بالعزم والإصرار ذلل الصعاب وأكمل الطريق، حكاية الجندي “سامر”
حمل بندقيته بيد وقلمه باليد الأخرى ، تحدى ظروفه الصعبة ، قهرها ولم يقهر ، وأكمل ما ابتدأه حتى حقق مناله ومبتغاه.
تخرج المقاتل “سامر” ابن منطقة بانياس من معهد النفط في العام 2010 م وتعين في المؤسسة العامة للنفط وبقي في وظيفته حتى نهاية العام 2011 م ، ليطلب بعدها إلى خدمة العلم في الجيش العربي السوري ويخضع لعدة دورات تدريبية، فرز بعدها إلى أحد تشكيلات الجيش المقاتلة ، وكانت مشاركته بمناورات الجيش السوري بريف السويداء في تموز/يوليو من العام 2012 م أول مهمة له ، لتبدأ بعدها مسيرته القتالية بخوض عشرات المعارك في أرياف حماة وإدلب واللاذقية حتى نهاية العام 2014 م ، وتحفظ المقاتل “سامر” على الغوص في تفاصيل وثنايا تلك المعارك واكتفى بما ذكر.
كان المقاتل “سامر” قد سجل في العام 2007م بكلية الحقوق وانقطع عن الجامعة لظروف خاصة به ، وبعد صدرو قرار خاص بالمستنفذين في العام الدراسي 2015-2014 م قرر “سامر” العودة إلى الجامعة ليكمل تحصيله العلمي، يقول سامر ” بعد أخذ الأذن من قيادتي في المؤسسة العسكرية سجلت في كلية الحقوق بجامعة دمشق لدورة فصلية واحدة ومن خلال هذه الدورة أما أنجح وأصبح سنة ثانية أو سأستنفذ من جديد لأنني عدت إلى الجامعة من خلال مرسوم للمستنفذين صدر آنذاك”.
وبالفعل تقدم “سامر” لامتحانه الأول في كلية الحقوق بجامعة دمشق وتمكن من اجتياز التحدي الأصعب بسبب الانقطاع عن الدراسة لفترة طويلة وكونه جندي في الجيش السوري عانى ما يعانيه من مصاعب و ظروف قاسية عاشها جنود الجيش السوري في سنوات الحرب، يقول سامر “قدمت مواد السنة الأولى جميعها في الفصل الدراسي الثاني من العام الدراسي 2015-2014 م ، وأذكر حينها كم الإجهاد والتعب والضغط النفسي الذي تعرضت له فأنا منقطع عن الدراسة منذ مدة طويلة، وظروفي في الخدمة العسكرية لم تكن تلك الظروف المثالية لطالب في السنة الأولى من مشواره الدراسي بالأخص أنني أدرس في كلية بحجم كلية الحقوق، كما أذكر أنني أصبت في وعكة صحية حادة في أول امتحان لي في السنة الأولى بمقرر العقوبات -أحد مقررات طلاب الحقوق – ولم أتمكن من الوقوف والذهاب إلى الجامعة إلا بعد أخذ حقنة مسكنة للألم، وتمكنت حينها من النجاح بهذا المقرر، و بحمد الله وفضله ترفعت إلى السنة الثانية وقد نجحت في 10 مقررات بفصل واحد، وحصلت على تقدير ممتاز في مقررين منها.
نجح “سامر” في سنته الأولى بكلية الحقوق وانتقل إلى السنة الثانية وتابع دراسته بكل عزم وإصرار حتى أصبح ينتقل من سنة إلى أخرى بدون حمل أي مقرر.
وعند سؤالنا لسامر عن ماهية الصعاب التي واجهته خلال دراسته وهو جندي يخدم بلده بحالة حرب قاسية مع الجماعات الإرهابية ، قال سامر ” : رغم التسهيلات التي قدمت لي من قبل السادة الضباط، لقد عانيت من قلة النوم بالأخص في فترة الامتحانات كنت أنام لساعتين فقط من 12 إلى 2 ليلاً لأستطيع التوفيق بين دراستي والقيام بعملي كجندي ، كما تضايقت جداً من الانقطاع المتكرر والطويل للتيار الكهربائي الأمر الذي كان يضطرني أحياناً لأن أدرس على ضوء القداحة أو مصباح الموبايل وفي أحسن الأحوال على “لِد” موصول إلى بطارية، درست في جميع الحالات التي يمكن أن تمر على الطالب عموماً وعلى العسكري بشكل خاص، بالبرد بالحر أثناء المرض وأثناء نوبات الحراسة وأثناء المهام الموكلة إلي”.
تخرج الجندي “سامر” من كلية الحقوق بجامعة دمشق في العاشر من أيلول/سبتمبر عام 2018 م وطوى صفحة مليئة بالتحدي والإصرار وأصبح كمثال يحتذى به في صنع الإنجازات وإكمال التحصيل العلمي رغم الصعاب، وهل من صعاب أكثر من أن تكون جندياً في حالة حرب وليس أي حرب إنها حرب على الإرهاب مع مئات آلاف المسلحين الرادكاليين، يقول سامر “مرت هذه السنوات الأربعة كالحلم، بحلوها ومرها بتعبها وفرحها وبالنتيجة كان لي التخرج بفضل الله، كانت لي إرادة قوية بأنه يمكنني أن أتحدى الظروف وأحقق حلمي القديم بالحصول على الشهادة الجامعية حتى لو ضمن الحياة العسكرية، متسلحاً بدعوات أبي وأمي ورضاهما علي، ودعوات المحبين ومساعدة أصدقائي من رفاق السلاح الذين لم يوفروا جهداً لمحاولة تأمين الجو المناسب للدراسة”.
وللحكاية بقية فالجندي “سامر” الآن يتحضر لفحص القبول للقيد في درجة الماجستير في قسم الدراسات العليا بجامعة دمشق لمتابعة تحصيله العلمي.
المصدر: دمشق الآن – محمد كحيلة