حينما ترقص الفيلة في الشمال السوري
التهديدات التي اطلقتها الولايات المتحدة للمعارضة السورية باحتمال وقوع الصدام المباشر معها في حالة تقديمها العون للقوات التركية خلال تقدمها نحو شرق الفرات السوري يدل على خطورة الموقف وتشابك الاوضاع في تلك المنطقة الحساسة.
وكالة الأناضول التركية قالت انها اطلعت على رسالة بعثها مسؤولون أمريكيون إلى مايسمى بـالائتلاف الوطني السوري المعارض اضافة الى مايسمى بـ”الجيش السوري الحر”، هددوا فيها العناصر التي ستشارك في أي عملية تركية شرق الفرات بانها ستواجه الجيش الأمريكي “بشكل مباشر”
وقال المسؤولون الأميركيون إن “مشاركة الائتلاف أو السوري الحر بأي شكل في العملية تعني الهجوم على الولايات المتحدة وقوات التحالف، وهذا سيؤدي إلى صدام مباشر معها”
وكشف المسؤولون عن مدى التشابك بين تلك القوات وأضافوا أن قوات بلادهم ومايسمى “قوات سوريا الديمقراطية” “في حالة متداخلة مع بعضهما، لذلك لا يمكن مهاجمة الثانية دون استهداف قوات التحالف والقوات الأمريكية والاشتباك معهما”
وحذرت الرسالة المعارضة السورية من عواقب المشاركة في العملية التركية المرتقبة، بالقول “حينما ترقص الفيلة؛ عليك أن تبقى بعيدًا عن الساحة”.
قرار اردوغان المدوي
وتاتي هذه الرسالة بعد اربعة أيام من إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عزم بلاده إطلاق حملة عسكرية في غضون أيام لتخليص منطقة شرق الفرات في سوريا من وحدات حماية الشعب الكردية التي تصنفها انقرة ضمن التنظيمات الارهابية، في خطوة قد تزيد من تعقيد العلاقات مع الولايات المتحدة.
وقال أردوغان: “سنبدأ العملية لتطهير شرق الفرات من الإرهابيين الانفصاليين خلال بضعة أيام. هدفنا لن يكون أبدا الجنود الأميركيين”.
واضاف الرئيس التركي “جنبنا إدلب السورية أزمة إنسانية كبيرة، وجاء الدور لتنفيذ قرارنا بشأن القضاء على بؤر الإرهاب في شرق الفرات”.
وأضاف أردوغان “تم اتباع تكتيك مماطلة لا يمكن إنكاره في منبج من جانب الولايات المتحدة، وما زال متبعا في الوقت الراهن”، مشيرا إلى أن ما بين 80 إلى 85 في المئة من سكان منبج من العرب، إلا أن المدينة واقعة الآن تحت سيطرة “التنظيمات الإرهابية التي تتصرف بغطرسة هناك”، حسب تعبيره.
وشهدت المنطقة الحدودية، الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تدعمها الولايات المتحدة توترا متصاعدا بعد تهديد أنقرة بشن هجوم عليها واستهداف الجيش التركي مواقع وحدات حماية الشعب الكردية، العمود الفقري لقسد.
احتمال سيطرة قسد على هجين
في هذه الاثناء تستمر «قوات سورية الديموقراطية» حليفة واشنطن بقتالها ضد تنظيم داعش الارهابي وقد تضاربت الانباء بشان سيطرة المنظمة الكردية على بلدة هجين آخر معاقل تنظيم داعش الارهابي في سوريا.
وقالت مصادر المعارضة السورية ان قوات سوريا الديمقراطية المعروفة انتزعت السيطرة على بلدة هجين في شرق البلاد من تنظيم «داعش».
وذكر مصدر في وحدات حماية الشعب الكردية أن «قسد» تسيطر الآن على هجين وأن الجيوب القليلة المتبقية لـ»داعش» سيتم القضاء عليها خلال يوم أو يومين. وبانتزاع السيطرة على هجين، لم تعد «داعش» تسيطر سوى على شريط صغير من الأراضي على طول الضفة الشرقية لنهر الفرات في المنطقة التي تتركز فيها عمليات تدعمها واشنطن. ويسيطر المتشددون على بعض الأراضي الصحراوية غربي النهر في منطقة تقع تحت سيطرة حكومة دمشق وحلفائها.
التحالف الاميركي يدمر مسجدا في هجين
حينما ترقص الفيلة في الشمال السوري
وبالتزامن مع ذلك اعلن الجيش الأميركي إن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في سوريا دمر يوم السبت مسجدا ببلدة هجين كانت جماعة “داعش” تستخدمه مركزا للقيادة وإدارة المعارك.
وأفاد التحالف الأميركي بأن 16 شخصا مدججين بالسلاح من مسلحي “داعش” كانوا يستخدمون المسجد قاعدة لشن هجمات.
وأعلن الجيش الأميركي في بيان أن “هذه الضربة قتلت هؤلاء الإرهابيين الذين مثلوا تهديدا وشيكا وقضت على بؤرة عمليات أخرى مميتة للتنظيم في ميدان المعركة”.
اثناء ذلك صرحت ليلوى العبد الله المتحدثة باسم حملة “قوات سوريا الديمقراطية” حليفة واشنطن بالقتال بأن التحالف يوشك على انتزاع السيطرة على بلدة هجين.
تنديد الاتحاد الاوروبي بالحملة التركية
الاتحاد الأوروبي هو الآخر كان من المعارضين للحملة التركية على شرق الفرات واعرب الاتحاد عن قلقه إزاء إعلان تركيا عن نيتها شن عملية عسكرية جديدة ضد الوحدات الكردية في شمال شرق تركيا.
وذكرت مفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، في بيان صحفي أن تركيا شريك رئيسي لبروكسل ولاعب مهم جدا في الأزمة السورية والمنطقة عموما.
وأبدت موغيريني سعي الاتحاد الأوروبي إلى وضع حد للعنف والقضاء على الإرهاب والإسهام في استعادة الاستقرار بسوريا والمنطقة عموما، واضافت : ” نتوقع من السلطات التركية أن تمتنع عن أي خطوات أحادية الجانب قد تنسف جهود التحالف ضد “داعش” وتهدد بتعميق حالة عدم الاستقرار في سوريا”.
حزب العمال يهدد تركيا
حينما ترقص الفيلة في الشمال السوري
من جانبه فقد هدد حزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه أنقرة منظمة إرهابية، برد قوي في حال شنت تركيا عملية عسكرية ضد الأكراد بمناطق شمالي سوريا.
ورد عضو المكتب الإعلامي لحزب العمال الكردستاني، كاوة شيخ موس، في تصريح لوكالة “سبوتنيك”، على إعلان الرئيس تركي رجب طيب أردوغان الإعداد لعملية عسكرية بشرق الفرات، “سنرد بقوة بتصعيد العمليات في الداخل التركي، وليس مثل الآن، حيث تم تقليل العمليات بسبب ظروف الشتاء، وسيكون لنا رد بشكل آخر على تركيا”.
وبشأن القصف التركي الأخير لشمال العراق، أكد كاوة شيخ موس أن “القصف التركي لم يستهدف مواقع لمقاتلي حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، وإنما استهدف قرى لمدنيين من الطائفة الإيزيدية في سنجار ومخمور، وهي قرى تحت سيطرة الحكومة العراقية”، لافتا إلى أن “القصف التركي كان في مواقع بعيدة ومنعزلة عن مواقع مقاتلي الحزب، وأسفر عن مقتل أكثر من 4 مدنيين غالبيتهم من النساء والأطفال”.
وأضاف أن “القصف التركي يأتي ضمن مخطط تركي لتوسيع نفوذها في سوريا والعراق، والتعزيزات التركية الآن على الأراضي السورية جاءت متزامنة مع القصف لشمال العراق”.
تركيا تراقب الوضع الخطر
حينما ترقص الفيلة في الشمال السوري
ويبدو ان السلطات التركية شعرت بخطورة الوضع في شرق الفرات لذا هي تراجعت قليلا عن مواقفها المتشددة واعلن إبراهيم كالين، كبير مستشاري الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والمتحدث باسمه، يوم امس أن بلاده تريد التنسيق مع روسيا والولايات المتحدة لتجنب أي مواجهة في سوريا.
وقال المستشار: “نحن جزء من التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي، ونؤيد الحرب ضده لذلك نريد تنسيق جهودنا، سيكون جيشنا على اتصال وثيق مع الأميركيين والروس وغيرهم من أعضاء التحالف في سوريا، لتجنب أي مواجهة. لدينا آلية لمنع وقوع صراعات”.
وبما يتعلق بتصريحات الولايات المتحدة بتعليق تسليم مقاتلات أف-35 إلى تركيا، أكد إبراهيم كالين، أن بلاده تشك بقدرة الولايات المتحدة على رفض تسليم أنقرة مقاتلات أف-35، في حال قامت بشراء منظومة الدفاع الصاروخية الروسية.
وقال كالين: “نحن لسنا مجرد مشتري، نحن جزء من هذا المشروع، الذي يرتبط به عدد من الدول الأخرى والتي ترتبط معها العديد من الأسئلة، لذلك ليس من السهل رفض تسليم المقاتلات إلى تركيا”.
واحتدت التصريحات بين الطرفين الأمريكي والتركي في الفترة الأخيرة بوقف صفقة بيع المقاتلات أف- 35 المتطورة حال إتمام أنقرة شراء منظمة الدفاع الروسية أس- 400.
تشابك المواقف شرق الفرات السوري وارتفاع لهجة التهديد بين القوات المتصارعة هناك تكشف عن حقيقة مهمة هي ان جميع القوى الموجودة في تلك المنطقة لاتتمتع بوجود شرعي فيها، ولذا هي ستصدم بلا شك بالقوى غير الشرعية المتوجدة هناك ومن هنا وفي سبيل تحقيق الامن والاستقرار في تلك المنطقة يجب ان تنسحب جميع القوات الغريبة عن البلاد وان يتم تسليم الارض الى الجيش السوري فهو الضامن الوحيد لسلامة الارض والوطن.
محمد طاهر – العالم