بالفيديو… قبر جدنا “هابيل بن آدم” قرب دمشق
في الطريق إلى مقام “النبي هابيل” تصعد بنا السيارة إلى تلة مرتفعة، تشرف على قرى وبلدات “وادي بردى”، إحدى المناطق الأكثر جمالاً في ريف دمشق، ومع انتهاء أشهر الصيف الحارّة هذا العام، تكثر أعداد الزوار للمقام، لا سيما بعد تحسن الأوضاع الأمنية عموماً.
تعود قصة الأخوين “هابيل وقابيل” إلى أذهاننا، ويلفتنا القبر الطويل من الحجر، وإلى جانبنا كان الزوار يجوبون المكان، بعضهم جاء عن طريق أوتستراد “دمشق- بيروت” الدولي في سوريا، من جهة الغرب، وآخرون عن طريق “دمشق- قرى وادي بردى”، من جهة الشرق.
قبل أعوام فكّر القيمون على تسيير أعمال المقام بتوسيعه، فتم بناء عشرات الغرف التي تستقبل الزوار للاستراحة، وقضاء يوم جميل في أحضان المكان، والتبرك بالمقام، كما تم إنشاء سوق كبير يضم نحو 60 محلاً تجارياً، لبيع كافة أنواع الأقمشة والألبسة التي تلقى رواجاً وقبولاً عند السياح، يعود ريعها للمساهمة في أعمال البر والخير، منها ما يوزع على الأسر الفقيرة والمحتاجة، ومنها ما يخصص لصيانة المقام وإصلاحه.قصة النبي هابيل
هابيل وقايين (قابيل) هما ابنا آدم وحواء، وهابيل هو أول إنسان سفك دمه، وقد قتله أخوه الأكبر قايين أو “قابيل بحسب التسمية العربية” ويعني اسمه المقتنى وقد أطلقت أمه حواء عليه هذا الاسم عندما ولدته وقالت “اقْتَنَيْتُ رَجُلاً مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ” (سفر التكوين).
وتذكر كتب التوراة والعهد القديم قايين وهابيل على أنهما أول ابنين لآدم وحواء، فقد كان قايين عاملاً بالأرض أما هابيل فكان راعياً للغنم، وفي يوم قررا أن يقدما قرابين إلى الله، فبحسب الفصل الرابع من سفر التكوين قدم قايين من ثمار الأرض قرباناً للرب، وقدم هابيل أيضاً من أبكار غنمه ومن سمانِها، فنظر الرب إلى هابيل وقربانه، ولكن إلى قايين وقربانه لم ينظر، فاغتاظ قايين جداً، وسقط وجهه، ولم ينظر الرب إلى قربان قايين لأنه كان مخالفاً لما كان يتطلبه وهو الذبيحة الدموية، التي أخبره أبوه آدم بوجوب تقدمتها، أما هابيل فقد فعل.
وجاء في الكتاب المقدس أنه “بالإيمان قدم هابيل لله ذبيحة أفضل من قايين، وبه شُهِد له أنه بارٌ إذ شهِد الله لقرابينه”.
وعن سبب قتل قايين لأخيه هابيل، يقول القديس يوحنا في رسالته الأولى: “لأَنَّ هذَا هُوَ الْخَبَرُ الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ مِنَ الْبَدْءِ: أَنْ يُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا، لَيْسَ كَمَا كَانَ قَايِينُ مِنَ الشِّرِّيرِ وَذَبَحَ أَخَاهُ. وَلِمَاذَا ذَبَحَهُ؟ لأَنَّ أَعْمَالَهُ كَانَتْ شِرِّيرَةً، وَأَعْمَالَ أَخِيهِ بَارَّةٌ” (1يوحنا 11:3-12).
وبحسب سفر التكوين أيضا فقد أنجبت حواء لآدم ابْناً آخر اسمه “شِيثا” أو من يسميه العرب “النبي شيث”، إِذْ قَالَتْ: “قَدْ عَوَّضَنِي اللهُ نَسْلاً آخَرَ عِوَضاً عَنْ هَابِيلَ الَّذِي قَتَلَهُ قَايِينُ، وَوُلِدَ لِشِيث أَيْضاً ابْنٌ سَمَّاهُ أَنُوشَ وَعَنْدَئِذٍ ابْتَدَأَ النَّاسُ يَدْعُونَ بِاسْمِ الرَّبِّ”.
وعلى بعد بضعة كيلومترات من مقام “النبي هابيل” بريف دمشق، تقع ضمن الأراضي اللبنانية بلدة “النبي شي” في قلب سهل البقاع، في محافظة بعلبك الهرمل، ويُعتقد أن “شيث بن آدم” مدفون فيها، ويورد أصحاب هذا المعتقد أدلة عدة تؤيد رأيهم، منها وجود قبر هابيل أخي شيث قرب مدخل بلدة الزبداني التي لا تبعد أكثر من 22 كيلومتراً، كذلك وجود قبر ابنه النبي “عطريف” في بلدة الخريبة المحاذية، والتي لا تبعد هي الأخرى أكثر من 10 كيلومترات.
القصة في القرآن الكريم: وذكر القرآن الكريم قصة “قابيل وهابيل” في سورة المائدة دون ذكر اسميهما بل اكتفى بوصفهما بـ ابني آدم (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ، إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ، فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ، فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ).
والقصة في القرآن تقول: إن قابيل القاتل لم يكتف بفعلته، بل ترك أخاه ملقى في العراء، ولكن الله بعث غراباً يحفر في الأرض حفرة ليدفن جثة غراب آخر، فلما رأى قابيل ذلك المشهد، أخذ يلوم نفسه على ما أقدم عليه، وعاتب نفسه وندم ندماً شديداً، ثم أخذ يفعل بـجثة أخيه ما فعل ذاك الغراب فواراه ودفنه تحت التراب.
هجرة قابيل إلى اليمن
أما عن تتمة القصة، وبحسب الفصل الرابع من سفر التكوين فقد انتقل قايين إلى أرض نود شرقي عدن، “وأنجبت زوجته ابنا دَعَاهُ حَنُوكَ وَكَانَ قَايِينُ آنَئِذٍ يَبْنِي مَدِينَةً فَسَمَّاهَا (حَنُوكَ) عَلَى اسْمِ ابْنِهِ، ثُمَّ وَلَدَ حَنُوكُ عِيرَادَ، وَوَلَدَ عِيرَادُ مَحُويَائِيلَ، وَوَلَدَ مَحُويَائِيلُ مَتُوشَائِيلَ، وَوَلَدَ مَتُوشَائِيلُ لاَمَكَ، وَتَزَوَّجَ لاَمَكُ امْرَأَتَيْنِ: اسْمُ الأولى عَادَةُ، وَاسْمُ الأُخْرَى صِلَّةُ، وَوَلَدَتْ عَادَةُ كُلًّا مِنْ «يَابَالَ» أَوَّلِ رُعَاةِ الْمَوَاشِي وَسَاكِنِي الْخِيَامِ، وَأَخِيهِ يُوبَالَ أَوَّلِ الْعَازِفِينَ بِالْعُودِ وَالْمِزْمَارِ، وَوَلَدَتْ صِلَّةُ (تُوبَالَ قَايِينَ) أَوَّلَ صَانِعِي آلاَتِ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ. كَمَا وَلَدَتْ «نَعْمَةَ» أُخْتَ تُوبَالَ قَايِينَ”.
سبوتنيك
Notice: Trying to get property 'post_excerpt' of non-object in /home/shaamtimes/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73