أعداد كبيرة تلتحق بالخدمة العسكرية يوميا
“الرزقة الحلوة” هي من تدفع سائق حافلة النقل الكبيرة “أبو غياث”، للانتظار لساعات طويلة لنقل الشبان الملتحقين حديثا إلى “خدمة العلم” من شعبة التجنيد الواقعة في منطقة المزة بدمشق إلى مركز التجمع بالنبك، فمنذ ذ الساعة السادسة من صباح كل يوم، وحتى العاشرة مساء، تستمر حركة توافد عشرات الشبان إلى مقرات “شعب التجنيد”، ووصل العدد إلى بضع مئات يتجمعون بشكل يومي بالقرب من “حديقة الوحدة” في المزة، ليتم نقلهم لاحقا إلى التشكيلات العسكرية التي ستكون مقراً لخدمتهم.
الصورة النمطية التي حاولت وسائل الإعلام المعادية لدمشق أن تروجها عن حال الجيش العربي السوري وفكرة عزوف الشباب السوري عن الالتحاق بالخدمة العسكرية، تتكسر اليوم على عتبات شعب التجنيد في كامل المحافظات، ومن يحاول أن يقول عكس ذلك، فبإمكانه أن يقترب من أي من شعب التجنيد المنتشرة على امتداد الخارطة السورية ليشاهد بأم عينه الأعداد التي تناهز الألف يومياً من كل شعبة، واللافت هو الأعداد الكبيرة للملتحقين من منطقة “الغوطة الشرقية” بريف دمشق، ومن محافظة درعا، وهما منطقتان حاولت وسائل الإعلام على امتداد سنوات خلت الترويج لرفضهما المطلق للدولة السورية، وأغلب القادمين من محافظة درعا هم من مناطق كان تنتشر فيها تنظيمات تكفيرية كـ “جبهة النصرة – داعش”، كمناطق “عابدين، المسيفرة، الحراك، داعل ..”، أيضا لا يغيب شبان محافظة السويداء عن الصورة التي تبشر بانفراج كبير في الأزمة السورية. في مراحل سابقة، كان الشبان السوريين يرفضون الالتحاق بالميليشيات المسلحة التي كانت تنتشر في مناطقهم لأنهم كانوا يرفضون الدخول في حسابات المعركة التي كانوا يؤمنون بأن الدولة السورية هي المنتصر فيها، ومن هؤلاء عبد الرحمن القادم من مدينة “حرستا” بريف دمشق الشرقي ليلتحق بالخدمة العسكرية، يقول في حديثه لـ داماس بوست: “كنا نخشى تجنيدنا إجبارياً لصالح “فيلق الرحمن”، لكن كنا متأكدين – حتى في ذروة قوة الفيلق- أننا لن نلتحق إلا بجيش سورية بعد تحريره الغوطة، كنا نثق أن هذا اليوم آتٍ لا محالة”. في صورة أخرى، يحضر الجندي الاحتياط “محمد جندي” ليرافق شقيقه الراغب بالالتحاق بالخدمة العسكرية، ويوصيه بـ “الانضباط والتحلي بالأخلاق العالية والالتزام بالهندام العسكري”، ، كي لا يتعرض لعقوبة في “عز دين برد كانون”، وفي زاوية أخرى بالقرب من الحديقة نفسها، يقف شاب آخر ليهدأ من روع أمه التي ترى في فراقه لحضنها شيء مختلف ليقول لها: “أمي شبك ماني صغير”. استعجال الشباب السوري للالتحاق بالخدمة العسكرية قد يكون فعلاً صورة صادمة للطرف المعادية لدمشق، كما إنه يعكس واقع الارتياح الكبير لدى الشعب السوري لنتائج الحرب التي خاضتها القوات العسكرية السورية وانتصرت في معاركها، وما تبقى من أزمة هو “مجرد تفاصيل” برأي العم “أبو محمد” المرافق لابنه قبيل انطلاقه في رحلته الأولى خارج البيت، ولا يخاف الرجل الستيني على ابنه من الموت، فالحرب انتهت “ولازم محمد وغيره يلتحقوا ليشيلوا كتف عن الشباب اللي حاربت”.
داماس بوست