حسين مرتضى:البادية السورية: مناورات أميركية مع مجموعات ارهابية.. والرد قادم
حسين مرتضى
في البادية الممتدة حتى حدود العراق ودير الزور، والمقابلة للحدود الأردنية، قال الميدان كلمته، وستشرق شمس النصر هناك بعد فجر وجيز، وسيعود الجيش السوري والمقاومة، العارفون بحقيقة الأرض والمعركة، برأس الارهاب، بعد أن حصروه في أضيق المساحات، داخل تلول الصفا، وأبعدوا “داعش” عن مصادر الدعم اللوجستي. هذه المعارك تدور على خط مواز مع معارك أخرى ناحية بادية السخنة، وصولاً حتى الحدود العراقية في منطقة ريف حمص في عمق البادية، مع مناورات استعراض قوة من الاحتلال الامريكي والمجموعات التابعة له والمساندة لـ”داعش”.
ميدانياً، وعلى بعد كيلومترات قليلة من تطهير كامل بادية السويداء، حيث سيطر الجيش السوري والحلفاء نارياً على مناطق متقدمة في الجروف الصخرية في تلول الصفا، واصلت وحدات منه عمليتها العسكرية باتجاه منطقة التنف، وتمكنت من إحراز تقدم جديد فيها، وشددت إحكام الطوق على من تبقى من مسلحي “داعش” في منطقة التلول عند الحدود الإدارية مع ريف السويداء. المناطق التي تقدم فيها الجيش على هذا المحور هي مناطق جروف صخرية بازلتية شديدة الوعورة، مملوءة بالمغاور والكهوف، ما استدعى من الجيش تعزيز انتشاره وتثبيت مواقعه فيها. بالمقابل، تواصل قوات الجيش عملياتها العسكرية التي بدأتها قبل عدة أيام، من بادية السخنة بريف حمص الشرقي والتي انطلقت من تلة الصاروخ جنوب الشولا في ريف دير الزور الغربي باتجاه شمال غرب التنف على الحدود السورية العراقية، واشتبكت مع مسلحي تنظيم “داعش” الإرهابي، محققة تقدماً في المنطقة التي مشطت مساحات واسعة فيها. هدف الجيش في هذه العملية هو انهاء تواجد “داعش” على عدة محاور في بادية السخنة بريف حمص الشرقي، وانهاء جيوب “داعش” في محيط السخنة والطرق المؤدية إلى الحدود العراقية وتمشيط تلك المناطق من مخلفات التنظيم من عبوات ناسفة وألغام، مستخدماً الوحدات العسكرية الخبيرة في طبيعة المنطقة الجغرافية، والتي أصبحت ذات معرفة عالية بحرب الصحراء، انطلاقا من بادية السخنة وعلى اتجاه محيط المحطة الثانية، وعلى مقربة من الحدود الإدارية المشتركة مع ريف محافظة دير الزور في البادية الشرقية.
هذه المعارك الصعبة، لم يكن توقيت تصعيدها بالعادي، فهي جاءت بالتزامن مع حيلة أمريكية جديدة تحت مسمى محاربة الارهاب. هذه المرة كانت على شكل مناورات عسكرية، مناورات بين المارينز الامريكي ومجموعات ارهابية تتبع له، على الاراضي السورية، شارك فيها مع مشاة البحرية الامريكية، ما يسمى بـ”مغاوير الثورة”، التي يدعمها البنتاغون الامريكي بشكل مباشر، لمدة ثمانية ايام، وشملت هجوماً برياً وجوياً بالذخيرة الحية. هذه المناورات تأتي بالتزامن مع تقدم الجيش السوري في عمق بادية السويداء، ومع شنه هجمات لمحاصرة أي طرق لهروب جماعة “داعش” من تلول الصفا باتجاه ريف دير الزور الجنوبي والجنوبي الشرقي، وأدت حلم الولايات المتحدة الامريكية، بانتقال تلك المجموعات عبر طرق التفافية في الصحراء نحو دير الزور وتهديد البوكمال والميادين من جديد، فاستنفر الجيش البديل للولايات المتحدة الامريكية قواه، ونشط بتدريبات عسكرية لاستشعارهم ان دورهم ليس ببعيد، وجاء ذلك مع استقدام الجيش الامريكي اكثر من 100 عنصر من المارينز الى تلك المنطقة، بعد التحذيرات الكثيرة أنه لن يطول السكوت على عناصر “داعش” المختبئين تحت المظلة الامريكية في محيط قاعدة التنف ومخيم الركبان.
الامريكي الذي يتحسس رأسه ورأس “داعش” في محيط قاعدة التنف، وبعد استعادة الجيش السوري الغوطة الشرقية وكامل الجنوب، وقرب معركة ادلب، وانطلاق تمشيط بادية السخنة وبادية السويداء، حاول ارسال عدة رسائل من خلال تلك المناورات، التي تبدو انها مضحكة، على اعتبار ان المناورات العسكرية دائما تنفذ بين جيوش نظامية، فكيف استطاع الامريكي عقد هذه التوليفة، جيش نظامي وقوات مارينز مع مجموعة من المرتزقة والارهابيين. لكن الحاجة لارسال الرسائل دفعته للخروج عن المنطق العسكري، ووجه رسالة مفادها أن الجيش الأمريكي والجيوش البديلة له، تشعر بخطر حقيقي من اقتراب الجيش السوري من حصارهم بشكل مطبق في منطقة التنف، وان العمليات العسكرية في ادلب لن تسمح لان يكون للامريكي أي رهان، كما حدث في حلب، وأن المستشارين الايرانيين باتوا يشكلون الهاجس الحقيقي للادارة الامريكية والكيان الاسرائيلي، فحمل المحتل الامريكي المناورات برسائل ان الولايات المتحدة زودت هذه المجموعات بصواريخ مضادة للدروع حديثة، بالاضافة الى الاستعداد لدخول معركة ان واجهها أي خطر، وهذا في منطق السياسة، هو خداع وتزييف، لان الامريكي لن يستطيع ان يخوض حرب استنزاف طويلة في سوريا. والمناورة ما هي الا محاولة للحصول على دور فاعل في اي تسوية سياسية قادمة في ادلب، بعد فقدانه جميع نقاطه في البادية السورية والجنوب، والان في معقل مجموعاته البديلة في ادلب.
اللافت في الأمر أن كل ما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية لا يلفت نظر قادة الجيش السوري، فالنصر القادم في بادية السويداء وتطهير كامل بادية السخنة وصولا للحدود العراقية، حيث يختنق “داعش”، لن يعكره استعراض قوة فارغ، لا يؤثر على الوقائع الميدانية، او الخطط الاستراتيجية لانهاء الارهاب اينما وجد على الاراضي السورية.
العهد