“حرب اغتيالات” بمناطق المعارضة السورية لا تستثني أحداً
يُعد انتشار الاغتيالات سمة مشتركة في 3 مناطق خارجة عن سيطرة الدولة السورية شمال سوريا، وهي منطقة “درع الفرات”، وعفرين، وإدلب، وبسبب تلك العمليات فإن هذه المناطق تفتقد للأمن وتضع القوات المسيطرة عليها أمام تحدٍ أمني كبير، لا سيما وأنها مكتظة بالسكان.
وسلط تقرير نشرته وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية ، أول أمس الجمعة، الضوء على واقع الاغتيالات في المناطق الثلاث، وبيّن التقرير مؤشرات عدة، من بينها أنه لا أحد مستثنى من التشكيلات العسكرية المختلفة، والجهات المدنية من الاغتيالات، والتي غالباً ما ينتهي التحقيق حول فاعليها بنتيجة “مجهول”.
ويرصد التقرير وقائع الاغتيالات خلال الفترة من يوليو/ تموز 2018، وحتى أكتوبر/ تشرين الأول 2018، كذلك شمل في جزء خاص منه الحديث عن محاولات الاغتيالات التي حدثت في المنطقة العازلة بمحافظة إدلب والمناطق المحيطة بها خلال شهر تشرين الأول 2018.
الاغتيالات في درع الفرات وعفرين
وتشير المعلومات التي ذكرتها وحدة المعلومات، إلى ارتفاع نسب الاغتيالات في منطقتي درع الفرات (شمال حلب)، وعفرين (شمال غرب سوريا)، مقارنة مع إدلب وما حولها.
وبلغت محاولات الاغتيال خلال مدة 3 أشهر في المناطق الثلاث 159 محاولة، وهي نسبة مرتفعة بالمقارنة مع نسبة الاغتيالات في مناطق المعارضة والفصائل الجهادية خلال النصف الأول لعام 2018 (6 أشهر) والتي بلغت آنذاك 212 محاولة.
وجاء عدد محاولات الاغتيالات في المناطق الثلاث من تموز 2018 وحتى أيلول 2018 على النحو التالي:
– 20 محاولة اغتيال في منطقة غصن الزيتون “عفرين”.
– 46 محاولة في مناطق “ردع الفرات”.
– 93 محاولة في باقي المناطق “إدلب وما حولها”.
وعلّق التقرير على هذه الأرقام بقوله إن مناطق “درع الفرات” يفترض أن تكون أكثر ضبطاً من الناحية الأمنية بحكم اشراف “الضامن التركي” وبحكم مأسسة العمل العسكري، والأمني المحلي فيها (الجيش الحر والشرطة الحرة)، مضيفاً أن عشرات حالات الاغتيال ظل المسؤول عنها مجهولاً.
وفي “درع الفرات” فإن الأكثر استهدافاً في محاولات الاغتيال هي الجهات المدنية التي تعرضت لـ30 محاولة، ثم تليها الفصائل المصنفة كمعتدلة في المرتبة الثانية بـ 16 محاولة اغتيال، وبلغت نسبة محاولات الاغتيال الناجحة 26% والفاشلة 74%.
وفي عفرين، فكان لظهور غرفة عمليات باسم “غضب الزيتون” أثراً في نسبة محاولات الاغتيال، والتي قالت في بيان لها إنها “لن تتعامل مع العناصر كأسرى حرب إنما سيتم تصفيتهم ميدانياً حتى تحرير عفرين”، وفق قولها.
ونفذت هذه الغرفة 20 محاولة اغتيال خلال فترة الرصد الممتدة من تموز حتى نهاية أيلول 2018 وكلها حققت أهدافها وأدت إلى موت الجهة المستهدفة وكانت أداة التنفيذ متشابهة في جميع حالات الاغتيال القتل بإطلاق الرصاص.
الاغتيالات بإدلب: عمليات نوعية
في هذه المنطقة، لم تُستثنى جهة من محاولات الاغتيال، وجميعها تضررب بسببها، سواءً أكانت هيئة “تحرير الشام” أو “حراس الدين”، أو “الجبهة الوطنية للتحرير”.
وبلغت الاغتيالات في إدلب 93 حالة خلال الربع الثالث من العام 2018، وبلغت أقصاها في شهر أيلول حيث بلغت المحاولات 45 محاولة اغتيال، بينما بلغت في تموز 28 محاولة، وجاء ثالثاً شهر أب بـ20 محاولة.
وكانت الجهات المدنية الأكثر استهدافاً في محاولات الاغتيال بإدلب وماحولها، بـ 47 محاولة، ثم حلت “تحرير الشام” في المرتبة الثانية بـ36 محاولة اغتيال شملت عسكريين وشرعيين، تليهم ثالثاً الجبهة الوطنية للتحرير بـ10 محاولات. واستُخدمت في 84 محاولة اغتيال (إطلاق النار، وعبوة ناسفة، ولغم أرضي، وطعن).
ووصلت نسبة المحاولات التي نجم عنها موت المستهدف 65%، مقارنة بـ35% فشلت في قتل الجهة المستهدفة؛ أي أن ثلث المحاولات فاشلة.
وفي مؤشر متشابه مع ما يجري في “درع الفرات”، وعفرين، فإنه بحسب التقرير أكثر محاولات الاغتيال التي حصلت ظل منفذها مجهول وغير معروف، بينما قال التقرير إن “تحرير الشام” نفذت محاولتي اغتيال.
وتعرضت الهيئة نفسها لاغتيالات، كما حصل في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عندما تم استهداف قيادات معروفة في صفوفها وأغلبهم كان من التيار الأجنبي المعروف بأنه الأكثر تشدداً والذي أبدى اعتراضاً واضحاً على اتفاق إدلب الأخير. حيث بلغ مجموع المحاولات في تشرين الأول 26 محاولة نفذ منها 18 محاولة في إدلب و6 محاولات في حلب ومحاولتين فقط في حماه.
واقع أمني هش
وخلص التقرير إلى القول بأن عمليات الاغتيالات في المناطق الثلاث، “من شأنها التأكيد على تنامي عوامل التدهور الأمني ومؤشرات البيئة غير المشجعة للاستقرار، كما تؤكد تلك النتائج على فشل القوى الفاعلة في تطوير أدواتها وقدرتها للحد من هذه العمليات وكشف ملابساتها ومسبباتها.
وأضاف أن تزايد مؤشرات حالة الفلتان الأمني في مناطق “درع الفرات”، وعفرين، على سبيل المثال فإنه سينعكس حتماً على سياسات التعافي المبكر ويدعم كافة المقاربات المراهنة على فشل المعارضة في التصدي لتحدياتها الأمنية.
وأشار إلى أنه فيما يخص إدلب وما حولها، فإن البيانات المتعلقة بها تتحدث عن جملة من العوامل الدافعة إلى ارتفاع نسب الفوضى وتبرز بشكل جلي عدم قدرة الأجهزة المعنية بالعمل الأمني على اكتشاف منفذو الاغتيال ودوافعهم ومحاسبتهم.
وجاء في نهاية التقرير أنه “فيما يتعلق بحرب الاغتيالات داخل الهيئة، فإنه لا يمكن اعتبارها إلا حرب سلطة خصوصاً بين تيارين (العناصر المحلية والعناصر الأجنبية)”.
وكالات