إيران تعلن “الحرب” على العقوبات… على ماذا تعوّل؟
محمد علوش
دقّت ساعة الصفر في إيران، وأطلقت الإدارة الأميركية العنان لرزمتها الثانية من العقوبات عليها، والتي ستشمل هذه المرّة قطاعات النفط والطاقة بشكل أساسي، حيث أن هدف الولايات المتحدة الاميركية منها إيصال إيران الى “صفر واردات نفطيّة”.
العقوبات هذه المرة، ورغم وصفها بـ”الأشد والأكثر فتكاً”، قد لا تكون “قاضية” اذ يمكن للسلطات الإيرانية أن تجتازها خصوصا وأنها أحاديّة الجانب. لم يقف العالم هذه المرة إلى جانب أميركا، بل حاولت جميع الدول الإلتفاف على هذه العقوبات لترك بنود الإتفاق النووي الذي وقّع مع طهران عام 2015 على قيد الحياة، وتحديدا فرنسا وألمانيا وبريطانيا الذين اعلنوا تمسكهم بالاتّفاق، وحثّوا إيران على مواصلة تنفيذ كل التزاماتها النوويّة. فكيف تلقّفت إيران العقوبات في يومها الاول؟ وكيف سيكون تأثيرها على اسعار النفط؟.
“سنبيع النفط ونخرق العقوبات الأميركيّة وسنلحق الهزيمة بأميركا بوحدتنا”، هكذا كان الرد الأولي للرئيس الإيراني حسن روحاني، الذي شبّه ما يحصل اليوم بالحرب على بلاده، ولأن الحرب لا تُرد الا باجراءات مماثلة، أطلق الحرس الثوري صباحا مناورات عسكرية واسعة النطاق تستمرّ لمدّة يومين.
إذاً، وضعت إيران نصب عينيها مواجهة هذه العقوبات، بالإعتماد على الدول الصديقة التي سيكون لها الدور الأكبر في مساعدتها على المواجهة، تحديدا الصين وروسيا، وخصوصاً بعد إعفاء 8 دول من العقوبات الأميركيّة، إضافة لاعتماد إيران على السوق السوداء في بيع نفطها.
في هذا السياق، يتوقّع إقتصاديّون بأن يصل سعر برميل النفط الخام إلى 100 دولار مع مرور الأيام، ما يشير إلى أن المتضرّر الأكبر من هذه العقوبات سيكون الإقتصاد العالمي، فليس هناك فرصة لأن تغير إيران سياساتها(1) (هذا هو الشرط الأميركي لرفع العقوبات) ما يعني أن العقوبات ستؤدي لانخفاض العروض النفطيّة، وارتفاع سعره عالميا.
على صعيد التجارة بين الشركات الأوروبيّة وإيران، فمن المرجّح أن تخرج متعددة الجنسيات من طهران، بسبب أهميّة عملياتهم في الولايات المتحدة، وتثمينهم لهذه العمليات أكثر من الفرص المتاحة في السوق الإيرانيّة. أما الشركات الأوروبيّة الصغيرة ومتوسطة الحجم، التي إما لا وجود لها في الولايات المتحدة، أو ليس لها مبيعات هناك، ستحاول على الأرجح مواصلة تعاملاتها مع الجمهوريّة الاسلاميّة. على الصعيد الرسمي، فإن التجارة بين الاتحاد الأوروبي وإيران يمكن أن تستمر بمستوى منخفض والتركيز سيكون على حماية مصافي النفط الأوروبيّة من العقوبات الأميركيّة، وبذلك يمكن تكرير النفط الإيراني المستورد، وبيعه في القارة العجوز.
بعيداً عن أوروبا، أكد المسؤولون الصينيّون ضرورة المحافظة على التجارة المشروعة مع إيران، الأمر الذي نقله السفير الصيني في طهران، للمسؤولين. من هنا يبرز عمل مؤسسة البترول الوطنية الصينيّة (CNPC)، وشركة الصين للبتروكيماويات (Sinopec) اللتان بدأتا مؤخرا المشاريع التي شاركتا فيها في حقلي شمال أزاديجان ويدافاران في إيران، وهما الآن يتلقيّان مدفوعاتهما على شكل شحنات نفط، ولديهما الخيار لدراسة تمديد عقودهما السابقة أو الخروج بشكل كامل.
أما تركيّا، الجارة التاريخية، فالقرب الجغرافي ساعدها على استيراد أكثر من نصف حاجتها من النفط من إيران. لذا تعمل أنقرة اليوم على التباحث مع واشنطن في سبل إعفائها من هذه العقوبات.
لا يمكن الحكم على نتائج العقوبات منذ اليوم الأول، ومما لا شك فيه انها ستكون قاسية على القيادة الإيرانيّة على اكثر من صعيد، ولكن هل ستُلوى ذراع إيران؟.
(1) نشرت وسائل اعلام خليجية الشروط المفروضة على إيران لأجل إنهاء العقوبات عليها:
– الكشف عن التفاصيل العسكرية السابقة لبرنامجها النووي
– وقف انشطة تخصيب اليورانيوم واغلاق مفاعل اراك
– السماح لخبراء وكالة الطاقة بالولوج لجميع المواقع
– انهاء نشر الصواريخ الباليستية او القادرة على حمل رؤوس نووية
– اطلاق سراح المواطنين الاميركيين في إيران
– انهاء دعم الجماعات الارهابية في الشرق الاوسط
– احترام سيادة العراق ونزع سلاح الميليشيات الشيعية
– وقف دعم الميليشيات الحوثية
– سحب جميع القوات الايرانية من سوريا
– انهاء دعم الارهاب في افغانستان وعدم ايواء قادة القاعدة
– انهاء دعم فيلق القدس للارهابيين حول العالم
– وقف تهديدات جيرانها بالصواريخ
النشرة