من مغوار قوي الى “متسول” عاجز… تعرفوا على المصاب “أبو باسل”
سبع سنين وأكثر من حربٍ مجنونةٍ أنانيةٍ اللامنطقية، سبعُ سنواتٍ دُمرت فيها النفوس والقلوب والعقول، حربٌ اخترقت الأبوابَ خلسةً، فاستوطنت البيوت وأذلت أهلها، حربٌ بيعَ فيها الصغار والنساء في أسواق الرقِ والعبيد، حربٌ أبكت جميع امهات الوطن وأنهكت رجالَه، حربٌ لم تعرف البداية… حربٌ تحلم بنهاية!! تعددت المصطلحات، المسميات والضحية “شعب”، حرب طائفية كونية عالمية شهدتها وتشهدها سورية وتكتب نهاياتها لتعلن الدول المنتصرة، الدول الأقوى ونحتفل بعدها بعيد النصر وتُخط على شفاه المسؤولين ابتسامة ظفر وغلبة لتعلّق الأوسمة على صدورهم ويُعرض على الشاشات فخر الدول بقوتها وقدرتها على الصمود، فلنقف قليلاً ننظر بكواليس هذه الحرب بأساطيرها المكابدين بأبطال الحرب الحقيقين الذين يمثّلوا فعلاً نصر حرب و”صبر أيوب” من الطبيعي والمنطقي أن يكون لحرب كهذه شهداء ومصابين ومن البديهي أيضاً مصابين هذه الحرب أن يحظوا بأكبر نصيب من اهتمام الدولة ورعايتها بكونهم أعمدة الحرب المهدمة التي أبلاها الحرب، بحر المصابين انقسم إلى فئتين منهم من أُصيب وتابع عمله إثر انتهاء مدة “النقاهة” ومنهم من انتهى حظه من المشاركة بحرب كهذه إثر فقدانه أحد أطرافه أو كلتيها أو توقف عضو من أعضاءه عن العمل فبات منزله المأوى الوحيد المناسب لحالته .
الشهداء كُثُر والجرحى كُثُر والذي وقع على كاهل الدولة عبء ليس من السهل تحمله والقيام به سواء أكان من أضرار مادية أو بشرية فإذا نظرنا بما قدمَته وتُقدمه الدولة للشهداء والمصابين عندها نمثل أمام دولة مثالية ترفع لها القبعة لكن من الغريب أن نشهد أناس بذلوا دمائهم فداء الدولة أن يكون لهم مصير محتوم “حقير” والدولة لا تعرف بهم أو تتجاهلهم. من قلب العاصمة دمشق من ساحة الياسمين وعلى بعد أمتار من سيف الأمويين جلس رجل خمسيني يحلم أحلام جلّها العيش دون حاجة الغير، أنهكته الحرب وأنهكه تعاطف الناس عليه دون مساعدته، “نوفل ياسين كحيلة” مقاتل سابقاً وعاجز حالياً إثر إصابته بإحدى معارك الحرب على سورية بحوار ليوميات قذيفة هاون في دمشق مع نوفل كحيلة الملقب بـ”أبو باسل” قال انه مصاب حرب من أكثر من أربع سنوات عاجز يتقاضى من الدولة مبلغ قدره 15000 يدفع أكثر من نصفه أجار لغرفة يستأجرها لا تتسع لأكثر من فرشة للنوم،وغاز صغير، لديه ولدين مسؤول عنهما ،أبو باسل بعد إصابته حاول عدم الاستسلام لعجزه وأبى استجداء شفقة الناس عليه نزل أبو باسل إلى الشارع يبيع اليانصيب بكرسيه العاجز، لكن أي يانصيب سيؤديه حاجته وحاجة أولاده، من المؤسف والمخجل أن شخص بقوته وبعزيمته أن يتحول إثر إصابته إلى متسول “عملة وعواطف” أبو باسل لم يترك باب إلا وطرقَهُ لكفايته وعدم حاجته للناس لكن ومع الأسف الطلقات “الملعونة” أخذت قدمية مما جعلته غير قادر على ممارسة أيا عمل كان اعتكف أبو باسل أهله وحارته وجاء ساحة الأمويين طالباً مساعدة من أي جهة معنية أو أي شخص قادر على مساعدته متخذاً الحدائق بيتاً له و”السجائر” منفذه الوحيد لزفير آهاته المكبوتة، أبو باسل ترك اللاذقية هرباً من ديون جاء يفعل ما بوسعه لتسديدها تاركاً خلفه أولاده الذي يُعتبر المعيل الوحيد لهم، هو لايحلم أن يكون من الأغنياء جل أحلامه يوم يعود فيه لا أحد له بذمته ليرة يحلم بيوم ينام به قرير العين بريء الذمة.
نوفل لم يكن الرقم واحد ولن يكون الأخير يوجد من نوفل نوافل فأين الدولة عنهم هل ترضى دولتنا ترك مصابيها متسولين يستجدوا شفقة فلان وفلان بعدما أخذت منهم الحرب قوتهم وجبروتهم، منظره وهو يلبس الزي العسكري الكامل يستند بكتفيه على علم الجمهورية السورية لا يوجد بحوزته سوى علبة سجائر ومبلغ لا يتجاوز الـ1000 ليرة من شفقة الناس عليه عاجز لا يملك حق الدفاع عن نفسه بأي حال غدا مقاتلنا السابق أي أفكار تخطرعلى باله بلحظة استيقاظه لايملك سوى كرسيه الذي صُمِمَ للعجزة بعدما خطفت الحرب منه قوته وحولته لشخص ضعيف الجسد قوي العزيمة والإصرار على الحياة.
أبو باسل قصد حنية الياسمين في الساحة تاركاً مسقط رأسه آملاً بمساعدة ما تلوح بباله رغم أنف الظروف المحيطة به، فهل سيطول انتظاره في الساحة ونعتاد عليه موجود غير مرئي ولا مسموع أم سيعاود منزله ملبّي حاجته مانحاً الشعب السوري ذاك الأمل الذي يولَد من صميم الألم؟؟ سؤال تبقى الإجابة عليه برهن الأيام ويبقى علينا واجب تسليط الضوء عليه.
يوميات قذيفة هاون في دمشق – هلا عيسى عبد الله
Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73