ماذا يجري شرق دير الزور ؟

ماذا يجري شرق دير الزور ؟

إلى أين و صلت ” الثورة ” في سورية ؟ إن عسكر الدول الأجنبية التي أبدت حماسة شديدة في تأييدها و مدها بالخبرات و السلاح يحتل الآن مواقع له في ” الجزيرة السورية ” و في محافظة أدلب. ينجم عنه أن تحرير هذه الأرض يفرض على الدولة التعامل سلما أو حربا ، مع دول مثل الولايات المتحدة الأميركية و فرنسا و بريطانيا و تركيا! .

مجمل القول و بأقتضاب شديد ، إننا حيال فاجعة حقيقية من ثلاثة فصول كانت عناوينها على التوالي ، ثورة الإخوان المسلمين ، ثورة داعش ، و أخيرا ثورة الثلاثي الغربي ، الولايات المتحدة الأميركية و فرنسا و بريطانيا، أعتقد أن دول هذا الثلاثي كانت الوحيدة التي تعلم بأن الفصلين الأولين ليسا سوى سيرورة تمهيدية للفصل الثالث . الدليل على ذلك أن المثقفين السوريين و العرب ” الليبراليين المستغربين”، الذين أستكتبتهم “مراكز الدراسات في دولة قطر ” ظنوا أن المسرحية هي قصيرة من فصل واحد ، كما يتضح ذلك من من مراجعة بيانات ” المجلس الوطني السوري “عبر قناة الجزيرة وخطابات شيخ ” الإئتلاف الوطني السوري” الذي أعطي مقعد الجمهورية العربية السورية في جامعة الدول العربية .

أضع هذه التوطئة لأسلط الضوء في الحقيقة على الأخطار التي تبطنها المرحلة الحالية التي دخلت فيها المسألة السورية، والتي تتميز بتوقف الجيش العربي السوري الإضطراري عند حدود المناطق التي يحتلها من ناحية الثلاثي الغربي و تلك التي يحتلها الجيش التركي من ناحية ثانية ، بينما في أغلب الظن تقوم جيوش الاحتلال في هذه المناطق بأجراءات بنيوية لتمكين إحتلالها و لفتح الطريق المؤدية إلى أهدافها من وراء الاحتلال . إذ يجب أن لا يتوهم أحد أن الثلاثي الغربي أرسل جيوشه إلى سورية لمحاربة داعش و لإنصاف الكرد ، و أن الجيش التركي توغل في الأراضي السورية من أجل المساعدة على أيجاد تسوية مع جبهة النصرة . إن جيوش الاحتلال لا تتوقف عن العمل ليل نهار بعد أن تكون قد فرضت هدنة على أهل البلاد !

وما يحملني على الإشارة إلى هذه المسألة هو ما يتناهي إلى العلم بين الفينة والفينة عن قيام الولايات المتحدة الأميركية و حلفائها الأوروبيين بغارات على دير الزور وجوارها تارة و على الرقة و مناطق أخرى تارة ثانية تنعتها الحكومة السورية بالدموية و المدمرة نتيجة لسقوط أعداد كبيرة من السكان من جرائها . طبعا يتم ذلك تحت حجة ملاحقة جماعات داعش .
تذكرنا هذه الأمور بأن الأخبار أفادت في حينه بأن مدينة الموصل ” التاريخية ” أصيبت بأضرار جسيمة خلال عملية تحريرها . هذا يجعلني أفكر بأنه ليس مستبعدا أن تكون قوات الاحتلال الغربية و التركية منشغلة بإحداث متغيرات سكانية و بنيوية في المناطق الواقعة تحت سيطرتها . إذ لا ننسى إن الإسرائيليين أجلوا الفلسطينيين و دمروا قراهم ثم كرروا التجربة في الجولان السوري .

هنا تحضرني و ثيقة أخرجها المؤرخ Henry Laurence من محفوظات الخارجية الفرنسية و نشرها في كتابه ” الشرق العربي ،L’Orient arabe ” كانت قد تقدمت بها المنظمة الصهيونية إلى الحكومة الفرنسية في 16 آذار 1938. أقتبس منها ” تعتبر تلك الأوساط (المقصود هنا الأوساط الصهيونية العليمة بشؤون الشرق ) أن العناصر المكونة للنواة المركزية هي لبنان المسيحي و فلسطين اليهودية و منطقة الجزيرة الغنية بالرغم ما هي عليه من جدب ، و لكن يمكن تطويرها بواسطة اليد العاملة اليهودية الأوروبية الشرقية و رؤوس الأموال اليهودية و الغير يهودية ” تجدر الملاحظة إلى ان المنظم الصهيونية تعتبر تجزئة أرث الرجل المريض خطأ لذا تقترح ضم الأجزاء حول نواة مركزية.

خليل قانصوة – راي اليوم