الجمعة , نوفمبر 22 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

الكيان الإسرائيلي يعترف: الرئيس الأسد انتصر وسورية تعود لمكانتها

الكيان الإسرائيلي يعترف: الرئيس الأسد انتصر وسورية تعود لمكانتها
محمد نادر العمري
شكل اعتراف أحد أهم المنابر الإعلامية الإسرائيلية، «ديبكا»، حول انتصار سورية بقيادة الرئيس بشار الأسد، صدمة لدى الرأي العام الإسرائيلي والإقليمي، وخاصة أن هذا الإقرار يأتي من مركز رسمي له ارتباط مع أهم الأجهزة الأمنية والعسكرية في مقدمها «الشاباك» وله مساهمته التي لا تحصى بدعم المسلحين في سورية والترويج لهم إعلامياً.
أعداء سورية قبل أصدقائها يعترفون بنصرها، حتى إن البعض منهم كما سارع لحصارها وعزلها دبلوماسياً منذ ثماني سنوات، هو اليوم يسارع لطرق أبوابها، وتجلى ذلك في ثمار الإنجازات السياسية والدبلوماسية التي بدأت دمشق تقطفها في الأسبوعين الأخيرين من عام 2018، بناء على وقائع ومتغيرات لها انعكاساتها:
1- إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب قواته من الشمال السوري: هذا القرار بغض النظر عن مصداقيته يعبر عن حالة الانكفاء الأميركي بمنطقة الشرق الأوسط من المنظور الجيوسياسي، وهو يعبر عن نصر معنوي في الشكل والمضمون لمحور دمشق والمقاومة وله ترجمة عسكرية وسياسية بدأت تأتي أكلها في مدينة منبج.
2- الهرولة الدبلوماسية لتصحيح مسار العلاقات مع دمشق: من المعلوم أن لسورية قبل الأزمة دوراً في تحقيق توازن سياسي منضبط للمنطقة، فما شهدته التحالفات والاصطفافات السياسية مؤخراً من انشراخات وصراع بين إيديولوجيتها ومحاولة استثمار الأحداث للتوسع في النفوذ، دفع دول الخليج للمسارعة لتصحيح مسار علاقاتها مع دمشق لاحتواء النفوذ التركي الذي نجح في فرض نفسه على الإقليم وهو ينذر الرياض بنقل الثقل السني لأنقرة بضوء أخضر أميركي.
هذا الواقع فرض متغيرين على دول الخليج وخاصة السعودية، الأول هو أن الحاجة للحد من الخطر التركي أصبح في مقدمة أولوياتها، أما المتغير الثاني فيكمن في أن إعادة العلاقات مع دمشق يفرض بالضرورة الحوار مع إيران ما يسهم بشكل كبير في دفع أزمات المنطقة من اليمن وسورية ولبنان والعراق نحو تسويات دبلوماسية وسياسية توافقية.
3- استعادة مدينة منبج للسيادة السورية وإمكانية تعميم هذا النموذج: من الواضح أن استعادة منبج بعد أيام قليلة من الإعلان الأميركي بالانسحاب والمسارعة التركية لشن عدوان على الشمال السوري شكل صفعة مؤلمة للجميع بما فيهم تل أبيب، لأن مشروع الانفصال والتقسيم في سورية دفن قبل أن يولد، ومن ناحية ثانية وصول القوى الكردية إلى أفق مسدود بمشروعهم وسلاحهم ورهانهم على الخارج وبدء حركة التفافهم باتجاه التنسيق والحوار مع حكومة دمشق، ومن ناحية ثالثة احتمالية أن تشهد مناطق شرق الفرات عمليات تسليم وتسلم للمناطق للجيش السوري على غرار منبج نتيجة انتشار الانتفاضة الشعبية المطالبة بعودة المؤسسات الحكومية للاضطلاع بواجباتها وفي مقدمها نشر القوات السورية على طول الحدود، وهذا يسقط الذرائع التركية لغزو الشمال ويحبط المشروع الأميركي القائم على إعلان الانسحاب لخلق فوضى جيوسياسية تحت ما يسمى ملء الفراغ.
هذه المتغيرات فرضت أمراً واقعاً على جميع القوى والأطراف، ولكن الأهم، ما الأسباب التي تقف خلف اعتراف واجهة إعلامية للاستخبارات العسكرية والأمنية للكيان الإسرائيلي بانتصار الرئيس الأسد؟
قد يفهم من هذا الاعتراف أولاً: حجم الصراع الحاصل داخل حكومة العدو الإسرائيلي قبيل إجراء الانتخابات المبكرة واستثمار واقع تراجع القدرات الإسرائيلية في العملية الانتخابية لمصلحة القوى المرشحة، وثانياً: قد تشكل رسائل ضمنية إسرائيلية باتجاه دمشق بالعودة ليس لخط الاشتباك واتفاقية الهدنة لعام 74 بل ﻹعادة استئناف مفاوضات السلام غير المباشرة، والتي قد تطالب بها تل أبيب بداية فك سورية علاقاتها مع محور المقاومة وإخراج قوات هذا المحور من أراضيها وتجميد جبهة الجولان المحتل.
أما السبب الثالث ويبدو أكثر منطقية هو دغدغة السلوك الروسي الذي يبدو اليوم أنه أصبح أكثر تصلباً في موقفه تجاه تحالفه مع دمشق سواء في استعادة سيطرتها الكاملة على أراضيها وعدم السماح للقوى الأجنبية غير الشرعية بإبقاء قواتها لدفع العملية السياسية، وتبني اتفاقات من شأنها رسم وتحديد طبيعة النظام الإقليمي وشكله، وهذا تجلى بصورة واضحة خلال اجتماع وزيري الدفاع والخارجية الروسيين مع نظيرهما التركيين في موسكو بداية الأسبوع الجاري وتقديم مبادرة روسية تتضمن أولاً دعم خيار الحوار السياسي بين دمشق والقوى الكردية بدلاً من العمل العسكري، وثانياً في حال نجاح هذا الحوار المقايضة بسحب سلاح القوى الكردية بالتزام تركيا بسحب المجموعات الإرهابية من إدلب ومصادرة سلاحها.
دمشق تسطر سطور إنجازاتها الدبلوماسية والسياسية القائمة على انتصارات الميدان، وسورية التي فرضت على أعدائها الاعتراف بهزيمتهم هي بحاجة لتغير الواقع الاجتماعي والاقتصادي الداخلي لتمكين هذه الإنجازات ولتلبية تطلعات الشعب السوري الذي لا يمكن لأحد أن ينكر صموده وصبره، فالفساد بجميع أشكاله وغياب المساواة واتساع الهوة بين الطبقات هي ثغرات قد تلجأ هذه الدول لاستثمارها في استهداف سورية مجدداً.
الوطن