السبت , نوفمبر 23 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

رحلة خاشقجي الأخيرة.. لماذا تمت تصفيته؟

رحلة خاشقجي الأخيرة.. لماذا تمت تصفيته؟
علي فواز
كان لا يزال الكاتب السياسي قبل اختفائه يحتفظ بعلاقات وطيدة مع أفراد في الأسرة الحاكمة وفي السلك الأمني. ارتبط بعلاقات غامضة مع السلطات السعودية كما تقول وكالة الصحافة الفرنسية. إذا صحت فرضية اغتياله وهي مرجحة، تكون السطات السعودية أسكتت بذلك صوتاً معارضاً له ثقله المعنوي في الصحافة الغربية ويتمتع بعلاقات مع دوائر سياسية وأمنية في الداخل وسياسية في الخارج.
من البداية كان ثمة ما يبرر الخوف على سلامة الكاتب والإعلامي السعودي جمال خاشقجي. الأمراء والمعارضون الذين اختطفوا منذ سنوات لا يزال مصيرهم إلى اليوم مجهولاً. احتمال مقتل بعضهم غير مستبعد في ضوء تاريخ من إسكات الأصوات التي شكلت إزعاجاً للسلطات السعودية.
نواف بن طلال الرشيد ربما يكون لاقى مصير والده الشاعر ذائع الصيت الذي اغتيل في الجزائر عام 2003. سلّمته السلطات الكويتية هذا العام إلى الرياض خلال زيارته الكويت وبعدها اختفى أثره.
قبله الأمير سلطان بن تركي الذي اختطف للمرة الثانية عام 2016 بعدما غيرت طائرته المتجهة إلى القاهرة مسارها وحطت به في المملكة. عام 2015 كانت عملية أمنية بانتظار الأمير سعود بن سيف النصر الذي اختطف من إيطاليا، كما اختطف الأمير تركي بن بندر من المغرب التي تردد إليها آتيا من مكان إقامته في باريس.
في اسطنبول نفسها لاقى المعارض محمد المفرح حتفه في ظروف غامضة عام 2014. كما استدرج وجدي غزاوي عام 2012 إلى السعودية وسجن.
يسرد فيلم “أمراء آل سعود المخطوفون” الذي أنتجته قناة bbc عام 2017 قصة الأمراء الثلاثة الذين سبق ذكرهم.
الأمير عبدالعزيز بن فهد الذي تجرأ في تغريدة له على مهاجمة وذم ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد لا يزال في العتمة.
وعبدالعزيز نفسه هو الذي استدعى ابن عمه سلطان بن تركي بن عبدالعزيز المذكور آنفاً لتناول الفطور في أحد قصور والده الملك فهد في سويسرا عام 2003. كان عبدالعزيز آنذاك الابن المفضل للملك فهد وكان يتمتع بنفوذ واسع في ظل حكم والده المسن والمريض.
كان سلطان خلال فترة إقامته في جنيف ينتقد علانية القيادة السعودية. رفض عرض عبدالعزيز بالعودة إلى السعودية وحلّ النزاع هناك. يروي الفيلم أن ملثمين داهموا الغرفة حينذاك ثم كبلوا سلطان وغرزوا إبرة في عنقه. تنقل سلطان بين السجن والإقامة الجبرية في السعودية لكن بسبب تدهور حالته الصحية سُمح له عام 2010 بالسفر إلى أميركا، ومن هناك تقدم بشكوى في المحاكم السويسرية اتهم فيها الأمير عبدالعزيز بن فهد والشيخ صالح آل الشيخ بالمسؤولية عن اختطافه في عام 2003.
أما الأمير تركي بن بندر آل سعود فكان مسؤولاً رفيعاً في جهاز الأمن السعودي قبل أن ينشق بسبب نزاع على الإرث مع أمراء أكثر منه سطوة. انتهى به الأمر بداية إلى السجن، وعند إطلاق سراحه فر إلى باريس حيث بدأ يبث معلوماته وتهديداته منذ عام 2012 على يوتيوب.
الأمير الوحيد الذي لا يزال طليقاً هو خالد بن فرحان آل سعود الذي قصد ألمانيا عام 2013 وحصل هناك على اللجوء السياسي. يقول فرحان في الفيلم إن الأمير سعود الذي سبق ذكره وقع ضحية فخ لاستدارجه من مدينة ميلانو إلى روما بزعم مناقشة مشروع تجاري وبدل أن تهبط الطائرة في روما هبطت في الرياض.
هؤلاء ليسوا أكثر وزناً وأهمية من وزن الصحافي جمال خاشقجي. لكن الأخير بعكس هؤلاء جميعاً لم يدعُ يوماً، وصولاً إلى نهايته الدرامية إن صحت المعلومات الأولية، إلى الثورة أو التمرد على آل سعود.
الكاتب السياسي المرموق كان لا يزال قبل اختفائه يحتفظ بعلاقات وطيدة مع أفراد في الأسرة الحاكمة وفي السلك الأمني. لم يستطع تحمّل القيود التي كبله بها الأمير محمد بن سلمان بعدما جُرد من كلمته وقلمه. مُنع من التغريد على تويتر وبعدها من الكتابة في جريدة الحياة بعد أن دافع في مقال له عن جماعة الأخوان المسلمين، التي تعتبرها الرياض جماعة إرهابية، ويُتهم خاشقجي أنه ينتمي إليها أو يتعاطف معها.
اختار المنفى بعد أن لمس قيوداً لم يعتدها طوال فترة دفاعه عن النظام السعودي. في خضم موجة الاعتقالات التي شملت مثقفين ودعاة إسلاميين عام 2017 عرف خاشقجي أن زمن السعودية تغيّر وأن الهوامش بدأت تضيق.
ارتبط بعلاقات غامضة مع السلطات السعودية كما تقول وكالة الصحافة الفرنسية. عمل مستشاراً في الرياض وواشنطن كما عمل مستشاراً للأمير تركي الفيصل الذي كان مسؤولاً عن الاستخبارات السعودية. أجرى مقابلات مع زعيم القاعدة أسامة بن لادن مرات عدة، ويُقال إنه يعرف الكثير من الخفايا.
إذا صحت فرضية اغتياله وهي مرجحة، تكون السطات السعودية أسكتت بذلك صوتاً معارضاً له ثقله المعنوي في الصحافة الغربية ويتمتع بعلاقات مع دوائر سياسية وأمنية في الداخل، وسياسية في الخارج. اغتيال من شأنه أن يُروّع معارضين آخرين ويلّوح لهم بأن يد السلطات قادرة على الوصول إليهم أينما حلّوا.
ما يعزّز القناعة بتورط الرياض هو سكوتها لأيام عن مسألة احتلت عناوين الصحف العربية والعالمية. التعليق الرسمي الأول جاء على لسان ولي العهد خلال مقابلته مع وكالة بلومبرغ. لم توفد الرياض محققين لاستجلاء مصير خاشقجي إلا منذ السبت بحسب رواية الإعلام السعودي. الأمر الذي يثير الريبة هو امتناعها عن عرض شريط الكاميرات داخل القنصلية وخارجها رغم التهم الموجهة إليها. ادعى القنصل السعودي في اسطنبول أن الكاميرات غير مزودة بذاكرة ولا تسجل أو تحتفظ بالمشاهد، فيما يمكن أن نجد مثل هذه الكاميرات في أصغر “سوبرماركت”، فما بالك بقنصلية دولة مثل السعودية.
مزاعم رد عليها مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كما نقلت رويترز الأحد بأن “حديث المسؤولين السعوديين عن عدم وجود تسجيلات للكاميرات بخصوص خاشقجي غير صادق”.
يجزم محمد بن سلمان في مقابلته مع وكالة بلومبرغ أن جمال خاشقجي ليس داخل القنصلية السعودية في اسطنبول. لتأكيد ذلك يبدي استعداده للسماح بالحكومة التركية في البحث عنه داخل المبنى.
جزْم بن سلمان وثقته في معلوماته يتبددان حينما يصرّ عليه المحاور بأن خاشقجي قد دخل القنصلية. جوابه الحرفي جاء على النحو التالي: “ما أعرفه هو أنه دخل وخرج بعد دقائق قليلة أو ربما ساعة. أنا لست متأكداً”.
“ربما”، و”لست متأكداً”، عبارتان تجافيان المنطق وتثيران الريبة والتساؤلات. كيف لمن يمسك بمقاليد السلطات في المملكة أن تخفى عليه هذه التفاصيل في قضية حساسة على هذا القدر من الخطورة؟.
شهد موقع تويتر بعد اختفاء خاشقجي موجات من التغريدات التي أدلى بها كتاب وحسابات قريبة من السلطة. بعض هذه التغريدات تحمل بحسب معارضين إشارات واضحة حول السبب وراء اختفاء خاشقجي.
بتاريخ الرابع من الشهر الحالي يكتب الإعلامي القريب من السلطة خالد المطرفي التغريدة التالية:
الميادين