عن التنف واحتمال اخلاء واشنطن لنقاطها
محمود عبد اللطيف
– تحول استراتيجية واشنطن المعلنة في سوريا من محاربة داعش الى محاربة الوجود الايراني، تفضي إلى أن التنف ستكون آخر النقاط التي قد تخليها قوات الاحتلال الأمريكي، لأن وجودها في التنف ليس بداعي محاربة داعش، ولا يحقق لها اي هدف عسكري على مستوى إقليمي لكنه يضمن قطع طريق “دمشق – بغداد”، الذي يعد جزءا طريق “طهران – بيروت” في الحسابات الإسرائيلية والأمريكية.
– خلال الصيف الماضي، أعلنت ميليشيا “لواء شهداء القريتين” انها فك ارتباطها بالتحالف الأمريكي لرفضها وقف القتال مع الدولة السورية في البادية والانتقال إلى شمال البلاد والانضمام لقسد، وقامت قبل الخروج من محيط التنف نحو مخيم الركبان بتسليم أسلحة كانت قد تسلمتها من التحالف، ولم تعد هذه الميليشيا تشكل أي ثقل عسكري في البادية لكنها تسيطر على جزء من مخيم الركبان وتتقاسم التجارة فيه مع بقية الميليشيات، وهي مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين عقائديا، ومسألة خروجها من المخيم دون سواها لن تقدم للدولة السورية اي فائدة، لذا اعتقد ان هذه الميليشيا الهامشية حاليا ليست بحاجة لترك جبهة آمنة في البادية لتنتقل للشمال السوري الذي قد يشتعل في اي لحظة، بحرب قد تشنها تركيا ضد قسد، او بمعركة ادلب الاي ستبقى محتملة.
ميليشيات “جيش اسود الشرقية – قوات احمد العبدو”، خرجتا من القلمون الشرقي بعد معركة الغوطة الشرقية نحو الشمال، ومن بقي من هذه الميليشيات ليس ذو أهمية عددية في مخيم الركبان، كما ان جزءا كبيرا من هاتين الميليشياتين كان قد غادر الأراضي السورية نحو الأردن بتنسيق “أمريكي – أردني”، ولم يكشف عن مصيره بعد الانتقال، لكن غالبا تم نقلهم الى الجزيرة السورية كجزء من فصائل قسد.
-جيش احرار العشائر هو اكبر ميليشيات الركبان ويمسك بالشريط الخدودي مع الأردن ويتحكم بمفاصل التجارة الاساسية في المخيم، كالخبز والماء والادوية، فيما تعتبر تجارة المحروقات من نصيب “جيش مغاوير الثورة” الاقل عددا والاكثر قربا من القوات الامريكية بكونه الفصيل الوحيد الموجود في محيط قاعدة التنف ويتحكم بمجموعة من الطرق الواصلة بين الركبان والاراضي العراقية.
– أقامت القوات الامريكية تدريبات في محيط التنف قبل فترة بسيطة، واشركت فيها “جيش مغاوير الثورة”، واستخدم في هذه التدريبات المروحيات القتالية وصواريخ “هامتريس”، نفذت عمليات اسقاط مظلي للمساعدات والذخائر.
-تمنع الميليشيات خروج المدنيين من الركبان نحو مناطق الدولة السورية لانهم العائق الوحيد لعرقلة اي عملية عسكرية سورية في المنطقة التي من الصعب تحصينها هندسيا لاعاقة تقذم اي قوة برية سورية قد تتقدم بدعم المروحيات القتالية، لذا لا يوجد مؤشرات واضحة لإخلاء هذه النقطة.
– تصريحات ترامب حول الانسحاب من سورية تأتي تحت احتمالات متعددة من احمق البيت الأبيض:
1- محاولة سخيفة لتبريد الرووس الحامية بعد اسقاط الطائرة الروسية بسبب اعتداء يوم امس، وهو امر مستبعد نسبيا.
2- محاولة ابتزاز جديدة للخليج والحديث هنا عن السعودية والامارات تحديدا لكونهما يحاولان تصيد بعض الفرص النفطية في الشمال تحت كنف الامريكان.
3- تصريح للداخل الامريكي دون جدية حقيقية، فما تقوم به قوات الاحتلال في القامشلي ومحيطها، وجنوب الشدادي وغرب الحسكة، من توسيع نقاط وانشاء اخرى لا يشير لاي نية للانسحاب خلال منظور قريب