كمال خلف: تغييرات دراماتيكية في سوريا
كمال خلف
التصريحات المتكررة من إدارة الرئيس ترامب حول بقاء الولايات المتحدة في سوريا إلى حين مغادرة القوات الإيرانية، تغيرت جذريا، وهذا ما فرض إعادة حسابات كافة الأطراف.
القوات العسكرية ستغادر لكن الولايات المتحدة لن تخرج من المشهد السوري، ثمة من يطرح فرق بين سحب الجنود ، والتخلي عن السياسيات التي يمكن أن تعتمد الولايات المتحدة تنفيذها على أطراف محلية وإقليمية بدون وجود الجنود الأمريكيين . لكن طبيعية القرار الصادم وما أحدثه من انقسامات في إدارة ترامب ستدفع الجهات الفاعلة الإقليمية للاعتماد على روسيا لتحقيق مصالحها.
يدفع قرار الرئيس دونالد ترامب سحب قواته من سوريا المسلحين الأكراد، إلى إبرام صفقة مع الرئيس السوري بشار الأسد لمواجهة أي عملية عسكرية تركية شرقي سوريا. المعلومات تقول ان القادة الكرد حضروا بطائرات مروحية إلى دمشق مساء الخميس الماضي تحت جنح الليل . دون أن يتم الإعلان عن ذلك أو عن طبيعة المفاوضات.
ترامب في تغريدة عبر “تويتر” امس، السبت 22 قال “ينبغي على الدول المحلية الأخرى بما فيها تركيا أن تكون قادرة على الاعتناء بكل ما تبقى . نحن عائدون إلى الوطن”.
ويأتي حديث ترامب بعد يوم من إعلان الرئيس التركي، رجب طيب أدروغان تأجيل العملية العسكرية شرق الفرات لفترة لم يحددها. ولكنه كما قال فرضها المستجدات إذن اختلفت الحسابات التركية وغير التركية في الشمال السوري.
نمط العلاقة بين الثلاثي “التركي الإيراني الروسي” سوف يطرأ عليه تغييرا مع غياب لاعب أساسي ، كان وجوده محدد للكثير من تقاطعات التعاون او الاختلاف بينهم .
مفوض الحكومة الألمانية للشؤون الأمريكية، بيتر باير علق السبت بالقول ان “انسحاب القوات الامريكية من سورية يزعزع توازن القوى في المنطقة باكملها”. جملة تلخص ضرورات إعادة تموضع الأطراف.
صحيفة “راينيشه بوست” الألمانية نقلت عن باير قوله ان “قرار الرئيس الامريكي دونالد ترامب بسحب قواته من سورية يصدم شركاء دوليين، ويجعل القوات الكردية الحليفة وحدها في مواجهة حرب متعددة الجبهات”.
وقال خبير الشؤون الخارجية في الحزب أوميد نوريبور في تصريحات صحفية انه “لم يعد هناك فائدة بعد الآن لطلعات التورنادو فوق سوريا، لأن الصور الاستطلاعية التي تلتقطها موجهة في المقام الأول للأمريكان”.
ألمانيا تشارك في المهمة الدولية ضد تنظيم” الدولة الإسلامية ” في سوريا والعراق عبر طلعات استطلاعية بطائرات “تورنادو” وطائرة التزود بالوقود.
على الجانب السوري ، التحركات سريعة لأن الانتظار وفق رؤية دمشق غير مفيدة بعد قرار الرئيس الامريكي ، فبعد تفعيل التواصل مع القادة الكرد ، “وهؤلاء لديهم معضلة سيطرة قادة جبال قنديل من تنظيم “البيجاك ” على قرارهم السياسي والعسكري”، شرعت دمشق بتحركات على الأرض.
الانباء الواردة من الشمال السوري تتحدث عن سحب جزء من قوات الجيش السوري المرابطة على تخوم إدلب إلى دير الزور بهدف الدخول شرق الفرات والمواجهة العسكرية مع قوات “تنظيم الدولة” هناك شرق الفرات و جنوب مدينة الميادين ، هذا كان ممنوعا من قبل الولايات المتحدة وتعرضت القوات السورية لهجوم مباشر من الطائرات الأمريكية عند محاولتها سابقا عبور النهر.
في الشرق السوري وعلى وقع المستجدات، طلب فصيل سوري مسلح فتح ممر آمن لعبور عناصره من منطقة التنف والمدنيين المتواجدين في مخيم الركبان نحو شمال البلاد. هؤلاء كانوا تحت الحماية الأمريكية.
وحسبما أفادت مواقع تابعة للمعارضة السورية ، فإن” مهند الطلاع ” قائد ما يسمى “جيش مغاوير الثورة” العامل تحت مظلة التحالف الدولي ضمن منطقة الـ55 كم التي تضم التنف في الحماد السوري، أكد تسلمهم قرارا رسميا بانسحاب قوات التحالف من قاعدة التنف وكامل منطقة الـ 55 كم. ما يعني أنهم أصبحوا في العراء ، وأصبح قدرة الجيش السوري على سحقهم مؤكدة.
وأعرب الطلاع عن أمله بفتح ممر آمن لعبور الجيش الحر والفصائل المتواجدة بالمنطقة إلى جانب المدنيين المتواجدين في مخيم الركبان والبالغ عددهم ما يزيد عن 70 ألف نازح نحو الشمال السوري المشهد السوري في حالة تغييرات دراماتيكية سريعة بعد قرار الرئيس ترامب، وكل الأطراف تعيد حساباتها محليا واقليميا ودوليا. وليس أمامنا وقت طويل لمعرفة الشكل النهائي للتموضع الجديد على الخارطة السورية.
رأي اليوم