الجمعة , نوفمبر 22 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

إعادة تأكيدٍ للوجود الإيراني – الروسي في سوريا

إعادة تأكيدٍ للوجود الإيراني – الروسي في سوريا
سركيس ابو زيد
التدخل العسكري الروسي في سوريا أدى إلى خلط أوراق اللاعبين في ساحتها، كما شكل نقطة تحوّل أساسي في مجرى الحرب فيها. ورغم ظهور فجوة بين إيران وروسيا إلا أن الطرفين يسعيان لتأكيد العلاقة واستمرارھا، فالشراكة في الحرب من أجل ھدف واحد ھو دعم نظام الرئيس الأسد والقضاء على الإرھاب، فإيران على امتداد سنوات الحرب أقامت بنية تحتية قوية لوجودھا في سوريا ولا تفكر في مغادرتها وستبقى فيھا طالما الأسد باقٍ وبناء على طلبه.
أما مصير الرئيس بشار الأسد فقد بات خارج أي نقاش وبحث، أي أن ھناك إقراراً دولياً إقليمياً ببقائه واستمراره، وعدم ربط أي تسوية برحيله وإسقاط عبارة “لا مكان له في مستقبل سوريا”. الأوروبيون أول من سلّموا بھذا الواقع، تبعھم الأتراك، والآن الأميركيون والإسرائيليون، وقريباً الإماراتيون والسعوديون. وعودة سوريا الى جامعة الدول العربية ستطرح بعد أشھر، حيث أشارت معلومات دبلوماسية منذ فترة الى تطورات جديدة على خط العلاقات بين دول الخليج، وتحديداً السعودية والإمارات والبحرين، وسوريا. بعض هذه المعلومات أشارت الى أن لقاءات عُقدت بين مسؤولين سعوديين وسوريين، وأن الإمارات بدأت الإعداد لإعادة فتح سفارتھا المغلقة في دمشق، وكل ھذه الحركة الإيجابية تتم من خلفية أمرين أساسيين:
– الأول: أن دول الخليج باتت معترفة بالواقع السوري الجديد، ومستعدة للتعامل معه وعلى أساس أن الرئيس بشار الأسد ربح الحرب واستعاد زمام المبادرة والسيطرة.
– الثاني: أن الأولوية الخليجية تبدلت في سوريا والمنطقة. فالمشكلة لم تعد مع الرئيس الأسد وإنما مع إيران.
محللون يرون أن مشكلة دول الخليج ھي مع إيران المتمددة سياسياً وعسكرياً في سوريا، لذلك، فإن أي تقارب خليجي مع النظام السوري ھو عملياً تقارب مع إيران وانفتاح عليھا. في المقابل تتحمّل دول الخليج “تمنينا” دوريا فظا من الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يذكرھا على نحو يومي تقريبا “بسخاء” بلاده، ويطالبھا بدفع ثمن الحماية، في ما يشكل سابقة في تاريخ العلاقات بين واشنطن والرياض. وتضغط السعودية حالياً لخفض أسعار النفط تلبية لرغبة “سيد البيت الأبيض”، وذلك ليس إلا طمعاً بدعمه في مواجھة الجمهورية الإسلامية الإيرانية ووضع حد لنفوذھا في المنطقة وتطلعاتھا النووية التي تعتبرھا دول الخليج تھديداً لھا.
وضمن هذا السياق تأتي المؤشرات التي ترجح أن ھناك تحولاً حقيقياً في حجم الاھتمام الأميركي بالمسألة السورية من زاويتين: الأولى أمن الكيان الإسرائيلي، والثانية استراتيجية المجابھة مع إيران على مستوى المنطقة. وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو حدد أولويات السياسة الأميركية في سوريا بثلاثة أھداف:
– القضاء على “داعش”، والبقاء لضمان عدم ظھوره مرة ثانية.
– تصفية الوجود العسكري بالكامل لإيران وحلفائها في سوريا.
– التعاون مع روسيا لتحقيق الحل السياسي، والتمسك بالمفاوضات السياسية بين “المعارضة” و”النظام” تحت رعاية الأمم المتحدة في جنيف.
في المقابل، وجّه السفير الأميركي السابق في سوريا روبرت فورد إنتقاداً شديد اللھجة للسياسة التي تتبعھا إدارة ترامب في سوريا. وكتب في صحيفة “الشرق الأوسط”: “ينبغي على بعض الساسة الأميركيين الذين يديرون دفة السياسة الأميركية إزاء سوريا أن يتحلوا بقدر من التواضع، لقد مارسوا الضغوط الشديدة لأجل أن يتولى نوري المالكي رئاسة وزراء العراق في عام 2010 و 2010. وأثبت التاريخ أن ھذا كان من الأخطاء السياسية الفادحة التي أفضت إلى بروز خطر “داعش” في كل من العراق وسوريا لاحقاً”، وفق تعبيره.
أما عن وجود حزب الله في سوريا، فيجري الحديث بين الحين والآخر عن احتمال انسحاب حزب لله من سوريا وعودته الى لبنان، بعدما بدأت الحرب تضع أوزارھا وانتھت المعارك الكبرى وحُسمت عسكريا كما جرى في الغوطة ودرعا، أو جرى حسمھا بالتسوية كما جرى في إدلب. مع العلم أن حزب لله عمد الى التخفيف من تواجده العسكري والى إعادة جزء من قواته بما يتماشى مع الأوضاع والظروف الجديدة في سوريا، ولكن انسحاب حزب لله من سوريا غير مطروح حاليا ومستبعد في المدى المنظور، بدليل:
– إعلان الرئيس السوري بشار الأسد أن المعركة طويلة ومستمرة، وأن الحاجة الى حزب لله لم تنتفِ بعد وستستمر لفترة طويلة.
– تأكيد الأمين العام لحزب لله السيد حسن نصرلله أن حزب لله باقٍ في سوريا وطالما أرادت القيادة السورية أن يبقى.
– إشارة رئيس مجلس النواب نبيه برّي (في حديث لوكالة “سبوتنيك” الروسية) الى أن “حزب لله موجود في بلده، لأنه لو لم يكن متواجدا ھناك، لكان “داعش” قد أصبح ھنا في لبنان”، ليؤكد أن “السبيل الوحيد لانسحاب الحزب ھو تحرير الأراضي السورية”.
– إعلان إيران على لسان أمين مجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني أن بلاده، ومعھا حزب لله، لن تنسحب من سوريا رغم الضغوطات التي تتعرض لھا، وأن تدخلھا في سوريا جاء بطلب من الرئيس الأسد. وربطت إنسحابھا من سوريا بإخلاء القوات الأميركية وقوات “التحالف الدولي” لقاعدة التنف على الحدود السورية – العراقية.
في الواقع، الوجود الإيراني في سوريا متعلق بموقف روسيا التي لا تريد خروج إيران من كل سوريا، فالتوافق الروسي – الإيراني شامل في التفاصيل الميدانية على الأرض، وھي تدعم حق حلفائھا الإيرانيين الثابت في البقاء في سوريا، انطلاقا من قناعة بأن وجود روسيا في سوريا مرتبط عضويا بوجود إيران. فروسيا تدرك جيدا أنها عادت الى المسرح العالمي كلاعب أساسي من خلال الملف السوري، والتوازن الدولي عاد من خلال البواية السورية. بوتين اليوم يتقاسم العالم مع ترامب من خلال المعادلة الدولية الجديدة، ولإيران دور أساسي فيھا وكذلك حزب لله، وروسيا تعرف ذلك، وبالتالي التوافق بينھم كبير جدا. وأكثر من ذلك، فإن الروس وحتى انتھاء المعركة وإعادة توحيد سوريا بشكل كامل ھم بحاجة لوجود حزب لله والإيرانيين على المستوى الميداني والعسكري أولا. موسكو لن تعمل على إخراج إيران أو إضعافھا في سوريا، لأن من شأن ذلك أن يؤثر بشكل خطير جداً على الأمن القومي لروسيا في المنطقة من آسيا الوسطى الى الشرق الأوسط.
العهد