أمريكا أمام مُعضلةٍ في شرق الفرات.. ما السيناريوهات؟
يوماً بعد يوم تُبعِدُ المصالحُ والسياسةُ تركيا عن حليفتِها أمريكا، لقد تحوّلَ الأكرادُ إلى مشكلةٍ باتت تُهدّدُ العلاقاتِ الأمريكيّة التركيّة بحسبِ ما يرى بعضُ المراقبين
وعلى الرَّغم من تصريحاتِ الأمريكيّين الكثيرة بأنّهم يتفهّمون مخاوفَ تركيا، وأنَّ أمريكا لن تتخلّى عن حليفها الأطلسيّ التركيّ، وأنَّ دعمَ الأكراد مرحليٌّ ولا يستهدفُ الأمنَ القوميّ التركيّ، إلّا أنّها لم تشفِ غليلَ أنقرة، فقرّرت الأخيرةُ التحرّك بنفسِها لقطعِ دابرِ هواجسِها في شرقِ الفرات.
حشدَ الأتراكُ مزيداً من القوّاتِ تحضيراً لعمليّةٍ عسكريّةٍ تستهدفُ قوّاتِ سوريّة الديمقراطيّة تنفيذاً لتهديداتٍ كانوا قد أطلقوها.
الأمريكيُّ قد يكونُ مُتفاجِئاً من هذه الخطوة؛ لأنّها تتضاربُ بشكلٍ صريحٍ مع مصالِحه، يقولُ متابعون: “إنَّ أنقرة تعي تماماً بأنَّ واشنطن تحتاجها كحليفٍ أطلسيّ، وتعرفُ أيضاً أنَّ الأمريكيّ يخشى من تطوّرِ العلاقاتِ مع روسيا، لذلك يمكنُ القول إنَّ أنقرة تبتزُّ واشنطن وتُخيّرها في الوقتِ ذاته بين نفسِها وبين الأكراد، هنا لا يمكنُ لواشنطن أنْ تجمعَ على ذمّتها ضرّتين مُتناقضَتين كارهتين لبعضِهما، تقولُ الخانم التركيّة وفقاً لشرعِ السياسةِ وفقهِ المصالحِ الجيوسياسيّة”.
على المقلبِ الآخر فقد أعلنت ما تُسمّى بقوّاتِ سوريّةِ الديمقراطيّة نفيراً عاماً، طالبت بتحرّكِ التّحالفِ الدوليّ لدرء عمليّةٍ تركيّةٍ والحقتها بنداءِ استغاثةٍ للحكومةِ السوريّة، ما أثارَ استنكاراً وسخريةً في الوقتِ ذاته من قِبَلِ السوريّين.
كيف لِمَن أرادت إقليماً مستقلّاً وفدراليّاً وما تزالُ الأحلامُ الانفصاليّة تسكنُ تلافيفَ دماغها أنْ تتحدّثَ عن وحدةِ الترابِ السوريّ، يتساءَل سوريّون، وكيفَ لِمَن استقوى بالأمريكيّ على ابن جلدتِهِ السوريّ أنْ يطالبَ بتحرّكٍ لدمشق، هل سأل هؤلاء الحكومة السوريّة قبلَ السّماحِ بدخولِ الأمريكيّ إلى مناطقِهم.
كيف سمحَ الأكرادُ هناك للأمريكيّ بالدخولِ كقوّةِ احتلال، ومن يحمي قواعدهم؟ أسئلةٌ طرحَها ناشطون سوريّونَ على مواقعِ التواصلِ الاجتماعيّ.
الحربُ شرقَ الفرات قد تندلعُ وستخلطُ الأوراق، التركيّ أحرجَ الأمريكيّ بهذه التحرّكات، فيما الروسيّ يجلسُ مبتسماً لحصدِ مكسبٍ سياسيٍّ جديدٍ ناتجٍ عن إحراجِ أمريكا وزيادةِ الشّرخِ بين واشنطن وأنقرة، الأمريكيُّ عليه أنْ يختارَ بين التركيّ والكرديّ وإنْ وقعت العمليّةُ فإنَّ المكاسبَ ستكونُ كالآتي: الانتهاء من ظاهرةِ قوّةٍ مسلّحةٍ بطموحاتٍ انفصاليّة مدعومةٍ أمريكيّاً، تحييدُ المناطق التي قد تُطرَدُ منها قوّات سورية الديمقراطيّة بعد العملِ العسكريّ عبرَ اتّفاقٍ مُتوقّع مع الروسيّ تمهيداً لإعادةِ تلك المناطقِ للجيشِ السوريّ، لكن تبقى معضلةُ القواعدِ الأمريكيّة هناك، فهل ستُعيدُ واشنطن داعش لتلك المناطقِ لزجّها كخطِّ قتالٍ أماميّ ضدّ خصومِها كحلٍّ أخيرٍ يَطرحُ أحدُ المحلّلينَ استفساره.
اسيا نيوز