البشير في ضيافة الأسد والحبل على الجرار.. تركيا وليالي الغفران في دمشق
الدكتور محمد بكر
لم تكن مفاجأةً من العيار الثقيل زيارة الرئيس السوداني عمر حسن البشير إلى دمشق ولقائه الرئيس الأسد ، وإن كانت الأولى لرئيس عربي منذ اندلاع الحرب السورية، ولاسيما بعد سلسلة من الممهدات خلال الفترة الماضية التي أسست بطبيعة الحال لما نشاهده وسنشاهده مستقبلاً لجهة عودة العلاقات العربية مع الحكومة السورية، ولعل زيارة الوفد البرلماني الأردني مؤخراً لدمشق ولقائه الأسد بعد فتح معبر نصيب والأجواء الإيجابية التي سادت اللقاء، و أكدت على ضرورة الدفع لعلاقات ثنائية جيدة، وماقيل عن نية الامارات إعادة فتح سفارتها في دمشق، كل ذلك كان من بين الممهدات التي تُوّجت بزيارة الرئيس السوداني، التي قد تكون جاءت تحت تأثير جهات عربية وربما خليجية كجس نبض للمرحلة القادمة، والتي تتجاوز ماأُعلن عن الزيارة بأنها تشكل دفعة قوية لعودة العلاقات الثنائية بين دمشق والخرطوم لتتعداها لما هو أبعد، كلام الأسد عن أن الدول العربية التي لازالت تعول على الغرب لن تتحصل على أية منفعة، ومن الأفضل لها التمسك بالعروبة هي رسالة وصلت فحواها ومدلولاتها لبقية الرؤساء العرب الذين يتلقفون نتائج زيارة البشير وربما ماسيحمله إليهم.
عودة العلاقات بين دمشق وبين عدة دول عربية ولاسيما الخليجية منها، إذا ما كانت عنواناً للسنة الجديدة، هي تأتي نتيجة تسليم هذه الدول بقدرة دمشق على صياغة الحضور الفاعل في منظومة التحالفات الدولية والاقليمية التي قوت من قدراتها وثباتها في كل مراحل المواجهة، ولاسيما الأكثر حرجاً منها وخطورة ، وانطلاقاً من قناعة باتت راسخة ربما لدى تلك الدول بأن التأثير على صلابة أو خلخلة محور دمشق طهران موسكو هو مضيعة للوقت، وللمال الذي لطالما أنفقته هذه الدول لدعم معارضي الأسد وفشل هؤلاء بتحقيق مانجح الأسد في صياغته على مدى سنوات الحرب.
تركيا هي الأخرى تظهر مجدداً على مسرح تصحيح المسار مع دمشق، وفي وقت تميل وتسارع أنقرة لتثبيت موقع لها في تحالف دمشق، ولاسيما مع انطلاق عملية عسكرية لها شرق الفرات التي جاءت على خلفية ماقيل عن تجديد الدعم الأميركي للأكراد في الشمال، وحديث لافروف عن ان أميركا تدير لعبة خطيرة في الشمال السوري، من هنا يأتي حديث مولود جاويش اوغلو عن أن تركيا ستقبل بالتعامل مع الرئيس الأسد اذا مافاز بانتخابات حرة وشفافة على حد تعبيره، هذا الكلام المعسول الذي ينطلق في المقام الأول من المصالح التركية في الانضمام لحلف بعينه، ومن قناعة أيضاً بأفول كل ماكانت تعول عليه تركيا من إحداث تغيير نوعي في الميدان السوري خلال سنوات الحرب والذي بلغ في وقت بعينه حد صلاة أردوغان في الجامع الأموي.
السنة الجديدة ستحمل معها ليس فقط نهاية الحرب في سورية، إنما ستشهد سلسة من مسلسل تغيير الخطاب والسلوك العربي وغير العربي تجاه الدولة في سورية، إذ يبدو فيها الأسد المحدد لشكل الحاصل الجديد بين الغفران والأثمان.
*كاتب صحفي فلسطيني
روستوك – ألمانيا
رأي اليوم