم يرى أن العقلية واحدة ولو ببعض العمليات التجميلية و ليس هكذا فقط وإنما مرت خلال الأزمة مواضيع عجزت حكومات ما قبل الأزمة تمريرها و التي كانت من منطوق وصفات البنك الدولي و الالتفاف عليها ولكن بالواقع أدت لتركز استثماري مالي خطير كان مدخلاً لما بعده.
بالمجمل ورغماً من أن السير بهذه السياسات مع تضليل بالرؤى و النتائج و الأرقام لمتخذي القرار كان مسبباً ولكن ما وجدناه من خلال تطورات مرحلية للأزمة دل على انتقام و برمجة مسبقة للتدمير لاقتصاد أوصلته السياسات الاجتماعية الاقتصادية لمرحلة تنموية متطورة قاربت الاكتفاء الذاتي مصطحباً بانعكاسات اجتماعية صلبت الشعب ووسعت الطبقة الوسطى لتشمل أغلب سكان البلد وهذه الصلابة وقفت حاجزاً أمام المشروع الانقلابي التدميري وما زالت تعطي البعث شعبية رغماً مما حاولوا لإسقاطه وتشويهه عبر الأزمة أو عبر اختراقات علنية ما قبل أزموية ومتسترة في مراحل لاحقة وكيف لا يقف الفقراء و الكادحين معه وهو من علمنا مجاناً بمخرجات احترمت وبسطت عطرها على أغلب دول العالم وبصحة دائمة مجانية و بسكن مؤمن وبحياة لم نعرف معناها إلا بعدما سرب النهج الذي لا لون له ولا شبيه ولا حتى الليبرالية التي تغنوا بها و فرض تحت ستار الأزمة ومفاعيلها , حتى أغلب الشعب أصبح يضج و يصفها بحكومات التفقير بعد أن ظلت الحكومات لعقود مضت حكومة الفقراء, حتى لا نحمل الحكومة الحالية كل شيء فهي استمرارية لما سبق مع عدم القدرة على المناورة بتغيير العقلية لظروف الأزمة و عدم القدرة السلطوية لمواجهة الدواعش وما يبثونه من سموم لارتباطات تتعلق بالأزمة ومفاعيلها و إدارتها , ورغماً من ذلك كانت هناك نواحي تدل على نشاط وحيوية منها إعادة السكان لمناطق كثيرة متضررة بسرعة قصوى وقبلها التعامل مع التدمير الممنهج للبنى التحتية و خاصة الكهرباء و التي بذلت جهوداً استثنائية للحفاظ عليها , و الحفاظ على الاقتصاد بالأهداف الكلية وسط حصار وعقوبات ومحدودية الإمكانات ووسط حاجة لوجستية للتأمين الكوادر اللازمة للدفاع عن الوطن , ولكن الظروف التي أحاطت بالعمل الحكومي وسط التعديل الأخير أكيد قاعدة للانطلاق و إعادة العافية و التعافي ولكن منعكساتها على المواطن كانت شبه معدومة و العقلية لم تتغير وسط تساؤلات عن أمور ممكنة التحقيق و البعد عن التنفيذ, ووسط تصريحات لبعض الشخصيات الحكومية لا تدل على وعي أو مهابة ما يجري ولا التعلم مما جرى ليصبح الوصف حكومة ضد الفقراء وهو ما تجلى بتصريحات نائب جامعة دمشق من لا يملك مال بلا تعليم رداً على تساؤلات الطلاب حول فرض إجازة إدارية غير مأجورة لطلاب الدراسات العليا بشقيه الماجستير و الدكتوراه وكان رد الوزير غير مقنعا,فهو أعتبر الإجازة مأجورة وهو غير صحيح وهو دمج بين الماجستير و الدكتوراه و الدكتوراه لا تحتاج لدوام وحتى الموفدين يعتبروا تعليم موازي و نفقات كبيرة وما حصل سابقاً للتعليم المفتوح وتسعيرة المواد و للمستنفذين باعتبارهم تعليم موازي إن أرادوا الاستمرار وما نسمعه من فساد يعم مسابقاتها كأعضاء هيئة تدريسية وموظفين في ظل حاجة البلد لكوادر لتسرب الآلاف و كانت معايير المسابقة بعقلية الإقصاء و المحاصصات و الفساد , أتينا من الخارج وكلنا تفاؤل أن المرحلة القادمة هي لجودة التعليم نتيجة لما وصلنا له من بنية تحتية و تطور لافت لنفاجأ بتراجع قاتل و بالسير نحو ترويج للخاص و الذي لسنا ضده ولكن ضمن نطاق المنافسة و ليس الإقصاء للعام ومنع الفقراء من دخوله و التغاضي عن الترهل فيه , وكذلك ما يحصل بقطاع الصحة ورغماً من الاستنفارات في بدء الأزمة و زيادة الضغط على الخدمات و القدرة على استيعاب أكثرها ورغماً من المشافي والمراكز وما بنته الدولة من صروح على مستوى ليكون العلاج المدفوع هو الأساس ليصبح المواطن أمام موت محتوم لعدم القدرة على العلاج و لانعدام إنسانية أغلب الكوادر وسط تغاضي عن موضوع التفرغ الذي يعطي كل حقه ،ورغماً من ذلك ما زالت أغلب مشافي القطاع العام أكثر خدمة و جودة من الخاص الذي جعل أغلب الأطباء و الكوادر سماسرة له على حساب المواطن , و لنأتي لتصريح وزير المالية لا يوجد فقراء وبنظره كل سورية قطاع خاص حرفي أغلبه عوض النقص أو فاسدين زادوا الإتاوات و نسي أن ثقل البلد موظفين وعساكر شرفاء قدموا أرواحهم وينتظروا و نازحين بين أهلهم بعضهم أصيب بحالات مرضية صعبة نتيجة عدم القدرة على تناول الغذاء أكثر من وجبة والمتوسط الواجب تحصليه شهرياً لأسرة مؤلفة من خمسة أشخاص مابين 250 و 270 ألف ليرة شهرياً في ظل متوسط أجور لا يتجاوز 26 ألف ليرة وفي ظل سياسة مالية مررت الكثير من الرسوم و الضرائب على المواطنين فاقت قدرته ووزير ينفي وجود جوع بسورية ولا نعرف ما تعريف الجوع بالنسبة له وفي ظل رفع أسعار الوقود و الطاقة وما زالت وزارة حماية المستهلك حركة بلا بركة وفي ظل قيود ممنوع تجاوزها تتمثل بمنع التدخل الإيجابي وإنما يجب السير مع أسعار السوق وعدم الاستيراد المباشر وفي ظل عقوبات نفعية وليست ردعية وفي ظل مضاربات حلقت بأسعار البناء والإيجارات للسقف, وما زال لغز الإدارة النقدية مستمراً لدولار مثبت بسعر سياسي تجاوز ما فرضته السوق في فترة ما قبل الحاكم الحالي وكانت السياسة تتويجاً لتصريح ناري من حاكم مصرف سورية يجب أن نحمي من جمع وأقتنى الدولار وهكذا فالسعر لم يتغير رغماً من التغيرات و التحولات على الأرض و استرجاع الجيش السوري 90 بالمائة من أرضي سورية وفي ظل استعادة الثقة بالليرة و بسياحة داخلية مشبعة دلت على توفر الأمن و الأمان في أغلب المناطق السورية وثبت ما كنا طرحناه سابقاً أن هناك لعب بالعرض من الدولار وهو ما ثبت من خلال كشف شبكتي سرقة للدولار عن طريق الاحتيال على الدولة أو ضرب محلات الصيرفة لتذهب لبعض الجيوب وفي ظل تفشي فساد غير معقول تجاوز المال و اللعب و التزوير ليصيب الإنسان تفشي المخدرات و الحشيش و انتشار علني وقح للدعارة ويظل موضوع الفساد تنظيري عند الحكومة ولن يكون الحل إلا بحل وطني يحيط به عبر قوانين رادعة وإصلاحات إدارية و سياسية و ثقافية و ردع لما حصل بعد الأزمة والعمل لإيجاد حلول لما مضى قبل الأزمة ولمن لا يعرف موضوع الفساد معولم ومحمي ومنظم ومواجهته مستحيلة وكانت سبب بزيادة فيضان الدم وهو ما لا يجرأ أحد على الاعتراف به موضوع الإحاطة بالفساد بحاجة لعمل دؤوب ولوزارات متخصصة تعمل وفق برنامج إصلاحي وتحاسب عليه وتملك مختلف الصلاحيات عبر سياسة تعيينات تعتمد الكفاءة و المسؤولية , التشخيص سهل بكل الأماكن ولكن العلاج المناسب هو الأصعب وهنا يدور في بالنا موضوع وزارة التنمية الإدارية وكذلك الشؤون الاجتماعية , إن القاد م لسورية جميل في حال توفر النية و الإرادة القوية و تكامل الجهود العام و الخاص والمشترك وفي ظل إعطاء الصلاحيات للمؤسسات ولو كانت غير مدنية لفرض القانون ،فسابقاً فرضت العقلية الصحيحة و المدنية عدم فرض حكومة عسكرية في ظل ظروف الحرب القذرة ولكن الأهم ما قادم إننا بحاجة لإعادة بناء الإنسان السوري و تحصينه وطنياً عبر إجراءات اقتصادية واجتماعية و هذا بحاجة لجهود جبارة و لفرض القوانين و الأنظمة و بحاجة لإصلاح شامل بمؤسسات التنشئة بدءاً من توجيه الأسرة مروراً بالتعليم والذي يجب أن تأخذ القيم الأخلاقية و الانضباطية الدور الأكبر وصولاً للمؤسسة الدينية لتعيد للقيم الإنسانية التي نادت بها الأديان الإعتبار ويتم ذلك عبر اختيارات صحيحة لرجال الدين وعبر الخطب البناءة الجامعة و لا ننسى الدور الأهم للإعلام,إن تضافرت الجهود الأمور ليست معقد وإنما بحاجة لنوايا وإرادة ومتوفرة في ظل وجود حكماء عقلاء أداروا أصعب أزمة ذات نتائج كارثية على البشر و الحجر
إن نشاط و سلوكيات رئيس الحكومة دلت على نشاط وحركة راهن الكثير من السوريين عليها و نتمنى أن تستمر بما يخدم الوطن و المواطن ولكن المردود المباشر لأغلب الوزارات على المواطن مفقود فأي نهج لا ينعكس على تحسين مستوى معيشة المواطن و تحسين جودة الخدمات و إعادة المنصب لمكان لخدمة المواطن و ليس لإغتناء من يسكنه وصولاً للإحاطة بالفساد المتزايد و المعفن فسيكون حركة بلا بركة و كل هذه الأمور ما لم تنعكس على سياسات اقتصادية تعيد لليرة سعرها الطبيعي و ينعكس على سعر المحروقات و بالتالي تعيد عجلة الإنتاج وإعادة البناء فلن تصلنا لبر الأمان و استمرارية تحصين المجتمع و استمرارية دعمه وبكل قوة للمؤسسة العسكرية الضامن الحقيقي لوحدة الأرض و الدم وحماية العرض , وللوصول لبر الأمان لابد من سياسة تعيينات جديدة حتى للوزراء تقوم على الكفاءة و المهنية و التاريخية الوطنية ونزاهة السلوك ولا تعتمد على تغيير القبعات, إن الصراع الحقيقي في سورية هو بين دواعش الداخل من قوى الفساد و الدور الأعظم لدولة المؤسسات وإن تفاؤلنا وثقتنا بالحكماء العقلاء كانت من خلال تنشئتهم المؤسسية و سلوكهم الجديد القويم , قلنا سابقاً ونقول إننا وجدنا بسلوككم لحل الأزمة نغمة جديدة قد تطرب الشعب والوطن ونتمنى أن تستمر وبنفس أقوى يقوي المؤسسات و يحيط بالفساد و يحسن مستوى المعيشة و بعقل الفريق الذي يتولى إدارته و التنسيق بينه وتكريس العقل الجماعي فيه , و أخيراً إن لم تعد للمؤسسات فعاليتها وقوتها وإن لم تحدد صلاحيتها فلن نصل لبر الأمان ………
الدكتور سنان علي ديب/جمعية العلوم الإقتصادية
الخبير السوري