المقابر الجماعيّة.. كنز مآسي السوريّين !
لا يكادُ يمرُّ خبرُ اكتشاف مقبرةٍ جماعيّة في سورية حتّى يتمّ العثور على مقبرةٍ جديدةٍ تضمُّ رُفات مدنيّين وعسكريّينَ قُتِلوا في ظروفٍ غامضة .
بدأت المقابرُ الجماعيّة بالظهورِ منذ حزيران عام 2011 حين عُثِرَ على مقبرةٍ جماعيّةٍ في جسرِ الشغور تضمُّ رُفات جثامين قال الإعلامُ الرسميُّ حينها إنّها تعودُ لعناصر قوى الأمن الداخليّ قُتِلوا على يدِ عناصر مُسلّحة مُناهِضة للدولة.
توالت المقابرُ الجماعيّةُ بالظهور مع سيطرةِ تنظيم داعش الإرهابيّ على مساحاتٍ واسعةٍ في سورية وارتكابه مجازرَ بحقِّ المدنيّين المُناهضينَ له وبحقِّ عناصرِ الجيشِ السوريّ الذين وقعوا أسرى بيده .
في مدينةِ الرقة ومحيطها، تمَّ العثورُ حتّى الآن على أكثر من 9 مقابرَ جماعيّةٍ تضمُّ المئاتِ من الجثامينِ يتمُّ استخراجها بأدواتٍ بسيطة ضمنَ مناطقِ سيطرةِ قوّات سوريّة الديمقراطيّة على أيدي فريقِ الاستجابةِ الأوّلي عديم الخبرة، والذي يضمُّ في صفوفه متطوّعينَ ولا يضمُّ الفريقُ أيّ طبيبٍ شرعيٍّ، ويعملُ أعضاؤه على تسجيلِ معلوماتٍ على المشاهدةِ عن لونِ الشّعرِ والطولِ والملابس فقط، إذ استخرجَ منذُ سيطرةِ “قسد” على المدينة قرابة 2777 جثّةً، منها 1050 من مقابرَ جماعيّةٍ، و1200 جثّةٍ مُنتَشلةٍ من تحتِ الأنقاض، بينها نحو 460 جثّةً لأطفال .
مواقعُ محلّيّةٌ وناشطون يرون أنَّ الجهاتِ الثلاث مُشترَكة في هذه المقابر، فقسد التي حاصرت المدينة وقصفتها بآلافِ القذائفِ، وطيران التحالف الذي دمّر كلّ شيءٍ في المدينة، إذ قامَ التنظيمُ بافتتاحِ مقبرةٍ في منطقةِ البانوراما لدفنِ مُقاتلِيه والمدنيّينَ الذين قَضوا تحتَ القصفِ وتنظيمِ داعش الذي قتلَ المدنيّينَ بشكلٍ جماعيٍّ لأسبابٍ تتعلّقُ أحياناً بعدمِ الصلاةِ أو حتّى ارتداءِ ملابسَ يراها ملابس كفار .
)محمد) الذي فَقَدَ الاتّصالَ بأخيهِ عندما سيطرَ تنظيمُ داعش على مطارِ الطبقة العسكريّ وأسر حينها المئات من عناصرِ الجيشِ السوريّ يبحثُ عن أخيه بين الجثثِ المُستخرَجه من المقابرِ الجماعيّة وذلك بعد أنْ فقد الأمل بأنْ يكونَ ما زال أسيراً لدى داعش الذي خَسِرَ كلّ المدن التي كان يُسيطرُ عليها .
أمّا عن مناطقِ سيطرة الجيش السوريّ فقد تمَّ تشكيل لجنةٍ من الهيئةِ العامّة للطبِّ الشرعيّ التي وضعت برنامجاً للتعرّفِ على الرُّفات يبدأ من موضوعِ الأسنان ثمَّ العظام وأخيراً اللّجوء إلى تحليل DNA .
ما زال الآلاف من السوريّين في عِدادِ المفقودينَ في مختلفِ المحافظات السوريّة ممّن اختفوا بشكلٍ قصريّ، ومضى سنواتٌ على اختفائِهم ممّا دفعَ أهاليهم للبحثِ عنهم بين الجثثِ المُستخرَجة على الرَّغم من صعوبةِ هذا الخيار، إلّا أنّه الأخير للبحث عن أيّ دليلٍ يُوصلهم بأحبّتهم ومعرفة مصيرهم.
آسيا