سيناريوهات مقبلة في الإقليم
إيهاب شوقي
لو حاولنا الخروج بقراءة سريعة للعناوين الكبرى بالإقليم يمكننا أن نخرج بالعناوين التالية:
1/ القضية الفلسطينية، بل والقدس كشق هو الأهم بها لم يعد يعني شيئا لمن يحتفظ بعلاقات واتصالات مع العدو، والأكثر جرما منهم هم من يدشنون علاقات جديدة.
2/ لم يعد القانون الدولي محترما ولم تعد الأقنعة القيمية حتى حتمية، بل أصبح منطق المساومات العلنية هو السياسة الدولية المعلنة.
3/ الردع فقط هو الوسيلة الوحيدة للدفاع عن النفس في منظومة عالمية تتحلى بهذه الصفات.
هذا تاريخ جديد يكتب ويدشن بشكل منفصل كلياً عن المرحلة السابقة، وإن كان يحمل في سطوره تحالفات قديمة لعالم ما بعد الحرب العالمية الثانية والذي لا تزال قوانينه تحكم العالم رغم التطورات، فإنه يدشن لحرب جديدة هي مسألة وقت، لتبنى عليها تحالفات تحكم العقود القادمة.
تبنى التحالفات الجديدة على انقاض الايدلوجيات المحتضرة، ويتم تدشين وحش ايدلوجي جديد اسمه المصلحة البحتة.
هذا الوحش تتم صناعته اعلاميا وثقافيا، وتكثيف تغذية الشعوب العربية بمفرداته ومناهجه، ولا بد من الاعتراف بأنه أصاب بعض النجاح. أقل مظهر له، هو السلبية التي باتت الشعوب تتحلى بها، ولا نعتبره حقق نجاحا كليا، حيث ما زالت بقايا عروق للمقاومة الشعبية تنبض، ولكنها تنبض اثر صدمات كهربائية متقطعة من حرب هنا أو هناك أو بطولات اسطورية للمقاومة تحرك القلب الشعبي الواهن.
ولو حاولنا الغوص أكثر لقراءة الوضع الراهن في الاقليم يمكننا الخروج بالاستنتاجات التالية:
اولا: ولي عهد سعودي مأزوم سياسيا، لا نصير له الا فريقان، أحدهما، فريق أضعف منه ارتهن لمساعداته ورُشاه، والثاني، فريق أقوى منه ويشكل له الحماية والغطاء ويقوم بابتزازه، وفي كلا الحالتين، هو الخاسر ماديا وسياسيا بفعل أثمان باهظة ستفجر حوله بعد دفعها تناقضات أخطر بكثير من تناقضات جريمة مقتل خاشقجي.
ثانيا: الأثمان المدفوعة لوح بها ترامب، وهي خدمة العدو الاسرائيلي، ولنا أن نتوقع ما لا نتخيله في الاسابيع القادمة من مستجدات اقليمية “صادمة”، لعل اولها سيكون تدشين الناتو العربي بتمويل سعودي ـ إماراتي.
ثالثا: غضب شعبي يقترب انفجاره مع تقدم خطوات صندوق النقد الدولي في البلدان التي خضعت له، ويصعب توقع استمرار سكون الاوضاع ومرورها بسلام، وخاصة أن الشعوب وصلت الى مرحلة مزرية، وتزداد الاحتمالات بملاحظة أن شرارة احتجاج في بلد كفيلة بنقله لكامل الاقليم، ومع هذا الغضب وقمعه المتوقع، تفتح دائرة مفرغة جديدة من التنازلات الدولية المانحة لشرعيات الحكم.
الاسبوع الفائت، انضم مجلس تحرير صحيفة “وول ستريت جورنال” إلى مجموعة أعلنت انتقادات لبيان الرئيس ترامب حول مساندة ولي العهد، حيث وصفت الانتقادات البيان بأنه يميل كل الميل للمصالح ويخلو تماما من القيم.
ويقول فريدرك كيمبي بمقال منشور بالمجلس الأطلسي: “رغم أن ولي العهد محمد بن سلمان لا يستطيع التراجع عن جريمة خاشقجي، إلا أنه يستطيع إعادة تركيز التفكير الغربي بمرور الوقت من خلال مضاعفة جهوده لإصلاح المجتمع السعودي، ليس فقط من أجل توفير المزيد من الحقوق للنساء، بل وأيضاً إطلاق سراح النشطاء الذين اعتقلهم مؤخراً.
يمكننا هنا استنتاج احد سيناريوهين:
1/ المضي قدما نحو التنازلات في الداخل السعودي وفي الخارج لخدمة الكيان الاسرائيلي بأقصى قدرة ممكنة وعبر الضغط على التابعين للسعودية.
2/ خلق ذريعة تحقق التوازن لترامب بافتعال حرب مع المقاومة وإحداث استفزاز يبين للعالم أن ايران والمقاومة هما العدو للغرب، وأن بن سلمان وتابعيه هم الاصدقاء ومغفور لهم جرائمهم بهذا المنطق.
ولا مانع بالطبع من العمل على السيناريوهين بالتوازي وفقا لمدى النجاح الذي سيلاقيه أي سيناريو منهما في إمرار صفقتي القرن.
العهد