الرئيس الأسد ممنوع في بيروت!
عبدلله قمح
باتَ في المقدورِ اليوم فهم سلوكيات وزير الخارجية في حُكومة تصريف الأعمال، جبران باسيل، اتجاه سوريا، فالأمر لم يعد يقتصرُ على موقفهِ منها المبني على مرحلة ٩٠-٢٠٠٥، بل أنَ القصة تتجاوز ذلك وصولاً إلى حدِّ التماهي مع قرارات بعض الدُّول العربية بحق دمشق. بإختصار، رسم باسيل معادلة: “بشار الأسد لن يطأ بيروت!”.
اقترب موعد إنعقاد القمّة العربية الإقتصادية الإجتماعية في قصر بعبدا بين ١٩ و ٢٠ كانون الثاني القادم، ولغاية تاريخه، لم يصارُ إلى توجيهِ دعوة لسوريا، رغم أن الوزير باسيل المُكلّف رئاسياً بتوجيه الدعوات، حط في غالبيةِ الدول العربية تقريباً مستثنياً دمشق حتى الآن من برنامجِ جولته.
المعلومات تشيرُ إلى خلو رزمة الدعوات من واحدة مخصصة لسوريا، أما السّبب فيعودُ إلى الإنسجام مع قرارات مجلس الجامعة العربية القاضي بتجميد عضويتها، فضلاً عن غيابِ الإجماع العربي عن مشاركة دمشق في أنشطةٍ ذات إرتباط رسمي بالجامعة كجماعة.
ثمّة تبرير آخر يستغلُ لجواز عدم تقديم دعوة، يقومُ على ما سرّبَ إلى الخارجية من قرار إتّخذ لدى دمشق بـ “مقاطعة باسيل” بعد الكلام الذي أدلى به الأخير على نهر الكلب، ما يعني أن وزير الخارجية نفض يدهُ من المسؤولية ويحاول رميها على عاتقِ دمشق، علماً أنّ تواصلاً لم يسجّل بين الاخير والعاصمة السورية، إن عَبره أو عبرَ وسطاء، لفهم صحّة موقف الأخيرة من عدمه.
وإلى جانب المقولة أعلاه، ثمّة من يشيرُ إلى عدم توفر رغبة لدى باسيل من الأساسِ لتوجيه دعوة إلى دمشق، وهذا تجلّى في انقطاعِ باسيل عن المشاركة في النّقاش الذي فُتح حول سبل توجيه الدّعوة وآلياتها في ظل المقاطعة العربية لسوريا، والإحتمالات المترتبة على لبنان، أما التبرير فيعودُ إلى رسائل تبلّغت بها بيروت، حول إحتمال أن يجري مقاطعة القمّة في حالِ دعوة الرّئيس السوري بشار الأسد حضورها، وهذا بالنسبة إلى الدوائر المعنية يعني فشلاً للبنان في تنظيمِ المناسبة، فجرى صرف النّظر عن توجيه دعوة.
الشّق الأخير يقودُ إلى تفسيرٍ آخر حول إحتمال دخول “أطراف ضغط” على رئاسة الجمهورية ومن خَلفِها الوزير باسيل من أجلِ عدم توجيه دعوة لدمشق، على سبيلِ بعض المتخاصمين مع عاصمة الأمويين في بيروت، الذي لا يجدون قبولاً في جلوسِ الرّئيس السوري على كرسي رئاسي في قصر بعبدا، بل ويجدون حرجاً في حالِ حدوث ذلك أمام الدول العربية التي قد تجدُ أنهم عاجزون عن التّأثيرِ على القرارات، فأتت خطوة باسيل على سبيل مراعاة الحلفاء الجدد ثُم إبعاد شبح التنازع عن الواقع السّياسي الداخلي المأزوم أصلاً.
من هُنا، يقودُ البعض تفسيراً يقومُ على أن باسيل انتهجَ سياسةِ مواجهة مع دمشق في نهر الكلب لتكون مقدّمة تبرّر له عدم توجيه دعوة إليها للمشاركة، انطلاقاً من مفهومِ “تأزم العلاقات بين الجانبين”، لكن هذا البعض المتمتع بواقعية سياسيّة، يتخوفُ من إحتمالاتِ ردود الفعل التي قد تصدرُ عن دمشق، وعلى رأسها صرف النظر عن متابعة شؤون ومسائل إعادة النازحين السوريين إليها.
وعلى ذمّة الراوي، لن تجدُ دمشق مصلحةً لها في مساعدةِ لبنان على إعادة النازحين ما دام الأخير لا يقيمُ وزناً لحضور دمشق أو يتجاهل حضورها، وهو الذي تربطهُ معها معاهدة إخوة وتنسيق!
ووفق رأيه، كان من الممكن أن يتخذُ لبنان مبادرة تقوم على إعادةِ وصل ما انقطعَ بين سوريا والدول العربية، مستفيداً من التبدّل في مواقفِ السواد الأعظم من الدُّول التي قاطعت سوريا بعد أحداث ٢٠١١ ثم تطرحُ اليوم العودة عنها، وإحتمال أن يلعبُ باسيل هذا الدور خلال زياراته الهادفة إلى توزيع الدعوات، ما قد يرفعُ من نسبة دور وحضور وتأثير لبنان في مجلس الجامعة، لكن باسيل قرر أن يتجاهل الأمر، بودلاً عن ذلك أوحى بوجود مقاطعة لحكومة دمشق من قِبَل الحُكومة اللّبنانية.
ليبانون ديبايت