مشروع بحثي يكشف عورات “أم الفقراء” و أزمة مصدر لقمة السوريين
بمقدار الـ 8 أضعاف كانت التكلفة أعلى، حينما تم تقدير المساحة المزروعة والإنتاج لمحصول القطن في سورية بأسلوب العينة العشوائية، مقارنة بأسلوب الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافي، هذا ما خلصت إليه دراسة أهمية وضرورة تطبيق التقنيات الحديثة في قطاعنا الزراعي، مما يعني أننا باتجاه مرحلة مختلفة في الاقتصاد الزراعي ستؤدي لتحقيق وفورات ماليه كبيرة جداً، ناهيكم عن مرحلة متوازية لا تقل أهمية عن الوفر بالتكاليف، التي كانت تنفق على في القطاع، وهي التمكن من الوصول إلى رقم إحصائي دقيق يسمح لإدارتنا الزراعية بتحديد أكثر دقة لسياساتنا الاقتصادية والتسوقية في المجال الزراعي، بخلاف ما كان يتم سابقاً، حيث كانت التقديرات الشخصية والعامل البشري المرجعية الرئيسية التي تبنى عليها تلك السياسات والخطط.
بهذه الترجمة العملية المُختزلة الوافية بدلالتها ومؤشراتها الاقتصادية، بين المهندس عبد الله فرهود مدير مشروع مسح الموارد الطبيعية والزراعية في سورية باستخدام تقنيات الاستشعار ونظم المعلومات المختصر تسمية بـ”سنارز” -في وزارة الزراعة- أهمية المشروع الذي وافقت الحكومة على متابعة المرحلة الثالثة منه بدءاً من هذا العام 2018 حتى 2025، بعد إنجاز مرحلته الأولى قبل الأزمة وتعثر مرحلته الثانية خلالها، حيث كان من المفترض لولا السنوات السبع من الأحداث إنهاء المرحلة الثالثة للانطلاق مباشرة بمرحلة أكثر تطوراً لقطاعنا الزراعي.
دق تفوق..
إذاً نحن على موعد.. فبعد إنجاز المشروع كاملاً، سيكون بإمكاننا عنده القول: إن حسابات حقلنا وبيدرنا الزراعي ستتطابق إلى حد كبير، وهذا ما تؤكده الدقة الرقمية الإحصائية التي ستفوق الـ95% نتيجة لتطبيقات تقنية “الاستشعار والنظم” بحسب مدير “سنارز”، الذي أكد أن مخرجات المشروع ستوصلنا إلى التحديد الدقيق لمستلزمات الإنتاج والتسويق الزراعي وبشكل أكثر واقعية لاحتياجات ومخرجات هذا القطاع، وبالتالي لاحتياجاتنا منه، وفي كل جانب من جوانبه.
ثلاثية رئيسة وأساسية يسعى إلى إليها القائمون والعاملون في “سنارز”، وهي تصويب رقمنا الإحصائي، واستعمالات الأراضي، والمساحة المحصولية، أي ما معناه الوصول إلى معطيات تمكنهم من وضع الخطط الزراعية بشكل ومضمون أكثر دقة وواقعية، وتناسب الاحتياجات والموارد المتاحة.
سداسية أهداف
وحول الأهداف التي سيتم العمل على تحقيقها في المرحلة الثالثة من المشروع، أوضح فرهود أن هناك 6 أمور سيشتغل عليها، وهي: متابعة العمل في برنامج حساب مساحات المحاصيل مع تطوير المنهجية المستخدمة في حساب مساحات المحاصيل بما يتلاءم مع التركيب المحصولي ومساحة الحيازات في كل محافظة، وإنتاج خرائط انتشار وتوزع المحاصيل المستهدفة، وأيضاً متابعة العمل في برنامج تقدير غلة المحاصيل بما يناسب خصوصية كل منطقة، وكذلك استكمال إعداد خرائط استعمالات الأراضي “ميزان الأراضي لكامل القطر على المستويات الإدارية المختلفة”، وإنتاج خرائط انتشار وتوزع الغابات والحراج على المستويات الإدارية المختلفة، إضافة إلى إعداد الخرائط الغرضية ذات الأهمية الخاصة لوزارة الزراعة (الآبار، الأشجار المثمرة، والزراعات المحمية..) في القطر، وتقدير الحمولة الرعوية في البادية وإعداد الخرائط الغرضية الملائمة (للمراعي والمحميات).
“منجزات” تسمح..
أهداف برأي مدير المشروع ستكون بمتناول اليد نظراً للمنجزات التي تحققت خلال المراحل السابقة، وهو ما شجع الاستمرار بـ”سنازر” وجعل الحكومة توافق على تنفيذ مرحلته الثالثة، حيث تم إنجاز 10 موضوعات شملت وضع خرائط استعمالات الأراضي والغطاء الأرضي لمحافظات الرقة- الحسكة- دير الزور- السويداء- اللاذقية- طرطوس (خارطة أولية)- منطقة سهل الغاب (مشروع الأغروبوليس).
وكذلك وضع منهجية حساب مساحة المحاصيل الرئيسية في محافظات الرقة والحسكة ودير الزور والسويداء، وتقدير المساحة باستخدام هذه المنهجية وتطويرها، ومنهجية تقدير غلة المحاصيل الرئيسية وتطوير هذه المنهجية في محافظات الرقة والحسكة ودير الزور والسويداء والبدء بالعمل عليها في طرطوس (سهل عكار).
كما تم إنجاز إعداد خرائط الحراج والأشجار المثمرة في محافظات ريف دمشق واللاذقية، وإعداد خارطة توزع مراكز تسويق الحبوب والصوامع والمطاحن لصالح المؤسسة العامة لتسويق وتجارة وتصنيع الحبوب، وأيضاً إعداد دليل مخططات تصنيف الأراضي، وتحديد مقدرتها الإنتاجية والمخططات الخاصة وبها، ورقمنة هذه المخططات وتطوير تعليمات الدليل من خلال إصدار البلاغ 24/15/ب لعام 2014 بهدف الحفاظ على الأراضي الزراعي من التعدي عليها بالبناء غير المنظم، والبدء بمشروع حماية مخططات المقدرة الإنتاجية بالتعاون مع الهيئة العامة للاستشعار عن بعد، وإنجاز حماية مخططات محافظتي السويداء وطرطوس والعمل جارٍ على محافظتي اللاذقية والسويداء.
أما على صعيد التأهيل والتدريب فتم تدريب عدد كبير من كوادر وزارة الزراعة في الإدارة المركزية والمحافظات، وكوادر الهيئة العامة للاستشعار عن بعد، على تقنيات الاستشعار والنظم الرافدة لاستخدامها في المجال الزراعي، وقد تجاوز عدد الدورات في المرحلتين السابقتين 100 دورة تدريبية، وعد المتدربين وسطياً 15 – 25 متدرباً في كل دورة، إضافة إلى تشجيع عدد من الفنيين على إعداد رسائل الماجستير والدكتوراه في مجالات مرتبطة بعمل المشروع.
تحولات ستكشف..
إذاً تحولات هامة منتظرة سيشهدها قطاعنا الزراعي، نأمل أن تعيد سورية إلى مكانتها الزراعية لكونها بالأصل بلداً زراعياً وفق المقاييس الاقتصادية الحقيقية، حيث كانت الزراعة تشكل فيها ما نسبته أكثر من 17% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2010، بعد أن كانت النسبة نحو 23% قبل سياسات النيو ليبرالية التي انتهجتها حكومات ما قبل الأزمة، من خلال تقديمها الريعي على الإنتاجي، مما أدى إلى تشوهات اقتصادية وتشغيلية؛ فقد أشارت دراسة أرقام الأراضي المستثمرة زراعياً ما بين عامي 2000 و2010 إلى ثبات نسبي في مساحاتها، مع نمو طفيف فيها أو حتى تراجع في بعض الأعوام، كما لوحظ – بحسب المجموعات الإحصائية الرسمية- أن الإحصاء المركزي للأعوام من 2003 إلى 2010 للمساحات المستثمرة (سقياً وبعلاً)، بين ارتفاعاً طفيفاً في المساحات المروية، مقابل ثبات المساحات البعلية، غير أن أكثر ما يلفت الانتباه هو الانخفاض الحاد لإحصاءات العاملين في حقل الزراعة في تلك الأعوام، إذ تناقصت نسبة العاملين في الزراعة من 30% من مجموع القوى العاملة في سورية عام 2002، وبشكل حاد إلى 26% عام 2003، وليزداد الانخفاض إلى 17% عام 2004، ليصل في 2010 إلى نحو6%.
أرقام ونسب وإحصائيات ستكون أكثر دقة – بفضل سنازر- وربما سنفاجأ بالأكثر على غير صعيد وخاصة لناحية الاحتياجات والمستلزمات الحقيقية والتكاليف وكم الهدر، ومع ذلك فجل ما نأملة هو أن تكون غلال هذا القطاع على القدر المتوقع من “سنازر” من نتائج، لا شك (في ضوء المؤشرات الأولية) أن ما سيكون بعده ليس بمثل ما كان قبله مطلقاً.
المصدر :البعث