ارتفاع البطالة ونقص العمالة .. أحجية سوريّة يعجز الجميع عن حلها !
يعجز السوريون عن فهم المعادلة التي تسيّر العمل الحكومي، وخاصةً فيما يتعلق منه بشق تأمين فرص العمل للسوريين، والمسابقات الحكومية التي تطلب خلالها الجهات العامة أعداداً أقل من حاجتها بكثير !
ورغم أن موازنة 2019 وضعت في عين الاعتبار تأمين ما لايقل عن 40 ألف فرصة عمل، تم تخصيص الاعتمادات اللازمة لها، فإن العديد من الجهات العامة مازالت تشكو نقصاً في العمالة، لتبقى مسألة قلة الكادر البشري مشجباً تعلق عليه هذه الجهات ضعف أدائها وعجزها عن تقديم الخدمات للمواطنين .
المهندس نزيه معروف مدير كهرباء اللاذقية، كشف عن صعوبات تواجهها مؤسسة الكهرباء في المحافظة في مجال العمالة، موضحاً أنه يتم العمل على شبكة بآلاف الكيلومترات في المحافظة ومحيطها بعدد قليل من العناصر.
وأشار معروف في تصريحات لصحيفة “تشرين” الحكومية إلى أن الأعداد المطلوبة في المسابقة الحالية التي أعلن عنها مؤخراً تبلغ 200 عنصر بين (إداري وعامل وحارس وسائق) غير كافية، وأن حاجة الشركة أكثر من ذلك لتغطية النقص الحاصل في ورشات الصيانة على مستوى المحافظة بين الشركة ومراكزها وأقسامها، إذاً ما المانع من زيادة الأعداد المطلوبة من الموظفين والعمال يتساءل عاطلون!
غير أن المشكلة ليست حصراً على “كهرباء اللاذقية” أو وزارة الكهرباء ككل، فالقطاع الصناعي يعاني بدوره من نقص حاد في الأيدي العاملة، وكذلك التعليم والقضاء وغيرها ، ومن المفارقات الغريبة أنه في الوقت الذي تعاني معظم المؤسسات والدوائر الحكومية نقصاً وتراجعاً في الكفاءات والقوى العاملة في مختلف المجالات والاختصاصات، وربما أحياناً الندرة في العمالة الماهرة في كثير من الحرف والمهن بسبب الحرب، فإنه بالمقابل توجد نسبة بطالة مرتفعة في بعض الاختصاصات والنتيجة كانت توقف الشركات والمعامل عن الإنتاج.
من هنا – يقول خبراء – بأن الحاجة باتت ملحة وضرورية لإعادة التوازن لسوق العمل بعد ما أصابه الخلل وذلك من خلال وضع خطة مدروسة في مرحلة إعادة الإعمار مبنية على معطيات واقعية توفر فرص عمل هائلة.
لكن الأهم بحسب الخبراء، هو تركيز الحكومة على خلق المزيد من فرص العمل، ف40 ألف وظيفة في بلد تتجاوز نسبة البطالة فيه 50% من القوة القادرة على العمل هو رقم متواضع جداً، ومن هنا لا بد من تخصيص مبالغ أكبر من الموازنة لتوليد فرص العمل، بدلاً من المليارات التي تُخصص لبنود من قبيل “القرطاسية” وغيرها، وأيضاً من خلال التسريع في سن قوانين مشجعة للاستثمار تسهّل على المستثمرين البدء باستثماراتهم وأعمالهم، وبالتالي استقطاب المزيد من الأيدي العاملة نحو مشاريع القطاع الخاص الذي يعوّل عليه الدور الأكبر في امتصاص هذا الفائض من العاطلين عن العمل، خاصةً مع الأحاديث المتكررة التي كثيراً ما سمعنا خلال السنوات القليلة الماضية بأن الأيدي العاملة السورية الموجودة هنا لن تكون كافية لحاجة إعادة الإعمار في البلاد، وأن الأمر سيتطلب العمل على إعادة الأيدي العاملة المهاجرة، أو استيراد أيدي عاملة أجنبية لتغطية الطلب على العمالة، فأي معضلة عصية على الفهم هذه : بلاد تفيض بأعداد مهولة من العاطلين، إلا أنها عاجزة عن تأمين فرص عمل لهم، وهي في نفس الوقت تشكو قلة الأيدي العاملة اللازمة لإعادة الإعمار وتتحدث عن ضرورة الاستعانة بأيدي عاملة غريبة تغطي هذا النقص؟!
المصدر: داماس بوست