المشهد الفرنسي: إنقلاب في الموقف تجاه سورية… من التالي
مع استمرار احتجاجات السترات الصفراء في فرنسا، المتواصلة للسبت التاسع على التوالي، وجه الرئيس ماكرون رسالة عاجلة إلى الشعب الفرنسي أعلن فيها عن بدء “حوار وطني كبير” ابتداء من يوم الثلاثاء المقبل لغاية الـ15 من شهر مارس المقبل.
وبدأ ماكرون رسالته قائلاً إن “الشعور بغياب العدالة أصبح كبيراً ولذلك فمن الضروري إظهار التضامن والمساعدة”، مضيفا أن “فرنسا وأوروبا وأيضا العالم ككل يعيش حالة قلق ويجب تقديم أفكار واضحة ردا على الأزمة”
كما وأكد الرئيس الفرنسي على رفضه للعنف في إشارة واضحة إلى أعمال العنف التي شهدتها مؤخراً مظاهرات السترات الصفراء، معتبراً بأن العنف غير مقبول بتاتاً في دولة المؤسسات، من جانبه أعلن وزير الخارجية الفرنسي، جان-إيف لودريان، يوم الأثنين،في تطور لافت للموقف الفرنسي حيال الأوضاع في سورية أن الرئيس السوري الحالي، بشار الأسد، يمكنه المشاركة في العملية الإنتخابية، مؤكداً أن الشعب السوري وحده هو من يقرر ذلك.
من جهة أخرى نقلت وكالة “فرانس برس” الفرنسية، عن الوزير الفرنسي قوله، أثناء لقائه مع القيادة الأردنية: “إذا كان بشار الأسد مرشحاً، فسيكون مرشحاً. السوريون فقط هم من يجب أن يقرروا مستقبلهم”.
على الطرف الآخر من الأحداث الفرنسية بدأت مارين لوبان زعيمة الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة في فرنسا حملتها لإنتخابات البرلمان الأوروبي التي تجري في 26 مايو/أيار بتوجيه نداء لحركة الإحتجاج الواسعة “السترات الصفراء” التي تهز الحكومة وبحسب “رويترز”، حثت لوبان عشرات الآلاف من المتظاهرين الذين ينظمون إحتجاجات إسبوعية ضد الرئيس إيمانويل ماكرون منذ نوفمبر/تشرين الثاني على جعل إنتخابات البرلمان الأوروبي إستفتاء على سياسات الرئيس ماكرون.
هل إنتقلت الأحداث في فرنسا إلى حلبة صراع سياسي جديدة بين القوى السياسية الفرنسية بسبب هذه الإحتجاجات وإلى مايمكن أن تؤول إليه؟
ماهو الوجه الجديد للسياسة الفرنسية ومن يوجه السياسة الفرنسية في الوقت الحالي، وكيف ومن قبل من يتم تحديدها، أم أن الظروف الناشئة هي التي تحكمها؟
إلى أين تسير فرنسا في ظل المتقلبات الراهنة داخلياً هل يمكن فعلاً أن تسقط حكومة ماكرون في ظل تصاعد الأصوات المطالبة بذلك على المستويين الشعبي والحزبي؟
ماسر الإنقلاب في الموقف الفرنسي تجاه الأحداث في سورية هل يمكن أن نعتبره هروب من الأحداث الجارية أم قناعة كاملة بحقيقة أن الواقع السوري فرض نفسه؟
حول تطورات الأحداث في فرنسا والمآل الذي يمكن أن تؤول إليه في ظل المتغيرات والمستجدات الحالية يقول الإعلامي والكاتب السياسي رئيس تحرير موقع “ميدلاين نيوز” في باريس طارق عجيب
“الاحتجاجات بشكلها الجديد وبعد انحسار جناح العنف والذي كان يتدخل ويقوم بأعمال عنف مستغلاً هذه الاحتجاجات ليقوم بأعمال عنف، باتت هذه الاحتجاجات أكثر تأثيراً على الرئيس ماكرون وعلى الحكومة الفرنسية لجهة تلبية مطالب المحتجين، والحصول على عتبة مكاسب أكبر للمحتجين الحقيقيين الذين خرجوا للأسباب التي رفعوها من أجل زيادة القدرة الشرائية وخفض الضرائب. وما يمثل من موضوع الديمقراطية والكثير من المطالب الأخرى. وهناك احتمالية أكبر لتحقيقها بعد أن اتخذوا المسار الحقيقي للاحتجاج والاعتصام والمتابعة، خاصة أن هناك فرقاً كبيراً بين الاحتجاجات في الأسبوع الأول من بداية العام والتي وصلت إلى 35 ألفاً بينما وصلت يوم السبت الماضي إلى أكثر من 84 ألف محتج”.
أما فيما يخص الأوضاع السياسية في ظل الظروف الناشئة يقول عجيب:
“في الحقيقة هناك إنخفاضاً كبيراً لشعبية الرئيس ماكرون، وشعبية حكومته، بناء على معطيات بعض إستطلاعات الرأي. وأنا لا أعتقد أنه قد يكون هناك أي حدث مهم قبل إنتهاء الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس ماكرون، وأعتقد أن هذا الحوار سيكون له شقاً سياسياً مهماً وخاصة أنه ستشارك فيه جميع القوى والأحزاب السياسية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. من بعد ذلك سوف تتبلور النتائج أو تظهر بعض المعطيات التي يمكن البناء عليها لمستقبل النظام الفرنسي، أو الحكومة الفرنسية ونظام ماكرون. شخصياً أعتقد أن هذا سوف يكون مؤجلاً إلى مابعد شهر آذار المقبل”.
حول سر الإنقلاب في الموقف الفرنسي تجاه الأحداث في سورية، ومدى إنعكاس وتأثير الوضع الداخلي الفرنسي والمعطيات التي فرضها الواقع السوري على تصريح لودريان يقول عجيب:
“أعتقد أنه على مستوى الحراك الذي تقوم به السترات الصفراء ليس هناك تأثيراً كبيراً على القضايا الخارجية، ولكن توقيت التصريح قد يكون لإضافة إتجاه جديد وإعطاء صورة بأن فرنسا صاحبة دور فاعل ولها حضور كبيرعلى الساحة الدولية، وأنها لاتزال قوية ولها كلمة. بطبيعة الحال أيضا هو عامل دعم لمكانة الدولة الفرنسية وصورة الرئيس ماكرون ودعمه سياسياً وبالتالي تدعيم مكانة فرنسا التي تسعى إليها الحكومة الفرنسية، لان ذلك يصب في صالحها سياسياً، لكن المعطيات الجديدة التي فرضتها الدولة السورية وفرضها الواقع السوري المستجد هي التي لعبت الدور الأكبر في مثل هذا التصريح ، لأن هناك وعياً تجاه هذه القضايا، ودائماً كان هناك مصطلح منطقي تستخدمه أوروبا وهو مصطلح “الواقعية السياسية” وأنها تتعاطى بواقعية سياسية مع الأحداث التي تجري على الساحة العالمية، وهذا مايحدث لجهة التعامل مع الأزمة السورية.
نحن نلاحظ أن الأمريكي والأوربي كانا دائماً يستخدمان مصطلح أن الشعب السوري هو من يقرر مصيره السياسي وهو من يحدد من يحكمه، لأنها عتبة أو طريق رجوع، يعني عندما يصّلون إلى أنه أوقع في يدهم أنهم لن يستطيعوا فرض مشروعهم ولا أن يحققوا مصالحهم وأهدافهم في إسقاط الدولة السورية والنظام السياسي في سورية ويستندون إلى هذا المسار للعودة إلى ماتفرضه الوقائع على الأرض وحقوق الشعب السوري والدولة السورية.
هذا التصريح يعتمد على شقين ، لهذا السبب أعتقد أن الشق الداخلي في هذا التصريح هو الشق الضعيف رغم أنه يعطي صورة بأن هناك إنجازات للحكومة الفرنسية وللرئيس ماكرون”.
إعداد وتقديم: نواف إبراهيم/سبوتنك
Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73