ماذا تعني سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب الأميركي؟
ماهر الخطيب
أفادت النتائج الأولية لانتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة بسيطرة “الديمقراطيين” على مجلس النواب، بينما عزز “الجمهوريون” أغلبيتهم في مجلس الشيوخ ليتقاسموا بذلك الكونغرس، في حين كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي وصف هذه النتائج بـ”النجاح الهائل”، كان قد اعتبر أن سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب ستكون، بالنسبة له وللحزب الجمهوري، بمثابة “جهنّم”، فما هي النتائج المتوقعة على هذا التبدل في موازين القوى؟.
من وجهة نظر الخبير في الشؤون الأميركية كامل وزني، هناك تغيير جذري في السيطرة داخل مجلس النواب، بعد أن نجح “الديمقراطيون” في إستعادة السيطرة التي خسروها في العام 2010، معتبراً أن ترامب سيكون أمام قيود داخليّة وربما محاسبة أشدّ من جانب “الديمقراطيين”، لا سيما أن كل رؤساء اللجان، بحسب القانون الأميركي، سيكونون من الحزب الفائز.
ويشدد وزني، في حديث لـ”النشرة”، على أن التأثيرات ستكون أكبر على الداخل الأميركي أكثر مما هي عليه في الشأن الخارجي، بإعتبار أن السياسة الخارجية، كانت ولا تزال، تُصنع من البيت الأبيض ويوافق عليها، بطريقة أو بأخرى، الكونغرس، لكنه يرى أن هذه الإنتخابات تؤسس لتلك الرئاسيّة في العام 2020.
على مستوى القضايا الإقليميّة، يرى البعض أنه قد يكون لفوز “الديمقراطيين” نتائج مهمة، لا سيما بالنسبة إلى العلاقات الأميركيّة-الإيرانيّة، حيث قد تعمد طهران إلى الإنتظار عامين، على أمل أن تنعكس النتائج الحاليّة خسارة لترامب في الانتخابات الرئاسيّة المقبلة. بينما على مستوى العلاقات الأميركيّة السعوديّة، لا سيما بعد حادثة مقتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصليّة بلاده في اسطنبول، فإن “الديمقراطيين” سيكونون أكثر تشدداً، وربما يسعون إلى التصويت على مشروع قانون يمنع تزويد المملكة بالسلاح، بينما هناك شبه تلاقٍ في النظرة، بين “الجمهوريين” و”الديمقراطيين”، إلى القضيتين الفلسطينيّة والسوريّة.
في هذا الإطار، لا يتوقع وزني تغييراً كبيراً على هذا الصعيد، لا سيما أن الأشخاص الذين سيتولون رئاسة اللجان هم أيضاً متشددين تجاه المنطقة، معتبراً أن الحسابات بين الرئاسة والكونغرس تختلف، والرئيس السابق باراك أوباما، في العام 2010، خسر الإنتخابات النصفية (مجلس النواب ومجلس الشيوخ) لكنّه بقي رئيساً، مضيفاً: “ربما تختلف الحسابات مع ترامب، لكن علينا أن ننتتظر إذا كانت الأمور الداخليّة سوف تؤثر أكثر على شعبيّة الرئيس الحالي”.
ويوضح وزني أن الإدارة الأميركية دائما تكون على علاقات جيدة مع السعوديّة، رغم أنه قد يكون لديها خلافات مع أشخاص معيّنين، لافتاً إلى أن أعداداً كبيرة من “الديمقراطيين” و”الجمهوريين” اليوم يرفعون الصوت، بالنسبة إلى عمليات بيع السلاح وحرب اليمن، ما يعني وجود ضغط أكبر على ترامب، إلا أنه يؤكد أنه لن يكون بالدرجة التي تسبب “إهتزازاً” في العلاقة بين دول الخليج والولايات المتحدة، لا سيّما أن الوجود الأميركي في الخليج إستراتيجي لا يتوقف على الكونغرس أو الرئاسة.
بالنسبة إلى الملفّ النووي الإيراني، يرى أن السلوك قد يتبدل، إلا أن ترامب سوف يتعامل مع هذا الملفّ كما تعامل معه في الفترة السابقة، إلى حين مجيء طهران إلى طاولة المفاوضات.
هل يُعزل ترامب؟
في القانون الأميركي، العزل يبدأ في مجلس النواب، وهو بحاجة إلى النصف زائد واحد، ما يعني أن “الديمقراطيين” بات لديهم القدرة على ذلك، ويؤكّد وزني أن بعض رؤساء اللجان سيفتحون كل ملفات الرئيس، التي لم يقبل أن يفصح عنها، وبالتالي سيكون أمام تحقيقات قويّة و”حرب” كبيرة على هذا الصعيد، لكنه يوضح أن موضوع المحاكمة يحتاج إلى الثلثين، وبالتالي يجب إنتظار ما سيقدّمه “الديمقراطيون” من معلومات، نظراً إلى أن الأمور حينها قد تختلف.
وفي حين وصف ترامب نتائج الإنتخابات بـ”النجاح الهائل”، يشدد وزني على أن نتائج حكام الولايات ومجلس النواب تثبت العكس، لا بل تؤكد أن الرئيس الأميركي أمام فريق “ناقم” يريد المحاسبة على كافة المستويات، رغم التقدم الذي أحرزه “الجمهوريّون” في مجلس الشيوخ.
في المحصّلة، التداعيات الأكبر لنتائج الإنتخابات النصفيّة ستكون على الداخل الأميركي، لكن السؤال الأساسي يبقى حول الإجراءات التي سيقوم بها “الديمقراطيون” تجاه ترامب، لا سيما بالنسبة إلى التحقيقات التي ستتناول أكثر من ملف.
النشرة