ما هي أسباب حرمان الأكاديميين السوريين من العمل باختصاصاتهم في أوروبا؟
يعتبر تأمين عمل مناسب للأكاديميين السوريين في ألمانيا، أمراً في غاية الصعوبة، فبعد قضاء فترة الدخول إلى القارة العجوز، وتنظيم الأوراق التي تثبّت اللجوء، وتهيئة الشخص نفسياً، يأتي السؤال: كيف سأبدأ حياتي المهنية من جديد؟.
ويعاني نسبة لا يستهان بها من مجمل اللاجئين السوريين من شبه انعدام فرص العمل لا سيما في مجال الاختصاص الذي اختصوا أو عملوا فيه قبل توجههم إلى بلاد الشتات، عدا عن حاجز اللغة والاختلاف في ظروف العمل.
(محمد السيد) وهو خريج كلية الحقوق من سوريا، لم يوفق بأي فرصة عمل تتناسب مع شهادته، خصوصاً أنّ دراسة القانون أو الحقوق في سوريا، وأغلب دول العالم تكون مخصصة في البلد بعينه، ما يحتّم اختلافاً في التعاطي مع القوانين بين البلدان.
يقول (محمد) “بعد أكثر من سنة ونصف وأنا أبحث عن فرصة عمل، ولو قريبة من دراستي، فقدتُ الأمل تماماً، والآن أعمل نادلاً في إحدى المطاعم في برلين، لأنّ أي لاجئ بعد فترة من الزمن يبدأ بالبحث عن عمل أيّاً يكن”.
أما (سوزان) التي تخرّجت من قسم اللغة العربية بجامعة حلب قبل بدء الأحداث، أدركت تماماً أن العمل بشهادتها في ألمانيا، يعتبر من المستحيل، فاللغة العربية ليست موضع أهمية في ألمانيا، كما أنّ مستواها الضعيف في اللغة الألمانية يحول دون دخولها سوق العمل بأي مجال يقترب من مهنتها، حيث “تركت شهادتها في الخزانة” كما تقول.
يقول الأكاديمي السوري (نبيل عبد المنعم) “هناك أسباب عديدة، تحول دون عمل اللاجئ السوري في ألمانيا وعموم أوروبا باختصاصه أو تحصيله العلمي”. أولها ما يتعلق بالجامعات، فهناك، بحسب (عبد المنعم) جامعات ليس لديها مقاعد حالياً مخصصة لاختصاصتهم، ويجب على بعضهم الانتظار، و”أقصد هنا فيما يخصّ تعديل الشهادة إن أمكن”.
ويضيف في حديثه لأورينت “المطلوب من الأكاديميين في أوروبا أن يعملوا ويقدموا عقد عمل كامل، بما يعادل 8 ساعات يوماً، بينما في الجامعات فالنظام مختلف. كما أن العديد من المراكز والجامعات تعطي وتقدم منح للأكاديميين شريطة أن يكون قد غادر بلده قبل سنتين من تقديم طلب العمل في أقل تقدير، بمعنى ألا يكون له أكثر من عامين، في حين أن القسم الأكبر غادر إلى الأردن أو مصر أو تركيا قبل أعوام وبالتالي لن يستفيدوا من هذه المنح، رغم أنها مخصصة للأكاديميين، وللغة دورها، فالتعاقد مع الجامعات أو التدريس أو القاء المحاضرات يتطلب مستوى متقدم من اللغة، وهنا يحتاج الأمر مزيداً من الوقت والجهد”.
ويختم (عبد المنعم) حديثه بالقول “تعديل الشهادات، يتطلب وقتاً ووثائق، وهناك حالات عديدة لا يستطيع الأكاديمي جلب أو تأمين تلك الأوراق، لأسباب عدة سواء كانت مفقودة أو جراء استحالة الحصول عليها من الدوائر في سوريا”.
وفي الوقت الذي يترك فيه اللاجئون شهاداتهم الجامعية معلقة على جدران منازلهم في بلاد اللجوء، نظراً للمعوقات الكثيرة التي تواجههم أثناء البحث عن فرصة عمل، والتي يأتي في مقدمتها (اللغة، ومعادلة الشهادة، وعدم وجود فرص عمل للاختصاص الذي يحمله اللاجئ) يعمل معظم الأكاديميين السوريين في ألمانيا، بأعمال لا تتناسب مع اختصاصتهم، أغلبها حرّة، أو تجارية، وهذا ما يتعارض مع سعي ألمانيا الحثيث منذ مطلع عام 2012، لاستقبال السوريين حملة الشهادات الجامعية.
حيث دأبت الصحافة الأوروبية آنذاك، على نشر تقارير تحضّ حملة الشهادات الجامعية على تقديم طلبات لجوء، ومع استقبال ألمانيا لأول خمسة آلاف سوريّ جامعي عام 2013، اعتبر “غونتر يوكهارد” رئيس منظمة “بروا وزول” الألمانية، التي تعنى بشؤون اللاجئين، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) أن العدد الذي ستستقبله الحكومة الألمانية من اللاجئين السوريين غير كاف.
وكالات