الضربة التي تعدها السعودية وروسيا لترامب..
توشك السعودية وروسيا على التوصُّل إلى اتفاقٍ لخفض إنتاج النفط، لتتحدّيا بذلك دعوات الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الحفاظ على معدلات الإنتاج الحالية لإبقاء الأسعار منخفضة، بحسب صحيفة The Financial Times البريطانية.
إذ ذكرت منظمة أوبك النفطية وحلفاؤها بقيادة روسيا في العاصمة النمساوية فيينا، أمس الأربعاء 5 ديسمبر/كانون الأول 2018، أنَّ هناك حاجة إلى خفض الإنتاج، وذلك استجابةً لانخفاض أسعار النفط الخام في الشهرين الماضيين بنسبة 30%.
لكنَّ المجموعة، المعروفة على نطاق واسع باسم «أوبك +»، لم تقرر بعد نسبة الخفض المرتقب في معدلات الإنتاج، في ظل تردُّد روسيا بشأن نسبة الخفض الذي ستُحدِثه في إنتاجها.
القرار سيتخذ في الأيام المقبلة
وقال محمد الرمحي، وزير النفط العماني: «لم نناقش نسبةً محددة.. اتفقنا فقط على خفض الإنتاج»، مع أنَّه ذكر أنَّ بعض المحللين الفنيين أيَّدوا خفض الإنتاج بقيمة مليون برميل يومياً على الأقل.
وأضاف: «نحن (أعضاء لجنة المراقبة التي تضم السعودية وروسيا) لا يمكننا معارضة هذه التوصية»، مضيفاً أنَّ هناك قراراً سيُتَّخذ في غضون الأيام المُقبلة.
يُذكَر أنَّ المملكة العربية السعودية، القائد الفعلي لأوبك، تواجه ضغوطاً غير مسبوقة من الولايات المتحدة، حليفتها الغربية الرئيسية، في ظل إشادة ترامب بانخفاض أسعار النفط واصفاً إيَّاه بـ»تخفيض ضريبي» للعالم كله.
وقد دعم ترامب وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، على الرغم من القلق المتزايد في واشنطن حيال دور ولي العهد المزعوم في قتل الصحافي المُعارض جمال خاشقجي.
وكتب ترامب تغريدةً أمس في الوقت الذي عقد فيه وزراء الطاقة اجتماعاً فنياً في فيينا: «نأمل أن تُبقي أوبك تدفقات النفط كما هي، ولا تخفضها. فالعالم لا يريد أن يشهد ارتفاع أسعار النفط ولا يحتاج إلى ذلك!».
وسيجتمع وزراء نفط الدول التابعة لأوبك اليوم الخميس 6 ديسمبر/كانون الأول لتقرير حجم خفض الإنتاج المزمع، مع تأكيد العديد منهم ضرورة اتخاذ إجراء وإلَّا سيواجهون تُخمةً شديدة في كميات النفط المعروضة في الأشهر القادمة. بينما سيجري الاتفاق الأوسع مع الدول المُنتجة للنفط من خارج المنظمة، بما في ذلك روسيا، يوم غد الجمعة 7 ديسمبر/كانون الأول.
وقد يسفر الفشل في التوصُّل إلى اتفاق عن المزيد من الانخفاض في أسعار النفط، بعدما انخفضت بالفعل من أعلى مستوى وصلته في 4 سنوات حين بلغت 86 دولاراً للبرميل في أوائل أكتوبر/تشرين الأول إلى نحو 60 دولاراً للبرميل حالياً.
وقال محللون إنَّ المجموعة بحاجةٍ إلى إيجاد طريقة لخفض الإنتاج دون إثارة مزيدٍ من الغضب الأميركي، ما قد يدفعها إلى خفض الإنتاج بنسبةٍ أقل المتوقع أو إخفاء حقيقة نتائج الاجتماع.
إذ قالت آن لويز هيتل، المستشارة في شركة Wood Mackenzie: «أظنَّ أن الدول ستلجأ على الأرجح في هذه المرحلة إلى تخفيضٍ قليل في الإنتاج».
وأضافت: «هذه الدول تحاول إدارة التوقعات وعدم إحباط آمال سوق النفط، ولكن في ظل الضغط الواقع عليها، فقد تُخفي حقيقة ما تفعله».
ما الذي تخشاه السعودية؟
وتعتقد المملكة العربية السعودية ضرورة تخفيض الإنتاج بقيمة مليون برميل يومياً على الأقل -وهو ما يعادل نحو من 1% العرض العالمي- لتجنُّب تراكم مخزون أكبر من اللازم في النصف الأول من العام المقبل 2019.
بيد أنَّ حجم الخفض يمكن أن يصل إلى مليون ونصف برميل يومياً، في ظل تزايد المخاوف حيال زيادة الكمية المعروضة في السوق عن اللازم.
يُذكَر أنَّ معدل إنتاج الصخر الزيتي في الولايات المتحدة يزداد بسرعةٍ مع تحوُّل البلد إلى أكبر منتج للنفط في العالم، إذ تضخ ما يزيد على 11 مليون برميل يومياً، أي أكثر من برميل واحد من كل 10 براميل تُنتَج على مستوى العالم.
وفي الوقت نفسه، رفعت المملكة العربية السعودية وروسيا اللتان نظَّمتا إمدادات النفط في العامين الماضيين، الإنتاج إلى مستويات قياسية، ومن بين أسباب ذلك هو تلبية دعوات ترامب هذا الصيف في ظلِّ تحرُّك الولايات المتحدة لإعادة فرض العقوبات على صادرات الطاقة الإيرانية.
اجتماع غامض بين السعودية وأميركا
بيد أنَّ إدارة ترامب أعلنت لاحقاً إعفاءاتٍ أكثر من المتوقع لعملاء إيران، ما ترك كميات النفط المعروضة عالمياً عند مستوى مرتفع في وقتٍ تتزايد في الشكوك حيال قوة الاقتصاد العالمي.
وبغض النظر عن ذلك، ظل ترامب يضغط على المجموعة مشيداً بانخفاض أسعار النفط ومعتبراً إيَّاه انتصاراً سياسياً كبيراً لإدارته.
جديرٌ بالذكر أنَّ برايان هوك، المبعوث الأميركي الخاص إلى إيران، التقى وزير الطاقة السعودي يوم أمس في فيينا، وفقاً لما ذكره شخصان على علم بالاجتماع.
وقال الشخصان إنَّ إدارة ترمب حريصةٌ على زيادة الضغط على صادرات النفط الإيرانية في الأشهر المقبلة، مشيرين إلى أنَّها لن ترغب في أن تفرض السعودية قيوداً على السوق.
وبينما نفى مسؤولون سعوديون عقد هذا الاجتماع، أكَّد متحدثٌ باسم وزارة الخارجية الأميركية أنَّ برايان ووزير الطاقة السعودي «التقيا مدةً وجيزة»، دون كشف مزيد من التفاصيل.
يُذكَر أنَّ السعودية وإيران غريمتان إقليميتان لدودتان، لكنَّهما يميلان إلى التعاون داخل أوبك، في ظل اعتماد كليهما على عائدات النفط.
عربي بوست