أسعار السلع والدولار تعاكس التيار… فهل السبب أزمة مسؤولين أم سيطرة حيتان السوق؟!
رغم المؤشرات المبشرة بأن الواقع الاقتصادي والمعيشي يسير نحو الانفراج كما هو مأمول ومتوقع، إلا أن هناك يد خفية تصر على منع تحقيق هذه الغاية، وهنا لسان حال المواطن يقول: “أجت الحزينة لتفرح ما لاقيتها مطرح”، بشكل يطرح إشارات استفهام حول المسؤولين عن هذا الحال المعاكس لكل قوانين السوق، وما هي الإجراءات المتخذة لمنع ارتفاع مؤشر أسعار السلع، وما الآلية المتبعة في إدارة شؤون النقد بعد اشتداد عود الدولار الملعون مجدداً أمام الليرة، التي بدأت تسترد عافيتها ورفع رصيدها، جراء التطورات الاقتصادية المفرحة مؤخراً ولاسيما افتتاح معبر نصيب الحدودي، الذي يعد منفذ هام للاقتصاد المحلي.
معاندة السوق للوقائع الاقتصادية الجديدة، عبر استمرار مسلسل ارتفاع أسعار السلع، في حين يفترض أن تشهد انخفاضاً حتمياً، يشير إلى تحكم حيتانه بأحواله وقوانينه، حسب مصالحهم وقياس جيوبهم، التي يبدو أنها لم تتخم إلى الحد، الذي يجعلهم يكفون بلاء جشعهم عن العباد، ما يجعل أسعار السلع على لهيبها الكاوي، بلا حول ولا قوة من وزارة التموين، الذي أعلن وزيرها حملته الإعلامية مجدداً على كل تاجر يرفع أسعار منتجاته من دون أسباب مبررة، مهدداً بتطبيق أشد العقوبات، لكن على ما يبدو أن تهديده لم ينحرف عن تهديداته السابقة، التي لم تخف إلا التجار الصغار، الذين لا يزالون يحبون في كار التجارة، إذا لم نرى أي انخفاضاً لأي سلعة بعد تهديده الشديد اللهجة، الذي بات مألوفاً عند التجار الكبار ويتقبلونه بكل رحابة صدر مع إدراكهم الشديد أنه لا يشملهم لا من قريب ولا من بعيد، وإلا لماذا كل هذه الطمأنينة والارتياح في التحكم بقوانين السوق وارتكاب المخالفات على “عينك يا تموين” وفي وضح النهار، ولا من شاف ولا من دري.
حال المواطن التعيس بجيوبه المنتوفة، والهوبرة والعشوائية في إدارة شوؤن السوق والاقتصاد، تفرضان إجراء مراجعة شاملة تضمن تغيراً واضحاً ينعكس إيجاباً على تبدل واقعهما بأقرب وقت، فاليوم بعد 8 سنوات من الحرب والانتقال تدريجياً إلى مرحلة التعافي الاقتصادي بفضل تضخيات الجيش العربي السوري لم يعد مقبولاً بقاء الواقع المعيشي للمواطن على وضعه، كما أن الأداء الخجول في معالجة مشاكل الاقتصاد المحلي وندباته، أصبح يتطلب نفضة من العيار الثقيل للقائمين عليه عبر محاسبة المسؤولين عن بقائه مكانك راوح، والتوجه نحو انتقاء كفاءات اقتصادية خبيرة قادرة على استثمار المرحلة الراهنة وإيجاد حلول تضمن انتقال اقتصادنا إلى بر الأمان والعودة به إلى عزه السابق والانطلاق بكل ثقة نحو إعادة البلاد والجيوب، فمن حق من صبر وتحمل الويلات المعيشية، مكافأته بتحسين وضعه المالي عله يحظى ببعض الهناء المعيشي بعد لكمات متكررة وموجعة، ما يجعل الوقت الحالي توقيتاً ملائماً لتعويضه بدل الاستمرار في بيعه آمال ووعود من خلف المكاتب بلا زبدة ولا خبز يشبع البطون، فإلى متى سيستمر المواطن في دفع تقصير أصحاب المقام الرفيع وعجزهم المفرط عن تولي مسؤولياتهم وإيجاد حلول للتطورات المفاجئة، التي تثبت في كل مرة أننا أمام أزمة مسؤولين بالدرجة الأولى قبل أي شي آخر، وحينما تحل هذه العقدة سيتم تلافي أي أزمات مستعصية مهما بلغت شدتها.