الجمعة , نوفمبر 22 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

نارام سرجون:لماذا أحترم أنيس النقاش ولا أحترم الاخوان المسلمين؟ اخوان ينقصهم أنيس واحد

نارام سرجون:لماذا أحترم أنيس النقاش ولا أحترم الاخوان المسلمين؟ اخوان ينقصهم أنيس واحد
نارام سرجون
لايزال في خاطري ضجيج تلك المعركة التي دارت بين ابن رشد وابي حامد الغزالي والتي كانت صراعا للبقاء بين العقل والنص .. فكتب الغزالي كتابه الشهير (تهافت الفلاسفة) اي تناقضاتهم واتهم الفلسفة بالفشل في ايجاد اجوبة شافية لمسائل الوجود الكبرى .. ورد عليه ابن رشد ردا ساحقا بكتاب سماه (تهافت التهافت) وقام بتشريح كتاب الغزالي واظهار عيوب منطقه .. وكان الغزالي باختصار يقول ان تناقض النص الديني مع العقل فان علينا ان نأخذ بالنص حتى وان لم ينسجم مع العقل .. اما ابن رشد فانتصر للمنطق والعقل وقال اذا اختلف العقل مع النص فان علينا ان ننتصر للعقل لا للنص اللاهوتي لأن الدين يجب ان يترك للتفسيرات الروحية لاالعقلية المادية ..
ونتيجة صراع التهافتين – تهافت الغزالي وتهافت ابن رشد – اختار الشرق تهافت الغزالي واختار الغرب تهافت ابن رشد .. ولايزال كل معسكر يقطف ثمار التهافت الذي انتقاه .. فوصلت اوروبة الى المريخ يقودها منطق ابن رشد .. وبقي الشرق يدور حول الروح ويدور حول نفسه في نفس النقطة التي تركه فيها الغزالي ..
لذلك لايزال الانسجام في المنطق وعدم التهافت والوقوع في الميوعة العقلية هو محط احترامي وهو منهجي في حياتي العامة والخاصة .. لأننا نعاني من مشكلة الكيل بمكيالين .. فنصدر على قضية واحدة عدة أحكام وكل واحد لايتفق مع الذي يليه ولا الذي قبله .. فنجد احدنا يتحمس للعلاقة مع تركيا ويعتبر تدخلها في شؤوننا من منطق اسلامي ويصف الاحتلال العثماني لبلادنا انه احتلال اسلامي حميد .. فيما يرفض تدخل ايران والعلاقة معها لأنه لها مصالح مستترة ويرى وجودها احتلالا فارسيا لااسلاميا .. وترى احدنا يقدس الديمقراطية ويرى اننا في سورية سحقناها .. ولكنها في بلاد اردوغان تستحق الاحترام حتى ولو وضع عائلته كلها في الحكم وقفز من كرسي الى كرسي وبقي في السلطة عشرين سنة وألغى او أعاد الانتخابات اذا لم يفز وزج في السجن بحزب كامل بقيادته واعضائه .. ولايسمي هذا التفافا واحتيالا على مبدأ الديمقراطية .. بل عناية الهية ووحيا من الله لخير المسلمين ..
انتظرنا الاسلاميين في ربيعهم المشؤوم .. وكانوا وعدونا بتحرير فلسطين و “القاء اليهود في البحر” .. ولكنهم جندوا مئات آلاف الشباب وزجوا بمئات آلاف البنادق وآلاف الدبابات وبلايين الرصاصات .. وقتلوا كل من صادفوا .. ولكن هذه الريح الاسلامية مرت بسلام على اسرائيل .. وكانت بردا وسلاما على المستوطنين .. ولم يأمنوا كما أمنوا في زمن الربيع العربي واسلامييه .. ولم يتفنن العرب في اهداء القبل لهم الا في زمن الاسلاميين .. ولم يكتبوا في عمق الصداقة والاخوة العربية اليهودية الا في زمن محمد مرسي صديق اسرائيل العظيم .. ولاأظن ان اسرائيل منذ لحظة اعلانها عاشت زمنا أجمل من هذا الزمن .. و لم تتمتع بأمن كما تمتعت في هذا الزمن .. وكيفما تلفتت كانت تقطف الهدايا .. اسلاميون عتيقون يصافحونها .. واسلاميون جدد يعدونها بما كانت تحلم به .. واسلاميون يقصمون لها ظهر الهلال الشيعي الذي هزمها في لبنان .. ومؤمنون يلفون لها الحرم القدسي بالمناديل المعطرة ويقدمونه في علب السلام الفاخرة في مؤتمرات السلام .. وعرب يستقبلون وفودها ويودعون وفودها .. وجماهير عربية تقرر ان فلسطين ماتت وأن حطين معركة لن تتكرر .. وان القادسية هي التي عادت الى الحياة .. وان صفين أهم من معركة بدر ..
عندما استمعت الى حديث أنيس النقاش وهو يرد على احد الاسئلة ظننت انه كشخصية يحسبها البعض ذات ميول ايرانية وغير اخوانية طبعا ظننت انه سيجامل وانه سيضطر الى الخوض في التهافت الذي اعتدنا عليه في مواقفنا واجاباتنا .. ولكنه في الحقيقة نال اعجابي واحترامي .. لأنه لم يقبل ان يناقض نفسه .. فهو انتقد المرجعية الدينية العراقية الشيعية التي لم تنجح في اجتياز اهم امتحان عقائدي عندما وجدت نفسها وجها لوجه مع الاحتلال الاميريكي .. فهذه المرجعية التي أفتت بوجوب قتال داعش لم تصدر عنها فتوى بوجوب قتال المحتل الاميريكي وهو الاولى بالقتال ولم تنبس ببنت شفة عند اعدام صدام حسين في يوم العيد المبارك عند المسلمين .. وناقضت بذلك نفسها ومنطقها وعرضت عقيدتها للاهتزاز ووجهت ضربة في الصميم للفقه الاسلامي وللشرع الذي قامت عليه وتسببت في لعبة الدمار التي لعبت في الشرق .. وكانت احد أسباب تراكم الاخطاء في العراق لأنها بدأت بالخطأ الاول وهو تجنب مواجهة الاحتلال والافتاء بقتاله .. وعندما يقع الخطأ الاول الكبير الذي يسقط الدرع الذي يحمي الرمز فانه يجر معه الاخطاء التي تتوالد منه .. والنتيجة هي العراق الممزق .. وداعش .. وبصرة بلا ماء ولاكهرباء ..
ولايزال انيس النقاش يدعو الى نفس مادعا اليه منذ سنوات ولم يتغير .. وهو تحرير العراق من الوجود الاميريكي .. وهو لايفهم لماذا يحتاج الاميريكيون آلاف الموظفين في سفارتهم في بغداد الا للتآمر على العراقيين وليكونوا كتائب للمؤامرات على كل الشرق من سفارتهم في بغداد .. ولذلك فان النقاش يعيد دعوته الشهيرة للعراقيين: توضوؤا بدم الامريكان .. ولاتترددوا ..
سؤال: اذا كان انيس النقاش شجاعا وجريئا وانتصر للعقل والمنطق ضد الطائفة والمرجعية التي يفترض انه سيحميها ويداريها ويقف مثل الدريئة لرد الاتهامات عنها .. فهل هناك اخواني واحد يجرؤ ان يجري مراجعة لسلوك القرضاوي المشين والدموي الذي اهلك المسلمين؟؟ وهل هناك اخواني واحد يعاتب او يخطّئ اردوغان او يوجه اليه اللوم والاتهام لأنه لايزال في الناتو وبعلاقات وطيدة مع اسرائيل .. وهل هناك من سيوجه اليه سبابته ويحاكمه لما اقترفت يداه بحق المسلمين في عدة بلدان اسلامية من اجل مشروعه العثماني وميراث أجداده الاستعماري؟؟ ام ان الجميع سيندفع للذود عنه بالروح والدم واللسان والكلمة؟؟ .. وهل هناك رجل واحد في حركة حماس سيقول لجمهوره ان حماس ارتكبت خطيئة بحق أخلاقها وعقيدتها وحق شعبها بالرهان على تركيا العثمانية الناتوية وصمتت عن محاولات ضرب سورية بالناتو .. وهل هناك من سيغفر لها انزلاقها الى الصراعات الاقليمية بسبب رجل سافل اسمه خالد مشعل يجب ان يحاكم في غزة؟؟
الشجاعة هي بنت المنطق المنتاغم مع العقل .. وسلاحها الفتاك هو الحقيقة حتى لو كانت بطعم السم .. وأما الخيانة فهي بنت التهافت والتناقض .. والاخوان المسلمون يحتاجون الى نقاش واحد بينهم يهز فيهم العقل ويزيل التكلس في أرواحهم .. ولكن كل هذه الجحافل من الاخوانيين هي كتل متلاطمة من التهافت .. تهافت يلحقه تهافت ويسبقه تهافت .. ولو رآهم ابن رشد لأضاف الى عنوان كتابه (تهافت التهافت .. هو اخوان مسلمون .. وامة مسلمة)