الحوض الكاريبي الساخن
تييري ميسان
يضيق ذرعاً كبار الضباط الأميركيين بشكل متصاعد من السلطات الدستورية الممنوحة للرئيس دونالد ترامب. فهم يدفعون في الوقت الحالي، ولاسيما بعد تعثر عملية تدمير هياكل الدول في الشرق الأوسط الموسع، نحو مواصلة عقيدة سيبروسكي في الحوض الكاريبي.
تقوم الفكرة هذه المرة على تدمير نحو عشرين دولة جزيرية، وأخرى ساحلية في هذه المنطقة، باستثناء المكسيك، وكولومبيا، إضافة إلى بعض الأراضي البريطانية والأميركية والفرنسية والهولندية.
وعلى ما يبدو فإن الأمور تتسارع في هذا الاتجاه بعد تصريحات لمستشار الأمن القومي جون بولتون في 1 تشرين الثاني قال فيها: «هذه الترويكا من الاستبداد التي تمتد من هافانا، إلى كاراكاس، عبر ماناغوا، هي سبب المعاناة الإنسانية الهائلة، والدافع لعدم استقرار إقليمي شاسع، ونشوء حاضنة قذرة للشيوعية في نصف الكرة الغربي»، فيما وصف وزير الدفاع، الجنرال جيم ماتيس، في الأول من الشهر الجاري، رئيس فنزويلا: إنه «طاغية غير مسؤول، وعليه أن يرحل».
تحاول الولايات المتحدة، جرياً على عادتها، إسقاط الأنظمة القومية، سواء كان نظام فيدل كاسترو في كوبا، أو سلفادور أليندي في شيلي عام 1973. وما هو جديد لدول أميركا اللاتينية الآن، هو أن واشنطن تريد البدء بهما، والانتهاء بحلفائها. فمن وجهة نظر الولايات المتحدة، لا توجد أنظمة صديقة أو عدوة في العالم، بل فقط مناطق ينبغي تدميرها.
كشفت وثيقة داخلية مسرًبة في شهر أيار الماضي، أعدتها قيادة الجنوب «سوثكوم»، وهي المعادل للقيادة المركزية لأميركا اللاتينية «سنتكوم»، عن عمليات جارية الآن ضد فنزويلا، فبعد أربع سنوات من المظاهرات المتفرقة والعنيفة، التي لم تسفر عن شيء، اضطر البنتاغون إلى تغيير خطته.
المسألة لم تعد تقتصر على خلق وهم لصراع سياسي داخل فنزويلا، كما كان عليه الحال في سورية في بداية «الربيع العربي»، بل بإثارة حرب إقليمية، كما هو الحال في سورية منذ تموز 2012، وحتى الآن.
ولقد اكتملت بالفعل جميع الخطوات المعروفة:
أولاً، موقف منظمة الدول الأميركية المكافئ الإقليمي لجامعة الدول العربية.
ثانياً، شجب الانتخابات الرئاسية قبل عقدها.
ثالثاً، الأزمة المالية.
رابعاً، تهجير جزء من السكان.
وبالفعل بدأت سبع عشرة دولة، مؤلفة ضمن مجموعة «ليما» بقيادة دولة البيرو، بمنع المهاجرين الفنزويليين من العودة إلى ديارهم، ومنع فنزويلا أيضاً من استعادتهم. وفرضوا حظراً على التنقل جواً أو براً عبر الحافلات من فنزويلا، أو إليها.
ولتنفيذ حرب إقليمية على أكمل وجه، سوف ينبغي على البرازيل، وكولومبيا، وغيانا، لعب دور المملكة العربية السعودية، وقطر، وتركيا. كما ينبغي أن يسمح انتقال السلطة في البرازيل، في اليوم الأول من العام القادم، للنظام الجديد المنتخب، بأن يقوم بهذا الدور على أكمل وجه.
ولهذا السبب، تم انتخاب الرئيس الموالي لإسرائيل يائير بولسونار، مع الجنرال هاملتون موراو، نائباً له، الذي أعلن الأسبوع الماضي أنه سيتم الإطاحة بالرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو قريباً، وأن البرازيل ستنشر «قوة سلام» على الفور في هذا البلد.
أخيراً، كشف نيكولاس مادورو في 12 كانون الأول الجاري أن 734 من المرتزقة، يجري تدريبهم حالياً في كولومبيا تحت قيادة الكولونيل الفنزويلي السابق، الذي حاول اغتياله في آب الماضي، ومن المتوقع أن يقوم هؤلاء الرجال بهجوم مزعوم تحت العلم الفنزويلي، ضد قاعدة عسكرية كولومبية، من أجل تبرير عمل عسكري مشترك لكل من كولومبيا والبرازيل، ضد فنزويلا.
الوطن