سوري يقتل والده المتزوج من سبع زوجات
يبدو أن الجرائم الغريبة بدأت تظهر بشكل واضح في مجتمعنا بعدما كانت مرفوضة ومستنكرة في حال وقعت لو بندرة، إذا أصدرت محكمة الجنايات الثانية في دمشق أمس حكماً بالإعدام خفف إلى المؤبد على شاب تجاوز الثامنة عشرة من عمره بسبب قتل والده بدوافع عديدة منها السرقة.
وحضرت الـ«الوطن» جلسة المحكمة التي أصدرت خلالها أكثر من عشرة أحكام جنائية بحق متهمين ارتكبوا جرائم مختلفة بما في ذلك هذه الجريمة البشعة التي تشارك فيها ثلاثة مجرمين بينهم امرأة.
وفي تفاصيل الجريمة كما تم ذكرها في قرار الحكم أن الأب المغدور تزوج من سبع نساء ست مطلقات وقد أنجبت جميع نسائه أولاداً له ويبدو أن الأب يملك من المال ما يدفع أولاده إلى الطمع به لكن ليس إلى قتله كما حدث.
وبدأ كيد النساء يعمل فبدأت كل زوجة تحرض أولادها على أخوتهم غير الأشقاء والأب لم يكن حكيماً إلى درجة يمنع هذه الفتنة فبدأ يسمع كلام بعض أولاده على حساب الآخرين ويسجل أملاكاً عقارية لهم ومن بينهم كان ولده القاتل إذ سجل له بيتاً.
إلا أن زوجة أبيه تدخلت وطلبت من الأب أن يعيد البيت فما كان منه إلا أن تحايل عليه بعدما وعده أن يسجل له منزلاً أكبر من الأول وبكل تأكيد الابن القاتل طمع بذلك ووافق على استرجاع البيت إلا أنه بعدما أعاد الأب البيت إلى ملكه طرده ولم يعد يعترف عليه ما دفع الابن إلى الاتفاق مع أصدقاء له لقتل والده بهدف السرقة وهذا ما تم.
فأقدم على طعن والده متناسياً أن هذا لا يمكن أن يفعله إلا إنسان باع كل قيمه وتجرد من واقعه ليصبح وحشاً لا يرى أمامه إلا القتل مهما كانت الضحية.
ومن الغريب أن القاضي حينما تلا الحكم أمام مسمع الجميع لم تهتز للابن شعرة حتى معالم وجهه كانت تدل على أنه فعل الصواب وهذه الجريمة كان من المفترض أن يرتكبها منذ فترة طويلة وكأنه يريد أن يوصل رسالة لكل من يشاهده في قاعة المحكمة أنه خلص العائلة من شر والده.
وظهرت على معالم الحضور الدهشة حينما سمعوا قرار حكم الإعدام إلا أن القاضي لم يطل حتى ذكر الحكم المخفف إلى المؤبد، كما حكم على أحد شريكيه بالجريمة بالمؤبد لاشتراكه بجرم القتل في حين حكم على الآخر بالسجن لمدة سنتين لمشاركته في جرم السرقة.
من جهته أكد رئيس محكمة الجنايات في دمشق ماجد الأيوبي أن هناك العديد من الظروف أدت إلى ارتكاب هذا الجريمة المؤسفة منها أن الابن القاتل أصبح مشرداً لا ينام في منزله لأن والده طرده، مضيفاً: فأصبح ينام في ورشات العمل وأحياناً في سيارة مستهلكة.
وفي تصريح لـ«الوطن» أضاف الأيوبي: في ذلك الوقت نرى الوالد المغدور له ظروف خاصة تزوج من سبع نساء ومن هنا بدأت المنازعات بين الأولاد والمشاكل فكانت العلاقات بينهم سيئة لخلافهم على الأموال وخصوصاً أنهم غير أشقاء.
وأوضح الأيوبي أنه تم استخدام الأسباب المخففة في هذه القضية بعد دراسة ظروف الدعوى لاسيما من ناحية واقع الجريمة ومن جهة المجرم ذاته، مبيناً أحياناً المجرم يقع تحت تأثير معين أو يكون مريضاً وغيرها من هذه الأسباب التي ينظر فيها القاضي.
وأشار الأيوبي إلى أن قتل الوالد يستوجب عقوبة الإعدام مباشرة إلا أنه بعد النظر في ظروف الدعوى وعمر الجاني كان تقدير هيئة المحكمة منحه الأسباب المخففة باعتبار أن القضاة يدرسون الظروف المحيطة بالجريمة لاسيما النفسية والاقتصادية والاجتماعية، علماً أن عقوبة المؤبد كبيرة جداً أيضاً.
وأشار الأيوبي إلى أن الزواج من أكثر من امرأة مسموح به شرعا وقانوناً لكن يجب ألا يؤدي الزواج إلى خراب وتفكك الأسرة إضافة إلى أنه يجب ألا يكون هناك معاملة سيئة من الأب تؤدي إلى التفرقة بين أولاده.
ورأى الأيوبي أن جرائم قتل الأصول والفروع خطيرة جداً رغم قلتها في المحاكم إلا أنها تبقى غريبة عن مجتمعنا ومستهجنة، لافتاً إلى أن هناك العديد من جرائم القتل إلا أنها مختلفة، منها أنه تم قتل أشخاص لمجرد أنهم سبوا أو شتموا.
وكشفت إحصائيات أنه أسبوعياً يتم إصدار نحو 10 أحكام بجرائم مختلفة وأحياناً أكثر أو أقل حسب ظروف كل دعوى والانتهاء منها.
الوطن