شرق الفرات.. قرارات بالجملة
ميادة سفر
تحاول فرنسا استغلال الفرصة لإيجاد موطئ قدم لها في شرق الفرات، حيث أعلنت عدم ترحيبها بالقرار الأميركي ونيّتها ببقاء قوّاتها في سوريا واستمرار دعمها “قسد”… فهل سيقع ماكرون في الحفرة التي تركها ترامب في شرق الفرات؟
في خطوة متوقّعة لكنها مفاجئة في توقيتها أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قراراً يقضي بانسحاب كافة القوات الأميركية المتواجدة في سوريا، جاء هذا القرار بعد أيام من إعلان تركيا عن التحضير لعملية عسكرية شرق الفرات، الأمر الذي يعتبر صدمة لقوات سوريا الديمقراطية “قسد” التي طالما عوّلت على الوجود والدعم الأميركي والأجنبي لها، فكيف ستتّجه الأحداث وكيف ستحسم معركة شرق الفرات؟ وما هو تأثيرها على مجريات الحل السياسي في البلاد؟.
تحاول فرنسا استغلال الفرصة لإيجاد موطئ قدم لها في شرق الفرات، حيث أعلنت عدم ترحيبها بالقرار الأميركي ونيّتها ببقاء قوّاتها في سوريا واستمرار دعمها “قسد”، التي طالبتها بدورها بفرض منطقة حظر جوّي شرق الفرات خلال زيارة وفد من قادتهم إلى باريس، وهي محاولات لكسب دعم قوى دولية لملء الفراغ الذي سيتركه الانسحاب الأميركي.
فهل سيقع ماكرون في الحفرة التي تركها ترامب في شرق الفرات؟، إذا ما أخذنا بالاعتبار توتّر الأوضاع الداخلية في فرنسا وتواصل الاحتجاجات الشعبية فيها، وبالمقابل تسارع “قسد” إلى مناشدة الجيش السوري لأخذ دوره في الدفاع عن حدود البلاد وأراضيها، والتهديد بالانسحاب من ريف دير الزور لمواجهة التمدّد التركي في الشمال.
لم تعلّق دمشق حتى الآن على الانسحاب الأميركي والذي تعتبره كغيره من القوات المتواجدة من دون إذن منها كاحتلال، وهي تُعلن باستمرار عن عزمها وإصرارها على تحرير كامل التراب السوري من أية قوات محتلة وتنظيمات إرهابية، مؤكّدة، تشعر دمشق بالارتياح على اعتبار أن الوجود الأميركي كان يعني جبهة أخرى مؤجّلة في الصراع من أجل تحرير أراضيها.
أشرنا مراراً إلى أن التعويل على الأميركي غير ذي جدوى، وهذا ما ثبت ذلك بالدليل القاطع، فلم تمض أيام على تصميم تركيا للقيام بعملية عسكرية شرق الفرات ضدّ القوات الكردية، حتى أعلن الأميركي انسحابه الذي اعتبرته “قسد” طعنة في الظهر.
إن تعاقب الأحداث والتصريحات والقرارات يوحي باتفاق تركي أميركي غير مُعلَن، فاليوم تعلن تركيا تأجيل العملية العسكرية الذي يبدو أنه لتجنّب أيّ احتكاك بين الاتراك والأميركان لحين استكمال قوات الأخيرة انسحابها.
انسحاب الأميركي أصاب الكردي والإسرائيلي وربما السعودي في مقتل، وهذا كان واضحاً من ردود فعل تل أبيب عقب الإعلان الأميركي، بينما سارع الكردي إلى احتواء الموقف بالتوجّه إلى باريس، صاعِق المفاجأة الكردية كان واضحاً فكيف ستكون استراتيجيتهم المقبلة في شرق الفرات؟
تبدو ملامح المرحلة المقبلة شبه واضحة من خلال الطلب من الدولة السورية والجيش السوري لأخذ موقعه في الدفاع عن الحدود السورية، وأن قسد لا تمانع في رفع العَلَم السوري في منبج، وربما في مرحلة لاحقة شرق الفرات، وبينما تتسارع الأحداث على الساحة السورية من مختلف الجوانب السياسية والعسكرية، لذلك وانطلاقاً مما يجري تبدو الفرصة سانحة أمام الكرد لإعادة فتح صفحة جديدة مع الوطن الأمّ الدولة السورية، لمواجهة التركي الذي تعتبره دمشق احتلالاً وترفض المشاركة معه في قتال أيّ من مكوّنات الشعب السوري وفقاً لوزير الخارجية وليد المعلّم، فثمّة أصوات كردية ترحّب بذلك وأبواب دمشق لا تزال مُشرَّعة لمَن يودّ، ننتظر قادم الأيام بما ستحمله من تطوّرات وهي بلا شك ستكون نتائجها في سلّة انتصارات الدولة السورية.
الميادين