شمال سورية ولعبة أردوغان ترامب
تحسين الحلبي
لا تزال لعبة الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والأميركي دونالد ترامب تتواصل فصولها باستخدام كل منهما لأدواته على مسرح الشمال السوري على شكل مأساة أحياناً وملهاة في أحيان أخرى يدفع ثمنها ضحايا من السوريين وليس من وحدات الجيش الأميركي ولا من وحدات الجيش التركي التي غزت الأراضي السورية!
وهل سأل بعض قادة الأكراد من يرعاهم ويقدم لهم السلاح الأميركي لماذا تصمت واشنطن حين يقوم بإعلان رغبة بشن عدوان عسكري في تلك المنطقة التي تزعم واشنطن أنها تقدم لها الحماية الأميركية؟! وبالمقابل ألا يستطيع أردوغان لو كان يعرف أن واشنطن ستمنعه عن شن عدوانه العسكري شمال سورية أن يطلب منها عدم منعه عن مثل هذه الأعمال؟
يبدو أن مثل هذه الأسئلة لم يطرحها بعض قادة الأكراد المتحالفين مع واشنطن على أنفسهم ولا على واشنطن ولا على أحد وهم الذين يرون بأعينهم أن واشنطن تعد تركيا حليفاً إستراتيجياً تاريخياً لها في المنطقة وفي العالم وأنها أي واشنطن تنفذ في سورية وشمالها بشكل خاص سياسة تتواطأ فيها مع أردوغان من أجل توسيع عدوانه وهي التي كانت تقدم الدعم مع أردوغان وعن طريق الأخير للميليشيات الإرهابية من داعش وغير داعش مادامت تستهدف الجيش السوري في تلك المنطقة.
اللاعبان المعتديان على الأراضي السورية يدرك كل منهما: الولايات المتحدة كلاعب دولي وأردوغان كلاعب إقليمي، أن نهاية استخدام كل منهما لورقته لن يصب إلا في مصلحتهما وليس ضد مصلحة أي طرف منهما فماذا ينتظر بعض قادة الأكراد في الشمال في ظل هذه اللعبة الواضحة أمام الجميع؟! ألم يقرأ الجميع أحد فصول السياسة الأميركية في شمال العراق حين طلبت في عام 1962 من إسرائيل الاتصال ببعض قادة الأكراد والعراقيين في الشمال واتخذت لنفسها دوراً مستتراً لكي لا تخسر العلاقات مع بغداد ودفع العراقيون من الأكراد ثمن حرب في الشمال إلى أن تخلى اللاعبون الأميركيون والإسرائيليون عن الورقة التي كانوا يلعبون بها على ساحة العراق في الاتفاقية التي وقعتها الجزائر عام 1975 لإنهاء الصراع المسلح شمال العراق بموافقة بغداد وشاه إيران الذي كان يلعب هو الآخر بورقة أكراد الشمال العراقي ضد العراق؟!
ثم ألا يدرك الجميع أن إعلام أردوغان المسبق عن شن عدوانه فوق الأراضي السورية لابد أن يكون قد ناقشه مع الإدارة الأميركية والوحدات العسكرية الأميركية التي يتحالف معها بعض قادة الأكراد السوريين؟ وهل توقف التنسيق الاستخباراتي بين واشنطن وأنقرة وكذلك بين حلف الأطلسي وأنقرة؟! ألا توجد مقرات للاستخبارات الأميركية والأطلسية بموجب عضوية أنقرة في حلف الأطلسي قادرة على معرفة خطة العدوان العسكري التركي على السيادة السورية وتوقيته؟!
من المؤلم جداً أن يخدع بعض قادة الأكراد السوريين جمهورهم ويقومون بموجب ما نشرته المجلة الإلكترونية «هفال نيوز» الكردية باللغة الإنكليزية في 13 كانون الأول الجاري أن ترامب «سيطلب إيقاف الهجوم» وتستند المجلة إلى تحليل بل رأي كتيبة، توم روغان، في صحيفة أميركية مغمورة.
هل بهذه الوسيلة سيحاول بعض المراهنين على الولايات المتحدة إقناع جمهور الأكراد السوريين في الشمال بأن ترامب سوف يقدم لهم الحماية من أردوغان اللاعب الرئيسي مع الفريق الأميركي في الساحة السياسية الأميركية؟!
إن سورية شعباً وجيشاً وقادة تدرك طبيعة ودور وأهداف هذه اللعبة الأميركية – الأردوغانية، وستكون سورية وحلفاؤها قادرين على إحباط خطة ترامب وأردوغان العدوانية شمال سورية مثلما أحبطت خطة نتنياهو ترامب في جنوب سورية ولن يحمي الأكراد السوريين سوى جيشهم السوري.
الوطن