هل أطاح التقارب التركي ــ الأميركي بقضية خاشقجي؟
ندين عباس
أردوغان استغل الوضع ورسم المعادلات على طريقته، لوّح بعملية عسكرية ضد الكرد شرق الفرات في سوريا، وأكّد أن الشراكة الاستراتيجية مع أميركا تتطلب طرد الجماعات الإرهابية من شرق الفرات في شمال سوريا”، ليبحث في اتصال هاتفي مع الرئيس الاميركي دونالد ترامب العملية العسكرية التركية المرتقبة في سوريا.
ما قبل مقتل الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في تركيا يختلف كلياً بعد مقتله، التفاهمات على الدور التركي بدأت تتضح أهدافها مع الحملة الإعلامية حول الجريمة، وكان هدفها التوصل إلى تفاهمات سياسية مع الرئيس الاميركي الأميركي دونالد ترامب في المقام الأول وتالياً مع السعودية.
أنقرة أعلنت أنها ستذهب للنهاية ولن تتراجع عن سعيها لكشف كافة ملابسات جريمة مقتل خاشقجي وذلك على لسان وزير خارجيتها مولود جاووش أوغلو، أما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فوصف القضية “بالعالمية” بفضل ما قدمته تركيا من معلومات، على حد تعبيره.
أردوغان استغل الوضع ورسم المعادلات على طريقته، لوّح بعملية عسكرية ضد الكرد شرق الفرات في سوريا، وأكّد أن الشراكة الاستراتيجية مع أميركا تتطلب طرد الجماعات الإرهابية من شرق الفرات”، ليبحث في اتصال هاتفي مع الرئيس الأميركي العملية العسكرية التركية المرتقبة في سوريا.
جو التنسيق والانسجام بين الطرفين بعد سلسلة تراشقات كلامية، دفع الخارجية الأميركيّة لابلاغها الكونغرس بموافقتها على صفقة محتملة لبيع أنظمة باتريوت للدفاعِ الجوي والصاروخي لتركيا إضافة إلى تجهيزات عسكرية أخرى، بقيمة 3 مليارات و500 مليون دولار، وفق وكالة التعاون الأمني الدفاعي التابعة للبنتاغون.
وفي السياق نفسه، أبلغ ترامب نظيره التركي أن الولايات المتحدة ستنظر في تسليم أنقرة الداعية فتح الله غولن المقيم لديها.
فضلاً عن ذلك، ترامب وبانسحابه من سوريا أفسح الطريق أمام أردوغان لمواجهة الكرد في سوريا بطريقة اسهل، ليعود ويناقشها جديد مع نظيره التركي، قائلاً في تغريدة له على تويتر ناقشت مع أردوغان جملة من القضايا وعلى رأسها انسحاب القوات الأميركية من المنطقة والتعاطي مع تنظيم داعش، إضافة إلى سبل توسيع التجارة بين البلدين على نحو واسع.
أيام الود بين البلدين لم تقف عند التصريحات والتغريدات بل تطور الوضع لتعلن أنقرة أنها ستستقبل خلال الأسبوع الجاري وفداً عسكرياً أميركياً في زيارة خاصة، ما يلبي هذا الموعد المستعجل الطموح التركي لحسم ملف شرق الفرات سريعاً، في ظل بحث قوات سوريا الديمقراطية عن بديل عن الغطاء الاميركي.
وفي الوقت ذاته الذي تستعد فيه تركيا لاستضافة الوفد العسكري ويدعو أردوغان ترامب لزيارة تركيا العام المقبل، خرج الأخير شاكراً حليفه الأقرب إلى قلبه السعودية على التزامها تمويل إعادة إعمار المناطق التي لا تسيطر عليها بعد الحكومة السورية بدلاً من بلاده، واصفاً إياه “بالأمر الجيد أن تقوم دول ثرية بمساعدة جيرانها بدلاً من دولة عظمى تبعد آلاف الأميال”، مع لحظ غيابٍ تام للرد السعودي.
بمعزل عن ذلك، زيارة الرئيس السوداني عمر حسن البشير اتخذت أيضاً منحى استراتيجياً وربما أتت بموافقة السعودية وترامب، وهو الذي أكد وقوف بلاده إلى جانب سوريا وأمنها، وأنها على استعداد لتقديم ما يمكنها لدعم وحدة الأراضي السورية.
يبدو أن الرئيس أردوغان قد حقق غايته من الحملة الإعلامية التي ضجّ بها العالم بقضية مقتل خاشقجي. فقد بدا منها أنها تتقصّد التوصل إلى تفاهمات إقليمية مع الرئيس ترامب ومشاركة السعودية، التي أعلن أردوغان أنه يسعى إلى تفاهم معها، في الاعتراف بدور تركي مؤثر يحتمل عقد الصفقات السياسية. أمام هذه المتغيرات الكبرى التي أصبحت عليها أنقرة، هل باتت قضية خاشقجي وراءها؟
الميادين