رجال أعمال سورية بين: مؤمن بالعمل والإنتاج والتوظيف… و ساع إلى ربح ونفوذ وفساد ؟
بشكل واضح ومباشر يمكننا القول أنّ هناك نوعين لرجال الأعمال و أصحاب المال في سورية ..
وبشكل واضح أيضاً نستطيع أن نجزم بأن أصحاب المال و الأعمال في سورية تعرضوا لحالة فرز عميقة خلال الأزمة نتيجة ظهورالكثير من أصحاب المال السريع أو ” الطارئ ” الذين تقدموا الى الواجهة و صاروا حديث الناس بمالهم وبما يشترونه بهذا المال , وهؤلاء كانوا في أغلبهم نتاج وسائل الثراء التي خلقتها الحرب والتي تنطوي كلها على مفهوم واحد هو ” السرقة ” وإن تعددت أوجهها وأشكالها .. بين :
السطو على المال العام والكسب غير الحال استغلالا لظروف البلد , التهريب , المتاجرة بالسلاح والمخدرات , الخطف , المضاربة بالدولار , ” الوطنجية ” التعامل مع مناطق المسلحين ومعهم .. الخ وبعضهم كان له الحظوة باعتماد جهات حكومية عليه في تنفيذ صفقات لشراء سلع من الصعب شرائها نتيجة الحصار المفروض على البلاد ؟ .
لا بأس .. ليس كل هؤلاء بمقام واحد وبعضهم يحاول أن يفعل شيئا ما مهم ربما للبلد ..
ولكن الآن نستطيع القول أنّ هناك الكثيرين من هؤلاء الذين يحاولون فرض كلماتهم عبر جعل أموالهم هي التي تتكلم وتشتري وتبيع وو؟
في الحقيقية لا بدّ للدولة من التعامل مع هؤلاء بشكل متقن , لتحويلهم من فئة تعتقد أنّها تستطيع شراء كل شيء بما ملكت , الى فئة مقوننة تعمل وتساهم في بناء الاقتصاد الوطني وذلك عبر استصدار تشريع يسمح باستثمار أموالهم داخل البلد عبر مشاريع انتاجية ومفيدة للاقتصاد خاصة في ظل هذه الظروف التي نحتاج فيها لكل ليرة لتدخل في ااقتصاد والعمل . على أن يكون العمل ضمن شروط معينة وهناك العديد من التجارب التي يمكن الاقتداء بها في العديد من الدول التي شرعت تبييض الأموال بعد مرورها في حروب وكوارث . وهذا يضمن قوننة أصحاب الأموال وتوجيهم نحو العمل بدلا من التنقل من مكتب الى مكتب وبين مسؤول بحثا عن فرص سهلة وغير نظيفة في الغالب ما سيعمق الفساد ويزيده في الوقت الذي يتأكد للجميع أن الانطلاق السليم نحو إعادة الإعمار يحتاج الى تخفيض مستويات الفساد و التواطؤ بين أصحاب المال وبعض أصحاب المناصب الى أدنى حد ممكن كي تستقيم الأمور وتأخذ اتجاهاتها السليمة في بلد يحتاج لينتج ويوظف ويُصدر .
يجب منع أصحاب الأموال من الووج الى المؤسسات المؤثرة ” و السرح والمرح فيها ” معتبرين أنفسهم قوة بمالهم .
لأنّ القوة الحقيقية التي يجب أن تسيطر في سورية هي قوة العمل والاستثمار وخلق قيم مضافة في الاقتصاد وتأمن فرص عمل .
كل ذلك يجعلنا متأكدين أنّ البلاد بدأت تعاني من طبقة أصحاب الأموال الذين عادة ما يكون تركيزهم الرئيسي على خلق علاقات مع مسؤولين و متنفذين صغار وكبار ضمن مستويات عمل معينة لتمرير صفقات سريعة بأرباح فورية مقابل دفع المعلوم لأفراد دعموا بحكم مسؤلياتهم المؤتمنين عليها .. طبعا من يدفع رشاوي بالمطلق لايدفع حقوق الحزينة . وهذا حال عدد كبير من أصحاب الأموال ؟ .
ومن هنا نلاحظ أن القسم الأكبر من أصحاب الاموال هؤلاء يعملون في التهريب والنشاطات الممنوعة في البلاد أو عبر اللجوء الى المشاريع الريعية في أحسن الحالات ولكن حتى في النشاطات الريعية كالبناء و الخدمات و حتى المشاريع السياحية لايظهرون بذلك القدر من الاحترافية و العمل الصحيح الذي يمكن أن يستمر كحالة صحية في الاقتصاد . في حين يبقى النشاط الاستثماري محصورا بأولئك الذين عملوا في البلد لسنوات طويلة و لذلك لم تدفعهم الأزمة للاستسلام وظلت ليهم الرغبة بالعودة وكلنا شاهدنا الصناعيين و المنتجين الذي كبروا وعملوا بطريقة صحيحة . وتحت سقف القوانين حرصوا على معاودة نشاطاتهم ولو من تحت الأنقاض و عبر ورشات صغيرة كي يبقى حضورهم الانتاجي رغم أنه كان بإمكان الكثيرين استبداله بنشاط ريعي ولكن لم يفعلوا .
وحاليا نلاحظ وبفضل ما تقدمه الحكومة من دعم واهتمام للعملية الإنتاجية و قد عاد الكثير منهم لافتتاح معاملهم ومصانعهم و منشآتهم .
الآن قد يبدو من المهم البدء بحراك ما على مستوى الدولة لوضع الفواصل أمام “أصحاب مال وسطوة و راشين ” يقضون نهاراتهم بين مكاتب المسؤولين و المتنفذين بحثاً عن الصفقات وأحيانا بحثاً عن سطوة ما يماسونها في العمل العام أو في العمل المتعلق بإدارة شؤون القطاع الخاص .و غالبا ما تكون مراميهم السيطرة وامتلاك النفوذ والإساءة الى العمل في قوانيه ومحاولة فرض قواعدهم عبر نسج نفوذ غالبا ما يكون في جزء منه كاذب وواه عبر لجوءهم لإيهام من حولهم بأنهم محميين ومدعومين ” من فوق ” .
تبدو سورية على مفترق طرق بكل ما تحمله الكلمة من معنى فإما أن تنجح في إرساء قواعد حقيقية للعمل الخاص تحكمها قوانين واضحة وغير قابلة للاختراق لامن قبل أصحاب الأموال المتنفذين ولا من المسؤولين المتنفذين .
على أننا لابد أن نشير الى أنّ أصحاب الأموال أو لنقل أصحاب السطوة من مالكي المال الكثيرين غالبا ما يقومون ببناء حاشيتهم من رجال الأعمال التابعين الذين يحركونهم كحجارة الشطرنج .
لعل الحكومة الحالية تعمل حسنا عندما تحرر العمل العام من سطوة أصحاب المال وتفعل أحسن عندما تقدم أصحاب الاعمال والاستثمارات من المنتجين الحقيقيين ليكونوا هم واجهة العمل العام الممثل للقطاع الخاص وهم القادرين على إنشاء الجسور والحوار الحقيقي مع أصحاب القرار من أجل النهوض بالاقتصاد الوطني على قاعدة سياسات واضحة و معلنة ولا تقبل الاختراق من أحد ؟
على كل تقوم الجهات لمنية وحسب مصادر مطلعة حاليا وبالتعاون مع الغرف و الاتحادات بوضع قوائم تتضمن قوائم لرجال الاعمال ” المال ” السوريين في محاولة لاظهار حجم الضرائب التي يدفعها هؤلاء قياسا بما هو متوجب دفعه ؟
لاتبدو الطريق سهلة من أجل صياغة قطاع أعمال قوي ومؤثر بشكل ايجابي في عملية الاعمار وداعم للاقتصاد الوطني .
فالفرز وضع الطرفين على حافتي النقيض بين مؤمن بالعمل والاتناج وبين ساع الى ربح ونفوذ , وللأسف في كثير من الحالات نجح الساعي للنفوذ والربح السريع في تصدر المشهد وغالبا ما يجد من يثبض صفحته ويلبسه لبوس الوطن .
هامش 1 : غالبا ما يتسم رجال المال من الساعين للنفوذ واستخدام اموالهم في سبيله بطبع التنكر فما أن يذهب المسؤول حتى يمحون أرقامه ويحظرونها ويصبح من الماضي والشواهد كثيرة ؟
هامش 2 الطارئون لايبنون وطنا بل يمصون دمه ويزيدون من انهاكه ؟
سيرياستيبس