تفاصيل التشويش “الإسرائيلي” على الرحلة 423 من الرياض الى بيروت فوق سورية
فاطمة سلامة
لا يفوت قيادة الجيش اللبناني أي حادثة انتهاك لسيادة لبنان، سواء كانت براً أو بحراً أو جواً. تلك القيادة متأهبة على الدوام، تراها تُحصي بدقة أي خرق من أي نوع كان، فتسطّر محضراً بالدقائق والثواني، في أرشفة دقيقة للاعتداءات الصهيونية على لبنان. وفي هذا الصدد، تحفل جعبة قيادة الجيش بعشرات آلاف البيانات التي أصدرتها في السنوات الماضية، والتي توثّق الانتهاك الصهيوني للسيادة اللبنانية. تلك الخروقات لا يتوانى لبنان عن عرضها على قوات الطوارئ الدولية “اليونيفيل” التي توصلها بدورها الى مجلس الأمن الذي لا يبدو بوارد التخلي عن حقيقة كونه طرفاً الى جانب “إسرائيل”.
وقد يكون السؤال هنا عن تحرك مجلس الأمن الدولي إزاء الاعتداءات الصهيونية على لبنان، تماماً كـ” دق المي.. وهي مي”. تلك الخلاصة لا تحتاج ذكاء أو دقّة ملاحظة أو حتى فطنةً لاكتشافها، بل واضحة وضوح الشمس. فالمشهد ذاته يتكرّر عند كل مرة تُنتهك فيها سيادة لبنان. وحتى عندما تُصدر بيروت بيان استنكار وتتقدّم بشكوى عاجلة الى مجلس الأمن. فإنّ الأخير يستلم الشكوى، ليضيفها الى “رفيقاتها” من الشكاوى. وأكثر ما يمكن أن يُقدّمه لا يتعدى حدود الإعراب عن القلق أو الإستنكار. هذه “البرودة” في التعاطي من قبل المجتمع الدولي، أعطت الضوء الأخضر لـ”إسرائيل” للعبث بسيادة لبنان، وشدّ الظهر بمجلس الأمن الذي لا يرى الأمور سوى بعين واحدة.
هذه “البرودة” دفعت كيان العدو الى تجاوز الخطوط الحمراء بأشواط. فلا حرج لديه من تكرار ما فعله أول أمس بتعريض سلامة المدنيين للخطر والتسبب بمأساة تطاول عدداً من الطائرات. فبكل بساطة و”برودة أعصاب” وانتهاك سافر للبنان، احتمت الطائرات الحربية الصهيونية بالطائرات المدنية في سماء لبنان خلال شنّها اعتداء على الأراضي السورية، في خطوة قد تسبب كارثة إنسانية، وفق ما عبّر وزير النقل يوسف فنيانوس.
وفيما رفض رئيس المطار فادي الحسن التعليق في حديث لموقع “العهد الإخباري” على الحادثة، أفادت مصادر خاصة موقع “العهد الإخباري” أنّ طائرة “ايرباص 320” تابعة لشركة طيران “الشرق الأوسط” اعتادت على سلوك الخط من الرياض الى بيروت عبر الأجواء السورية، في رحلة مدتها ساعتين وخمسا وثلاثين دقيقة، وتحديداً يوم الثلاثاء في الخامس والعشرين من الجاري بين الساعة التاسعة وعشر دقائق ليلاً حتى الواحدة الا ربعاً. فجأة وبدون سابق إنذار غاب الاتصال مع الطائرة، التي لم تعد قادرة على إرسال واستقبال معلومات أبراج المراقبة في دمشق وبيروت، فسارت الطائرة كـ”العمياء” على غير هدى.
وفي معلومات خاصة بموقع “العهد” الإخباري فإنّ الطائرات الصهيونية المعادية شوّشت على هوائيات شركة “سيتا” “sita” صاحبة برنامج الاتصال بين الطائرات والمطارات، والمسؤولة عن تنظيم الحركة الجوية في العالم عبر برامجها المنتشرة في المطارات. التشويش “الاسرائيلي” على الطائرة، كان لقيام مقاتلات الـ f16 الصهيونية بالتستر خلفها، في خرق لكل بروتوكولات الطيران التي تحدد مسارات كل من الطيران الحربي والمدني، وهذا بحسب المصادر من أخطر ما يمكن أن يفعله العدو. المصادر أكّدت أن الطائرة سارت عمياء بدون أي اتصال مع الأرض لدقائق عديدة، لتتدخل العناية الالهية وينجو لبنان من كارثة حقيقية، بحسب المصادر.
حطيط: لعدم الإكتفاء بالشكوى
الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية العميد المتقاعد أمين حطيط يصف ما حدث من اعتداء “اسرائيلي” على لبنان بالاعتداء الصارخ جداً على سيادة لبنان، والذي سبق وأن حدث أكثر من مرة، ما يستدعي تحركاً أكثر نفعاً من قبل الدولة اللبنانية. وهنا يرسم حطيط خارطة طريق أمام الحكومة اللبنانية من المفترض سلوكها، لتجاوز الصمت الدولي حيال الانتهاكات الخطيرة التي تُسجّل على الدوام. يُشدد المتحدّث على أنّ على لبنان أن لا يكتفي بالادانة لمجرد الادانة والشكوى العاجلة، عليه أن يطلب من مجلس الأمن عقد جلسة طارئة وعاجلة لأنّ سلامة المدنيين في لبنان كانت عرضة للخطر. الاكتفاء بالشكوى يعد خطأ كبيراً. فكيان العدو ورغم أنه معتد على الدوام، غالباً ما يمارس دور الضحية على غرار ما حصل في مسرحية الانفاق. حيث أن إكمال دوره في التمثيل استدعى منه طلب عقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن الدولي استمرت نحو الثلاث ساعات للتشهير بلبنان وحزب الله. وفق حطيط، على لبنان أن يقوم بتحرك أكثر جدية خاصةً أن وزارة الدفاع الروسية سجّلت كل التفاصيل.
من المطالبة بعقد جلسة طارئة، ينتقل حطيط الى ضرورة قبول لبنان بالعرض الايراني بتزويد لبنان منظومة الدفاع الجوي التي تُقفل أجواءه بوجه العدوان، وعليه أيضاً أن يقبل الهبة الروسية لتزويده بالسلاح، لتحصين سيادته، فيما يسعى الغرب بيديه ورجليه لمنع لبنان من امتلاك هذه القوة. لا يُنكر حطيط أن تقديم شكوى عاجلة الى مجلس الأمن هو أمر مهم رغم عدم سماع صدى هذه الشكوى بإجراءات ملموسة، إلا أن مجلس الأمن يبقى بحسب حطيط منبراً مهماً ومنصة دولية لإدانة “إسرائيل” التي تجعل من “الحبة قبة”.
يُشدّد حطيط على أنّ عدم قيام الحكومة اللبنانية بردة فعل مجدية هو تشجيع لكيان العدو للاستمرار باعتداءاته، ما يطرح السؤال حول الضمانة من أن لا تتكرر الحادثة التي شهدناها مؤخراً من جديد؟. وفي هذا السياق، ينتقد حطيط الصمت المطبق لقوى “14 آذار” التي ابتلعت ألسنتها حيال ما حصل، سائلاً: لماذا لم نشهد صوتاً من قياديي “14 آذار”، هل لأن الأمر مرتبط باعتداء “إسرائيلي”؟، لماذا لم نشهد أي تحرك على غرار ما حدث عندما اجتازت قذيفة سورية الحدود في عرسال لمسافة 800 متر؟، مع العلم أنّ القذيفة سقطت في أرض قاحلة ولم تؤد الى سقوط خسائر بشرية، بينما النغمة بانتهاك السيادة اللبنانية استمرت حينها على مدى أيام!!.
العهد