الإثنين , ديسمبر 23 2024
شام تايمز

Notice: Trying to get property 'post_excerpt' of non-object in /home/shaamtimes/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

مشاهدات سوري في الأردن بعد افتتاح “نصيب”

شام تايمز

مشاهدات سوري في الأردن بعد افتتاح “نصيب”
كتب المهندس حسان قطنا : أنا الآن في زيارة إلى الأردن وشاءت الظروف إنها تواكبت مع فتح الحدود السورية الأردنية لأسمع بشكل مباشر وعلى الهواء مباشرة و بالعين والسمع والمشاركة بالحوار، دهشة الشعب الأردني الكبيرة بما سمع ورأى عن فروق أسعار المنتجات والسلع بين سورية والأردن … ولا يعرفون إن ذلك ناتج عن سياسات حكومية طويلة الأمد عنوانها الرئيسي الدعم الاقتصادي والاجتماعي … لذا وددت مشاركتكم في ذلك.
يتداول سكان الأردن الأخبار حول فروقات الأسعار لكافة السلع والمنتجات بين الأردن وسورية .. ويتساءلون .. مع أن سورية تعاني من الحرب المستمرة منذ ثماني سنوات .. لماذا أسعار السلع المحلية والمستوردة فيها اقل بحوالي ٣٠-٥٠ من دول الجوار … ؟!.
وهنا نقول … لكل دولة سياساتها الاقتصادية والاجتماعية الخاصة بها والتي تضعها بما يضمن تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي فيها ..
ففي سورية … ومنذ الثمانيات وضعت الحكومة سياسات زراعية خاصة لدعم القطاع الزراعي … وتمكنت من تحقيق الأمن الغذائي الوطني بالاعتماد على إمكانياتها وبسواعد الفلاح السوري … ومنذ عام ٢٠٠٠ بدأت بدعم الصناعة الوطنية وتعزيز دورها بالاقتصاد السوري وتوفير فرص نموها وتطورها ونجاحها … وعلى نفس السياق كانت قد بدأت منذ التسعينات بالتحرير التدريجي للاقتصاد السوري لتعزيز السياسات الحكومية في تطوير وتنمية الإنتاج المحلي الزراعي والصناعي… وعملت في الفترة الأخيرة ما قبل الحرب على تخفيض الرسوم الجمركية على مستلزمات الإنتاج لتشجيع الاستثمار والإنتاج المحلي وتوفير فرص العمل للسكان واستيعاب الفائض منها … ويضاف لذلك الدعم الاجتماعي للصحة والتعليم والخدمات … كل ذلك أدى إلى توفير سلع ومنتجات بأسعار متدنية نسبة إلى دول الجوار … إما على المستوى المحلي .. تعتبر أسعار السلع والمنتجات المحلية مرتفعة نسبة إلى مستويات الرواتب والأجور المحلية ..
والسؤال هنا كيف لدولة عانت من حرب ثماني سنوات ومازالت أسواقها عامرة ومتخمة بالمنتجات الزراعية والصناعية … ولم يفتقد السوق السوري أي سلعة منتجة محليا أو مستوردة …
أكيد إن ما تم استعراضه سابقا من سياسات اقتصادية واجتماعية كان السبب الرئيسي في ذلك … والذي تم تعزيزه بجملة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة خلال الأزمة في معالجة القضايا الشائكة والمشاكل اليومية … وساهم في ذلك توقف تصدير المنتجات الزراعية نسبيا وإتاحتها في الأسواق المحلية … وبالمقابل لم تستورد سورية سوى محصول القمح لتغطية العجز بالإنتاج الناتج عن ظروف الجفاف وتراجع المساحات المزروعة والمردود….
لقد كان العامل الأهم في الاقتصاد السوري استمرار القطاع الزراعي في الإنتاج الزراعي لتوفر عوامل الإنتاج الرئيسية من أرض ومياه وتوفر الموارد البشرية القادرة على الاستمرار بالاستثمار الزراعي …. هذا الاستثمار الذي لا يحتاج إلى توفير موارد مالية كبيرة للاستمرار في استثمارها … وهو الذي وفر حاجة السكان من الغذاء على المستوى الأسري والمحلي والوطني … ووفرت الموارد المالية اللازمة للأسر الريفية لاستمرارهم بالعيش …
إن استمرار استثمار الموارد الطبيعية الأرضية والمائية والموارد البشرية الزراعية والصناعية كانت احد الأسباب الرئيسية في صمود سورية … ولولا توفر الغذاء لما تمكن الشعب السوري من الصمود …
والآن … وبعد أن عاد الاستقرار لمعظم الأراضي السورية … والبدء بإعادة فتح المعابر البرية لا بد من تدخل الحكومة باتخاذ إجراءات رادعة لإعادة ضبط استثمار الموارد الأرضية والمائية بما يضمن استدامتها … وتطبيق أنظمة الحجر الزراعي والبيطري على المعابر على كافة المنتجات … ومنع التهريب والتصدير غير النظامي … للحفاظ على حقوق الشعب السوري في الحصول على المنتجات الزراعية والصناعية وغيرها بما يتناسب مع دخله … حيث بدأ المواطن السوري يلمس ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية بعد فتح معبر نصيب مع الاردن … ولا بد من وضع خطة موضوعية للكميات المسموح بتصديرها برسوم تضمن استعادة نسب الدعم الموضوعة على المنتج السوري لوقف تصدير الدعم إلى الدول المستورة للمنتجات السورية.
ونقول لإخواننا في دول الجوار: إن أسعار المنتجات السورية اقل من أسعارها في بلادكم لأن الحكومة تدعم نسبيا مستلزمات الإنتاج الزراعي والصناعي والخدمات والصحة والتعليم لتتوافق أسعارها مع متوسط الدخل الشهري للمواطن السوري.
ونقول للحكومة إن استمرار استثمار الموارد الأرضية والمائية بشكل غير مستدام سيعرضها على المدى المنظور للتدهور والنضوب … ولا بد من إعادة تنظيم الإنتاج الزراعي ليتوافق مع القدرة الاستثمارية المستدامة للموارد وتلبية حاجة الاستهلاك المحلي وان أمكن التصدير … ولكن ليس على حساب مواردنا والدعم الموجه للشعب السوري وسواعد الفلاح السوري الذي بسواعده حققنا أمننا الغذائي.
حان الوقت لإعادة قولبة السياسات الزراعية والصناعية من الكم الى النوع ومن الاستثمار المباح إلى الاستثمار المنظم والمرشد … لا بد من إعادة تأطيرها لتتوافق مع برامج التنمية المستدامة.
الخبير السوري

شام تايمز
شام تايمز
شام تايمز